يمر اليوم الذكرى ال888 على ميلاد العالم الإسلامي البارع في كثير من العلوم، أبوالوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد "فيلسوف، وطبيب، وفقيه، وقاضٍ، وفلكي، وفيزيائي" ولد في الرابع عشر من أبريل 1126 بقرطبة، وتوفى في العاشر من ديسمير 1198. يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام، ودافع عن الفلسفة وصحح علماء وفلاسفة سابقين له مثل ابن سينا والفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو، قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيبا له ثم قاضيا في قرطبة، وأقبل على تفسير آثار أرسطو؛ تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وتعرض ابن رشد في آخر حياته لمحنة حيث اتهمه علماء الأندلس والمعارضين له بالكفر والإلحاد ثم أبعده أبويعقوب إلى مراكش حتى توفى فيها. كان يرى ابن رشد أنه لا تعارض بين الدين والفلسفة، ولكن هناك بالتأكيد طرقا أخرى يمكن من خلالها الوصول لنفس الحقيقة المنشودة، ويؤمن بسرمدية الكون ويقول بأن الروح منقسمة إلى قسمين اثنين: القسم الأول شخصي يتعلق بالشخص، والقسم الثاني فيه من الإلهية ما فيه. وبما أن الروح الشخصية قابلة للفناء، فإن كل الناس على مستوى واحد يتقاسمون هذه الروح. وكان ابن رشد مغرما بعلوم الفلك منذ صغره، فكان يلاحظ الفلكيين حوله يتكاتفون لمعرفة بعض أسرار هذه السماء في وقت الظلام، وحين بلغ الخامسة والعشرين من عمره بدأ ابن رشد يتفحص سماء المغرب من مدينته مراكش والتي من خلالها قدم للعالم اكتشافات وملاحظات فلكية جديدة، واكتشف نجما لم يكتشفه الفلكيين الأوائل. وكان ابن رشد يتمتع بملكة عقلية باهرة، فكان يناقش نظريات بطليموس بل إنه نبذها من أصلها وأبدلها بنماذج جديدة تعطي تفسيرات فضلى لحقيقة الكون، وقدم للعالم تفسيرا جديدا لنظرية رشدية جديدة سميت "اتحاد الكون النموذجي". ومن بعض انتقاداته لنظريات بطليموس حول حركة الكواكب أن قال: "من التناقض للطبيعة أن نحاول تأكيد وجود المجالات الغريبة والمجالات التدويرية، فعلم الفلك في عصرنا لا يقدم حقائق ولكنه يتفق مع حسابات لا تنطبق مع ما هو موجود في الحقيقة". ثم انطلق يقدم الانتقادات الحصيفة حيال بعض الفرضيات التي قدمها الفلكيون في عصره، ثم قام بالمشاركة بوصف القمر بغير الواضح والغامض، وقال إنه يحمل طبقات سميكة وأخرى أقل سماكة وتجتذب الطبقات السميكة نور الشمس أكثر من الطبقات الأقل سمكا. وقدم للعالم وللغرب أول التفسيرات البدائية والقريبة علميا لأشكال البقع الشمسية. ودعا ابن رشد أن لديه نوعين من معرفة الحقيقة، الأول معرفة الحقيقة استنادا على الدين المعتمد على العقيدة وبالتالي لا يمكن إخضاعها للتمحيص والتدقيق والفهم الشامل، والمعرفة الثانية للحقيقة هي الفلسفة، والتي ذكر بأن عددا من النخبويين الذين يحظون بملكات فكرية عالية توعدوا بحفظها وإجراء دراسات جديدة فلسفية. له مؤلفات عدة في أربعة أقسام: شروح ومصنفات فلسفية وعملية، وشروح ومصنفات طبية، وكتب فقهية وكلامية، وكتب أدبية ولغوية، لكنه اختص بشرح كل التراث الأرسطي.