سكين حادة وساطور ثقيل تحملهما سيدة تخطت الخمسين من عمرها، أداتان تلازمان «نفيسة» ساعات طويلة من اليوم، لم ترهب إحداهما يوماً، قليلات هن اللواتى يرضين العمل فى تلك المهنة التى تميزها رائحة الدم ولونه الملطخ على ملابس من يمتهنها، تقول ل«الوطن»: «لكننى أحببت تلك المهنة منذ أن كان زوجى يعمل بها، وكنت أشاركه البيع والشراء فى محله الصغير». "نفيسة": فتحت محل الجزارة من تاني عشان أصرف على نفسي و أولادي قبل 14 عاماً من اليوم، توفى زوج «نفيسة عبدالعظيم»، الذى كان يعمل «جزاراً» وكانت رفيقته فى المحل الخاص به، واعتمد عليها كثيراً فى أمور البيع والشراء، وترك لها 2 من الأبناء، لم يخطر فى بالها حينها أن تحل مكانه فى عمله، وظلت «جزارة الأمانة» مغلقة سنوات طوال، سافر خلالها أحد أبنائها للعمل بالخارج، والبحث عن مورد رزق يعول به أسرته فى المهنة نفسها ولكن، وحسب تعبيرها: «ماكنتش مبسوطة بالقعدة والمحل مقفول». مبلغ مالى من قرض «مستورة»، أحيت به «نفيسة» من جديد محل الجزارة الخاص بزوجها الراحل، بعد أن كان التراب يكسوه من الداخل، وحسب روايتها: «جبت ماكينة جديدة، ونزلت أقف فيه، ورجعت ابنى اللى مسافر برا مصر يشتغل معايا». صوت الساطور وموتور ماكينة فرم اللحم، أعطى حياة لجزارة الأمانة الكائنة بمنطقة الشرابية، اعتاد رجال ونساء الشارع التعامل مع «نفيسة»، ترافقها ابنتها «عزة»، ساعات طويلة من اليوم، اختتمت حديثها بقولها: «الزباين متعودين عليا، كلهم كويسين والبيع والشرا حسب المواسم والرزق بتاع ربنا».