على أطراف قرية الشعراء، قلعة صناعة الأثاث بدمياط باتت ملامح اليأس جلية على الصناع، حيث اتكأ كل منهم على كرسى أمام ورشته، ينتظر فرج الله القريب.. «حالنا وقف ومعدناش عارفين نروح فين ونيجى منين»، تلك هى الجملة التى تتردد على ألسنة صناع الأثاث بدمياط، بعدما ضاق بهم الحال، وباتت حياتهم أضيق من خرم الإبرة، فالكساد يلاحقهم من جانب، وارتفاع أسعار الخامات، وقطع التيار الكهربائى من جانب آخر، ولم يعد لهم ملجأ، سوى الهجرة غير الشرعية أو الخروج على القانون. «الوطن» رصدت مثلث الخراب، لتدمير صناعة الأثاث بدمياط والمتمثل فى ارتفاع أسعار الخامات، وانقطاع التيار الكهربى والغزو التركى والصينى لصناعة الأثاث فى دمياط التى يعمل بها نحو 400 ألف صانع عانوا الأمرين بعد قيام الثورة وارتفاع أسعار الخامات وسيطرة التجار على الأسواق والغزو الصينى والتركى للأثاث، وأخيراً كارثة انقطاع التيار الكهربى التى أدت لتلف الخامات والآلات، ونقص الإنتاج بنحو 30% وذلك بحسب تصريح محمد الزينى، رئيس الغرفة التجارية. فمع حالة الكساد الاقتصادى والانفلات الأمنى الذى شهدته مصر بشكل عام، ودمياط بشكل خاص أدى ذلك لإغلاق الورش وتسريح 40% من العمالة التى لجأت للهجرة غير الشرعية أو تجارة المخدرات أو التحول لمهن أخرى، بحسب ما أكد محمود الباز، عضو مجلس نقابة صناع الأثاث المستقلة. أمام ورشته، جلس سامى يضرب أخامساً فى أسداس، ويقول لنفسه: «هدبر مصاريف البيت ولا ثمن فواتير الكهرباء اللى بتقطع ليل مع نهار منين، والواحد مديون، ومش عارف يجيب خامات الشغل اللى سعرها، بقى فى السما أعمل إيه يارب فى عيشتى.. الفرج من عندك يا رب». يقول سامى عسيلى: «أسعار الخامات كل يوم فى زيادة حتى بلغت 100%، والرقابة على الأسواق مفيش وإحنا دمنا بيتمص ليل نهار، فالأبلكاش ارتفع ثمنه من 32 حتى 42 جنيهاً، الخشب الزان ارتفع ثمن المتر من 1400 حتى 2200، الخشب الزان 2500-3500ج، وميناء دمياط، ماذا قدم للصناع؟ فرسوم الميناء هى الأعلى سعراً عن باقى الموانئ وهو ما يدفع بالمستوردين لرفع الأسعار على الصناع». بكلمات مقتضبة، استكمل «سامى» حديثه قائلاً: «أصبحت قرية الشعراء القلعة الأولى لصناعة الأثاث بدمياط خرابة بعدما تحول عدد من الصناع لمروجى مخدرات، وهاجر آخرون هجرة غير شرعية لليبيا، وتركيا، والسعودية، واعتبر «عسيلى» عدم الرقابة على الأسواق السبب الرئيسى لغلاء الأسعار، علاوة على انعدام التسويق للأثاث الدمياطى وانقطاع الكهرباء بصفة مستمرة، مما أثر بشكل سلبى على الإنتاج لانخفاض ساعات العمل، وأدى لتلف الماكينات.