"الوحدة والخلوة شيئان مختلفان، فعندما تكون وحيداً من السهل أن تخدع نفسك ويخيل إليك إنك تسير على الطريق القويم، أما الخلوة فهي أفضل لنا، لأنها لا تعني أن تكون وحدك من دون أن تشعر بأنك وحيد، لكن في نهاية الأمر من الأفضل لك أن تبحث عن شخص يكون بمثابة مرآة لك، تذكر أنك لا تستطيع أن تري نفسك حقاً إلا في قلب شخص آخر وبوجود الله في داخلك". هذه قاعدة من "قواعد العشق الأربعون" للكاتبة التركية أوليف شافان، وهي إحدى أهم الروائيات التركيات، تُرجمت أعمالها إلى ما يقارب الثلاثين لغة، تدور أحداث الرواية في زمنين، زمن معاصر يتمثل في شخصية "إيلا" بطلة الرواية، وهي زوجة تعيش حياة تقليدية، تعلم بخيانة زوجها ولكنها تحافظ على بيتها، تعمل في دار نشر، يرسل إليها رواية اسمها "الكفر الحلو "تأليف عزيز، لتكتب عنها تقرير وبمجرد قراءتها تنقلب حياتها وتبدأ في مراسلة الكاتب وتأخذ حياتها منحنى أخر يغير مجري حياتها. "الكفر الحلو" وهو الشق القديم في الرواية، ويعود إلى القرن الثالث عشر الميلادي، تروي عن جلال الدين الرومي وهو خطيباً وإماماً يشهد له الجميع بعلمه في مدينة قونية، ولقائه بشمس التبريزي وهو درويش جوال لديه كرامات يبحث عن الله بطرق مختلفة، ناقشا في حوارهما معاً قواعد العشق الأربعون ليكتمل "البازل" الناقص عند كل منهما. استطاعت المؤلفة أن ترصد زمن مليء بالصراعات الدينية والنزعات السياسية، والاقتتال على السلطة في منطقة الأناضول، ثم وظفته كخلفية للأحداث والصراعات واختارت شخصياتها بدقة واستطاعت توظيفها في النص بمهارة وحرفية تجذب القاريء، وبمجرد أن تنتهي من قرائتها، تجد نفسك بين صفحاتها في حالة من التوازن الروحي، تحدث داخلك صراعات ومراجعات بين العقل والقلب، الفكر والحب، بين الكاتب والقارئ، أنه عمل متميز يجعلك في حالة من التأمل عن الكيفية التي ضفرت فيها المؤلفة هذه العوالم المتعددة المخترقة للزمان والمكان.