أسعار الأسماك والخضراوات والدواجن.. 20 يوليو    العشائر السورية تعلن إخراج كل مقاتليها من السويداء    في الساعات ال24 الأخيرة: 136 شهيدا في حرب الإبادة والتجويع المتواصلة على قطاع غزة    سعر الذهب اليوم الأحد 20 يوليو 2025 بعد ارتفاع البورصة العالمية وعيار 21 بالمصنعية    أستاذ مناهج يُطالب بتطوير التعليم الفني: له دور كبير في إحداث التنمية (فيديو)    التقديم مفتوح في المعاهد الصحية العسكرية 2025 للطلاب والطالبات.. تفاصيل وشروط القبول    الدفاعات الجوية الروسية تُدمر 15 طائرة مسيرة أوكرانيا    مقررة للنواب.. ترامب يقترح إلغاء عطلة مجلس الشيوخ الأمريكي في أغسطس    عمرو حمزاوي: الشرق الأوسط يعيش «مغامراتية عسكرية».. والقوة لن تحقق الأمن لإسرائيل    مصدر يكشف لمصراوي التفاصيل المالية لانتقال وسام أبو علي إلى كولومبوس الأمريكي    آخر أخبار نتيجة الثانوية العامة 2025 و«التعليم» تكشف التفاصيل    متحدث التعليم: فرصة التحسين في البكالوريا اختيارية ورسومها 200 جنيه فقط    استقالة الرئيس التنفيذي لشركة أسترونومر بعد جدل فيديو حفل كولدبلاي    توقعات الأبراج حظك اليوم الأحد 20 يوليو 2025.. طاقات إيجابية وتحولات حاسمة بانتظار البعض    أحمد شاكر: اختفيت عمدا عن الدراما «مش دي مصر».. وتوجيهات الرئيس السيسي أثلجت صدر الجمهور المصري    ب9 آلاف مواطن.. مستقبل وطن يبدأ أولى مؤتمراته للشيوخ بكفر الزيات    لمواجهة الإعصار "ويفا".. الصين تصدر إنذارًا باللون الأصفر    صفارات الإنذار تدوي في غلاف غزة    أحمد شاكر عن فيديو تقليده لترامب: تحدٍ فني جديد وتجربة غير مألوفة (فيديو)    في حفل سيدي حنيش.. عمرو دياب يشعل المسرح ب"بابا"    موعد بداية شهر صفر 1447ه.. وأفضل الأدعية المستحبة لاستقباله    دعاء الفجر | اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك    العلاقات المصرية الإفريقية.. رؤية استراتيجية متجددة    تراجع جاذبية ودائع «المركزى» يعيد رسم توجهات السيولة بالبنوك    سعر طن الحديد والأسمنت اليوم في مصر بعد هبوط كبير تجاوز ال1300 جنيه    اليوم محاكمة 12 متهمًا في قضية «رشوة وزارة الري»    «دماغه متسوحة.. وطير عربيتين ب 50 مليون».. مجدي عبدالغني يشن هجومًا ناريًا على أحمد فتوح    «اتباع بأقل من مطالب الأهلي».. خالد الغندور يكشف مفاجأة عن صفقة وسام أبوعلي    لويس دياز يبلغ ليفربول برغبته في الانتقال إلى بايرن ميونيخ    «احترم النادي وجماهير».. رسالة نارية من نجم الزمالك السابق ل فتوح    "عنبر الموت".. شهادات مروعة ..إضراب جماعي ل 30قيادة إخوانية وسنوات من العزل والتنكيل    الملاك والمستأجرون وجها لوجه في انتظار قانون الإيجار القديم    هيئة الطرق والكباري ترد على شائعة توقف العمل بكوبري الميمون ببني سويف    مصرع 3 أطفال غرقا داخل حوض مياه بمزرعة بصحراوى البحيرة    حالة الطقس اليوم الأحد في مصر.. «الأرصاد» تحذر من الشبورة وأمطار خفيفة على هذه المناطق    "روحهم كانت في بعض".. وفاة شخص أثناء محاولته اللحاق بجنازة والدته ببني سويف    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب شمال إيران    ضبط 3 وقائع في أقل من 48 ساعة.. الداخلية تتحرك سريعًا لحماية الشارع    مفتي الجمهورية ينعي الأمير الوليد بن خالد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    جولة تفقدية لرئيس جامعة القناة على شئون التعليم والطلاب    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة براتب 8 آلاف جنيه | تفاصيل    الكونغو الديمقراطية و«إم 23» توقعان اتفاقًا لوقف إطلاق النار    علاء مبارك يرد على ساويرس: عمر سليمان «كان رجل بمعنى الكلمة»    حنان ماضى تعيد للجمهور الحنين لحقبة التسعينيات بحفل «صيف الأوبر» (صور و تفاصيل)    ماركا: بعد تجديد كورتوا.. موقف لونين من الرحيل عن ريال مدريد    نجم الزمالك السابق: عبدالله السعيد يستطيع السيطرة على غرفة الملابس    تجنبها ضروري للوقاية من الألم.. أكثر الأطعمة ضرراً لمرضى القولون العصبي    هل يؤثر إضافة السكر الطبيعي على كوكاكولا؟ رد رسمي على تصريحات ترامب    شائعة بين المراهقين وتسبب تلف في الكلى.. أخطر أضرار مشروبات الطاقة    ب"فستان جريء".. أحدث جلسة تصوير ل جوري بكر والجمهور يغازلها    حدث بالفن | رقص هيدي كرم وزينة في الساحل وتعليق أنغام على أزمتها الصحية    محمد ربيعة: عقليتى تغيرت بعد انضمامى لمنتخب مصر.. وهذا سبب تسميتى ب"ربيعة"    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصَّوْمَلة الصغرى
نشر في الوطن يوم 19 - 04 - 2014

تفككت دولة الصومال نتيجة لحكوماتها الفاشلة، حكومات أفشت الفساد ورسّخت الديكتاتورية، فضربها الفقر والجهل وتعملقت العنصرية الداخلية. تركوا انتماءهم لدولة الصومال وتخندقوا فى القبلية السلبية، تشرذمت الصومال وانهارت، صارت شظايا متناحرة ومسخاً يجلب الشفقة، ثم انحدرت لما هو أدنى، توالد التطرف الدينى من داخلها وهاجمها من خارجها. تطرف ادعى أنه يحمل راية الإسلام وأنه المنقذ من الدمار. رُدِمَتْ سماحة الدين وفرض التدين الظاهرى الغليظ. اختبأ المتطرفون خلف الشعارات والتأويلات الشاذة؛ ليداروا تشوهات فكر مريض وعاهات النفوس. حملوا السلاح وذبحوا بقايا السلم والسلام فى هذا البلد المبتلى. العصابات المتأسلمة زادت من فقر الصومال وجعلت شعبها مسوخاً إنسانية، تجلب الحسرة، تحول الجَمال الصومالى لقبح يندى له الجبين. وكالعادة انقلبت تلك الجماعات على بعضها وأعملت فى نفسها القتل، تماماً مثلما يحدث فى العراق وسوريا وغيرها. هذه هى الدول التى تَصَوْمَلَتْ فصارت عاراً على المسلمين والإنسانية.
لا أظن أن مصر ستكون هكذا؛ فشبح الصَوْمَلة ما زال بعيداً، وإن كنا بالفعل فى خانة الصَوْمَلة الصغرى التى يمكنها أن تؤدى للكبرى المفجعة لا قدر الله. فما هى الأسباب التى طالتنا فأتعبتنا فى مصر وأرعبتنا وجعلت كيدنا فى نحرنا؟ إنها سلسلة الحكومات الفاشلة من 1952. أنتجوا المئات من الشعارات البراقة والخطب الرنانة مع أفعال أقلها جيد وأغلبها ردىء. ابتلينا بنموذج متوالٍ لزعيم كاسح وشعب كسيح، زعماء خنقوا العنفوان المدنى حتى أزهقوه، جاعلين كل السلطات بين أياديهم القاسية، ثم كان الشعار الأساسى الذى مهد طريق الصَوْمَلة الصغرى، وهو فرض أهل الثقة وإقصاء أهل الخبرة؛ فخسرت مصر الكفاءات، صارت الكفاءات فى الدرجة الثانية والثالثة والأخيرة من الاهتمام، وتصاعدت أفواج المنافقين ليحتلوا أغلب المراكز الحساسة. وبعدها شاع الأمر، فصارت مصر كلها تسير على هذا المنوال الفاشل. انظر لكل السلطات فى الدولة، تجد الأبناء والأقارب والأتباع هم الذين يتولون أعلى المناصب، أو على الأقل يزاحمون الكفاءات ويضعونها فى الهامش، فكيف تكون الدولة وكيف يكون حالها؟ حالها يغنى عن السؤال. لقد وصلت مصر إلى حافة الخطر، وتحول شعبها ذو التاريخ المجيد، لمتلقى إعانات. لا يجب أن نستثنى فترة عن فترة، فنحن منذ 52 حتى المجلس العسكرى تحت حكم جمهورية واحدة، تعددت مراحلها من سيئ لأسوأ، أو من أسوأ لسيئ حسب اقتناع كل قطاع بزعيم ما من الزعماء الذين ابتلينا بهم. وبعد الجمهورية الأولى، أتى عام الرماد، عام الإخوان الكاذبين وفيه بالفعل كادت مصر تنسلخ من مصريتها التليدة لتكون التابع الأذل، لولا 30 يونيو التى أنقذت 25 يناير وكلتاهما ثورة واحدة على موجتين عظيمتين، وندعو الله أن يلهم مصر بنجاح خارطة الطريق، فلا تحتاج لموجة ثالثة.
