في الوقت الذي تعاني فيه جميع دول العالم من ركود اقتصادي حاد حاليا بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، تستمر مصر في تحقيق مؤشرات إيجابية في زيادة الصادرات، مقابل تراجع الواردات بشكل كبير، نتيجة قرارات الحكومة الاقتصادية لدفع عجلة الإنتاج في كل القطاعات. وبحسب مؤشرات التجارة الخارجية لمصر، خلال الربع الأول من عام 2020، بلغ حجم زيادة الصادرات المصرية غير البترولية 2%، فيما تراجعت الواردات بنسبة 24%، ما أدى إلى انخفاض العجز في الميزان التجاري لمصر بقيمة 4 مليارات و566 مليون دولار، أي بنسبة تراجع بلغت 39% عن الفترة نفسها من العام الماضي. وحققت الصادرات المصرية غير البترولية زيادة طفيفة سجلت 6 مليارات و728 مليون دولار، مقارنة بنحو 6 مليارات و580 مليون دولار، خلال الفترة نفسها من عام 2019، وبقيمة بلغت 148 مليون دولار، بينما شهدت الواردات تراجعا كبيرا، حيث سجلت 13 مليارا و814 مليون دولار، مقابل 18 مليارا و233 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي بقيمة انخفاض قدرها 4 مليارات و419 مليون دولار. يأتي زيادة حجم الصادرات المصرية إلى الخارج خلال عام الربع الأول من عام 2020، في وقت تسعى فيه الحكومة إلى زيادة حصيلتها من العملات الأجنبية للحفاظ على رصيد الاحتياطي في ظل أزمة فيروس كورونا التي ضربت الاقتصاد العالمي. ويرى الدكتور مصطفى أبو زيد مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن هذه المؤشرات تدل على أن الدولة المصرية تسير في الطريق الصحيح، في حين أنه لا يزال أمامها فرص كبيرة لزيادة الصادرات، خلال الفترة المقبلة من العام الحالي. وأرجع أبو زيد، ل"الوطن"، أسباب استمراراد زيادة الصادرات مقابل تراجع الواردات إلى جهود الدولة وقراراتها الاقتصادية لمواجهة تداعيات أزمة كورونا واستمرار عجلة الإنتاج وتشجيع الصناعات المحلية. ويضيف أن زيادة الصادرات في ظل أزمة كورونا التي ضربت الاقتصاد العالمي خطوة لتنفيذ استراتيجة مصر التي تهدف للاعتماد على المنتج المحلي، وفتح أسواق تصديرية جديدة وبخاصة بعد غلق المصانع في عدد من الدول جراء انتشار فيروس كورونا. ويشير إلى أن قرارات الحكومة الاقتصادية ساهمت بقوة في استمرار عجلة الإنتاج والحفاظ على أسواق الدولة التصديرية، وزيادة الاعتماد على المنتجات المحلية لتغطية احتياجات السوق المحلية. وفي السياق ذاته، يقول الدكتور رشاد عبده رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، إن زيادة الصادرات المصرية مقابل تراجع الواردات يؤكد تعافي الاقتصاد المصرى، مطالباً الدولة بضرورة استغلال فرص زيادة السوق التصديرية وبخاصة في الدول الأفريقية. ويضيف عبده، ل"الوطن"، أنه يجب استغلال توقف انتاج المصانع في دول عديدة بسبب انتشار فيروس كورونا، وعلى قطاع الصناعة بما يمتلكه من مقاومات كبيرة أن يتجه لفتح أسواق جديدة حول العالم وبخاصة في أفريقيا. وتوقع عبده أن نسبة زيادة الصادرات المصرية في جميع القطاعات مرشحة للارتفاع خلال الفترة المقبلة بعد قرارات الدولة الاقتصادية لتشجيع عملية استمرار الانتاج وتحفيز المستثمرين والمصنعين وتخفيف تداعيات أزمة كورونا. وبدوره، يعتبر محمد عبدالعاطى، الخبير في مجال الاستثمار والتنمية الصناعية، أن استمرار زيادة الصادرات المصرية في مقابل تراجع الواردات دليل على أن مصر يمكنها الاعتماد الكلي على المنتج الوطني ليحل محل المستورد في السوق المحلية. وأكد عبدالعاطي، ل"الوطن"، أنه رغم انتشار فيروس كورونا الذي تسبب في ركود اقتصادي عالمي فإن زيادة الصادرات المصرية يؤكد نمو الاقتصاد المصري ونجاح خطط الدولة في مواجهة الأزمة. ويرى عبدالعاطي أن الدولة تستطيع حاليا استبدال كل المنتجات المستوردة إلى منتجات مصرية 100% لتلبية احتياجات السوق المحلية وفتح أسواق تصديرية جديدة خاصة في ظل غلق العديد من المصانع في عدد من الدول بسبب انتشار فيروس كورونا. ويضيف أنه يجب استمرار العمل على زيادة الانتاج المحلى للاستفادة منه لتغطية السوق المصري، وزيادة الصادرات في ظل غلق الدول الاقتصادية الكبري للمصانع وتوقف انتاجها. ويشير عبدالعاطي إلى أن القرارات الاقتصادية التي تتخذها الدولة لاستمرار الإنتاج يحفز المصنعين والمستثمرين، ويجب التوسع في تشجيع المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحفيز المنتج المحلى مع مراعاة معايير الجودة ليكون بديل المستورد.