نظرت حولي فتأملت أحوال الأطفال والشباب؛ فلم أجد البراءة إلا نادرا, و لم أجد التربية إلا في بعض الحالات –النادرة الحدوث-, ولم أجد الشهامة إلا في حالات خاصة، وفي غالب الأحيان لا تظهر تلك الشهامة المرجوة. تعجبت.. ما الذي حدث للأطفال، وما الذي أصاب الشباب، وما الذي دمر الرجال؛ هل هو المجتمع , هل هو انفتاح الفكر , تغير الثقافة , التأثر بالغرب أم هو انعدام لوجود الأهل في حياة الشاب، أم هو كرها في الاخلاق , أم هو فقدان معني الرجولة الحقيقي الذي يتمثل كليا في شخصية الرجل, في قوله الذي يناسب فعله, في نظرته للمرأة، واحترامها، ومعاملتها تلك المعاملة التي تليق بطبيعتها الرقيقة، وتناسب نفسها المترفعة، واحساسها المرهف. ولكن.. أين نجد هذا في عصر قتلت فيه الطفولة, وانعدمت فيه التربية, وضاعت فيه شهامة الرجال. نظرت إلي جانب آخر, نظرت إلي علاقات الناس مع بعضها البعض, فرأيت العنف والتعنيف, رأيت الكره والبغض؛ رأيت الغير والحقد, رأيت السباب و الشتائم, رأيت معني الحب يدمر, يفتت, و ينحصر في مجرد علاقة عابرة ساذجة تافهة ما بين اثنين لا يتمتعان لا بالشخصية، ولا الفكر الناضج السليم، ولا الفهم الصحيح لمعني الحب الرفيع , فنجدهم اليوم معا و الغد مع غيرهما, وربما افترقا لأن أحدا منهما نسي ان يكلم الاخر هاتفيا كل ثلاث دقائق و عشر ثواني. ولكن حديثي هذا لا يعني أن الرحمة ليست موجودة, وأن المودة ماتت, وأن التسامح ليس علي قيد الحياة , و طيب الكلام قد انقرض, فمازال هناك من يحبون بعضهما حقيق الحب, حبا ليس فقط قائما علي الشكل الخارجي الزائل بل علي روح, شخصية , عقل , فكر كل منهما و لكن ندرت هذه العلاقات الطيبة كثيرا و لا نجد هذا الحب عادة الا في بعض الحالت الفريدة النقية, مما جعلني أتعجب كثيرا لاحوال الناس العجيبة ,"هم مالهم", مما جعل الحياة في مجتمعنا هذا صعبة الاستمرار, متأزمة المشاكل , ضعيفة الأمان محزنة للقلب و العقل, ولكن ليست قادرة علي سحق الامال , أو قتل الرجاء في أن تتحسن الاوضاع. فليسع كل منا علي تجميل الحياة , علي بعث الأمل؛ فليفيق الأهل لأطفالهم, فليحتووا شبابهم, فليعود الرجال إلي رشدهم؛ فليبدأ كل منا بنفسه.