أربعينية العمر، لكن بالنظر لملامحها تراها أكبر بمراحل، تجاعيد وجهها تروى قصة كفاح امرأة حملت مسئولية أسرتها بعد وفاة زوجها منذ 7 سنوات، جالسة حول صينية بها فطائر معدودة، أخرى عليها قليل من الجبن القريش، اتخذت منهما مصدر رزقها الأساسى. الحاجة فاطمة عبدالحفيظ، من إحدى القرى التابعة لمركز مشتول بالشرقية، لجأت لبيع الفطائر والجبن لكسب قوتها، تقول وهى تأكل الخس محاولة إخفاء ضيقها من الوضع المادى الذى وصلت إليه: «دلوقتى ما بقاش فيه مكسب؛ لأن الناس ما بقتش تشترى زى الأول». فى إحدى المناطق الشعبية بالمطرية وشوارعها الضيقة، التى لا تتعدى مساحتها متراً ونصف المتر، تفرش «فاطمة» بضاعتها على صينيتها المتواضعة، التى تبدو عليها علامات التهالك من كثرة استخدامها، قائلة: «بعد ما جوِّزت بناتى وعملت اللى عليا، يادوب بحاول أكسب قوت يومى، علشان ماطلبش مساعدة من حد». مشكلة «فاطمة» الحقيقية تكمن فى طبيعة البضائع التى تبيعها من مأكولات لها مدة صلاحية معينة، ما يجعلها تتصرف فى بضائعها حتى لو باعتها مقابل الحصول على نقودها لاحقاً، موضحة: «الفطير صلاحيته يومين بالكتير، ولو ما اتباعش هيترمى، بضطر أبيعه شكك لأى حد، وبعدين يبقوا يدونى الفلوس بعدين، أحسن برده ما يترمى». كل يومين تسافر «فاطمة» إلى قريتها بالشرقية لصناعة الفطائر، تقول: «هناك الفرن البلدى بعمل فيه الفطير، وإخواتى بيساعدونى فى صناعة الفطير والجبن، وممكن أستلف ثمنهم منهم، لغاية ما ربنا يرزقنى وأبيع». الحاجة فاطمة أم ل3 بنات، حملت مسئوليتهن حتى تزوجن: «أبوهم مات من 7 سنين، وسابهم صغيرين، ما قدرتش أكمل تعليمهم، خرجتهم من المدارس وجوزتهم، الجواز سترة برضه للبنت، على الأقل تلاقى راجل يشيل مسئوليتها ويصرف عليها». لم تفكر «فاطمة» فى العودة لمسقط رأسها بعد وفاة زوجها: «أرجع فين؟ مليش ولا بيت ولا أرض تدخل لنا فلوس، على الأقل هنا لاقية شغل وببيع أى حاجة أكسب منها رزقى». منذ 3 سنوات، كانت بضائع فاطمة لا تقتصر فقط على الفطائر والجبن، وكانت أوضاعها المادية أفضل: «قبل الثورة كنت ببيع حمام وكرنب وزبدة وقشطة، إنما دلوقتى يادوب ببيع فطير وجبنة بالعافية، الناس مش لاقية تاكل، ده أنا ببيع شكك». «فاطمة» كل ما يهمها لقمة العيش، شخصية بسيطة لم تحظَ بنصيب من التعليم، كما أنها ليست على دراية بالأحداث السياسية، حتى إنها لا تعلم أن هناك انتخابات رئاسية على الأبواب: «أى رئيس، المهم يحل مشاكلنا وألاقى لقمة أكلها، وأموت من غير ما أتحوج لحد، ولا أمد إيدى لحد».