نعود للصَوْمَلة الصغرى. الرؤساء أمطروا الوطن بقوانين لنفاق الشعب، فكانت وبالاً على الشعب، وإن زادت من شعبية الرؤساء لفترات عدة، مثل قوانين السكن الجائرة وغيرها، فاشتبك أصحاب العقارات مع السكان، وأصحاب الأراضى الزراعية مع المستأجرين، وأصحاب الأعمال مع العمال. الجماعات المتأسلمة يكفرون الشعب ويكفرون بعضهم، والمثقفون يخونون أنفسهم. والليبراليون فى وهم دوائرهم الضيقة والقنوات الفضائية يتصايحون بلهو الحديث، ثم ضاقت حلقات الخناق والتفتيت، فكان الفنيون ضد الموظفين والموظفون ضد الإدارة العليا، فقراء فوق خط الفقر ضد فقراء تحت الخط. الطبقة المتوسطة اكتشفت أن الصعود للأعلى ليس بالكفاءة، لكن بالتقرب زلفى والنفاق، فتزلفت ونافقت فانكسر أجمل وأقوى ما فيها، وهو الطموح العلمى والعملى. الأغلبية تحقد على الأغلبية. ومع أهل الثقة، زادت المركزية القاهرية. صارت القاهرة المركز ضد أقاليم مصر، وأُهْمِلَت المحافظات الحدودية تماماً وصارت منفى. تطَوّر صِدام قبلى ضد بحرى، وأبناء المدن ضد أبناء الأقاليم، والمحافظات ضد بعضها، مما يقال عنه (صدام المحافظات) ونسمع كلنا النكات على أهل الصعيد فنضحك مقهقهين، والسخريات من النوبيين فنبتسم فى تعالٍ، وضد الفلاحين فلا نمانع. فكان (صدام الثقافات الفرعية) ونحتقر أصحاب الأعمال البسيطة، مثل رافعى القمامة وغيرها، فلا نبالى بإنسانيتهم، ولا بإنسانية أطفال الشوارع وهم مأساة مفجعة. شعب فى صدامات متنوعة نعض بعضنا بعضاً. وحين دخل القطاع النوبى فى حرب الصَوْمَلة، فزعت البلاد سُلطة وشعباً، فأغلبنا لم يقرأ الانهيارات المدوية ويتوقع نتائجها. والسبب أننا ندمن الأحلام، وجعلناها الواقع البديل، غرقنا فى التدين الكاذب، وننتظر من السماء أن ترخ علينا المَن والسلوَى، ألسنا ندعو الله كثيراً، ونتزاحم فى المساجد. لكننا نخرج منها لنتشاتم ونتقاتل، ونبعد العقل ونحتضن النقل، وننسى العلم والعمل، ننسى (اقرأ)؟!
الدول من حولنا تنطلق، من كانوا خلفنا صاروا قبلنا، مثل كوريا الجنوبية التى لا تعرف المساجد، وماليزيا متعددة الديانات. وإندونيسيا التى تحوى أكبر شعب مسلم، لكنها تعرف قيمة العلم والعمل. نتغافل عن كون إسرائيل تنطلق فى العلوم والتكنولوجيا وتتعملق، ونحن نتقازم، حتى صرنا فى الصَوْمَلة الصغرى.
صحيح أن هذه الصوملة تَطبُّع وليست طَبْعاً أصيلاً فينا، لكن طول الأمد يهدد بتحويل التَطبُّع إلى طَبْع، خاصة مع التوترات التى تتزايد وتَفَشّى التكفير والتخوين، ومع تزايد المؤامرات الداخلية المتدينة كذباً والخارجية الشريرة، ورغم كل ما سطّرته من كلمات تبعث على التشاؤم، فأنا ببساطة متفائل، مصر مرت بأزمات خطيرة من قبل وخرجت منها، وسنخرج من حالتنا الخطيرة هذه، وننطلق إن أخذنا بالأسباب، فما هى تلك الأسباب؟ علماؤنا الأكفاء أعلنوها مراراً وتكراراً، فمن يسمع؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.