إبراهيم عيسى كاتب صحفى متألق، وإعلامى ومقدم برامج محترم، أتابعه منذ أن كان فى «روز اليوسف» ، وألهث وراءه فى المحطات الفضائية المختلفة.. شاهدته فى برنامج جديد بعنوان الBoss، أو الرئيس، وكانت الحلقة عن التعليم وكان ضيفه الكاتب الصحفى عمر طاهر، البرنامج شكل جديد ورائع للتحقيق الصحفى التليفزيونى بالاشتراك مع مجموعة من الشباب الواعد، إلا أن البرنامج استفزنى لكى أكتب عن الفرق بين العباقرة وغيرهم، للتدليل على أن هذا النظام التعليمى الفاشل لا يمكن أن ينتج عباقرة طالما ظل هذا الأسلوب التلقينى فى المناهج، والإجابات النموذجية التى تغلق عقل الطالب وتحجب عنه الابتكار والإبداع، تعالوا نسترجع معاً الفروق التى تصنع العباقرة. يكمن سر عبقرية المبدعين فى أنهم يعرفون «كيف يفكرون»، وليس لأنهم يعرفون «فيم يفكرون»، فالعباقرة لديهم: أولاً: القدرة على رؤية ما لا يراه الآخرون. ثانياً: التفكير فيما لا يفكر فيه الآخرون. ونحن عندما تراودنا فكرة نعتقد أنها ناجحة أو مجدية، نتمسك بها، ويصعب علينا أن نفكر فى أفكار بديلة غيرها قد تكون أكثر منها نجاحاً، ونظل على هذا الفكر إلى أن يثبت خطؤها وفشلها، أما العباقرة فلديهم كم ثرى ومتنوع من البدائل والتصورات التى يقوم العقل بالاحتفاظ بأفضلها من أجل إجراء المزيد من التطوير لها، وهذا التنويع فى الأفكار ينبغى أن يكون «أعمى» ليكون فاعلاً بحق، ومعنى كلمة «أعمى» هنا هو النظر إلى كل الأفكار المتنوعة والبديلة دون الميل لتفضيل أى منها على الأخرى، من خلال المعرفة والخبرات التكرارية المختزنة من قبل (فى الإجابات النموذجية). وهذه التنويعات «العمياء» هى التى تقود إلى كل ما هو مبتكر وجديد، ولنتناول بشىء من التفصيل الخصائص التى يتمتع بها العباقرة، والتى تجعلهم مختلفين عن الأشخاص العاديين: أولاً: رؤية ما لا يراه الآخرون.. وتتضمن استراتيجيتين: 1- معرفة كيف ترى: تأتى العبقرية فى أغلب الأحيان من إيجاد منظور جديد لم يعتنقه شخص آخر من قبل، وقد قال «ليوناردو دافينشى» إنه لكى يكتسب الإنسان المعرفة بحل المشكلات، يجب عليه أن يبدأ بتعلم كيفية إعادة هيكلتها بطرق كثيرة مختلفة. 2- إعطاء تفكيرك شكلاً مرئياً: ما إن يكتسب العباقرة حداً أدنى فى مهارات معينة حتى يتسنى لهم فيما يبدو اكتساب قدرات بصرية ومكانية تخيلية، تمنحهم المرونة اللازمة لعرض المعلومات بطرق وأساليب مختلفة، وحينما كان أينشتاين يفكر فى مشكلة ما، كان يجد دائماً أن من الضرورى صياغة موضوعه بأكبر عدد ممكن من الطرق، بما فى ذلك الأشكال البيانية، فقد كان يتمتع بعقل وذاكرة بصرية جداً، وكان يفكر من منظور الأشكال البصرية والمكانية، وليس من منظور التفكير الرياضى أو اللفظى فقط. ثانياً: التفكير فيما لا يفكر فيه الآخرون.. وتشمل التفكير بطلاقة وسلاسة من أجل إنتاج كمية من الأفكار، بالإضافة إلى أن إنتاج أفكار كثيرة تمثل وسائل إنتاج تنويعات جديدة متباينة ومبتكرة من الأفكار، حيث يعد هذا أحد الجوانب المهمة فى العبقرية، ولكى يكون هذا التباين والتنوع فاعلاً بحق، يجب أن يكون «أعمى» أى لا تكون ميالاً لأحدها، وتوضح الاستراتيجيات الخمس التالية كيف يحصل العباقرة على أفكار جديدة ومبتكرة فى العملية الإبداعية، بهدف تغيير أنماط تفكيرهم القائمة وإعادة تنظيم أفكارهم بطرق وأساليب جديدة، وهذه الاستراتيجيات تتمثل فى: 1- صنع توليفات مبتكرة. 2- وصل ما لا يكون متصلاً. 3- النظر إلى الجانب الآخر من الموضوع. 4- النظر داخل العوالم الأخرى. 5- اقتناص العثور على ما لا تبحث عنه. 6- إيقاظ روح التعاون ومعرفة كيفية شحذ الذهن والعصف الذهنى من خلال روح عمل الفريق، والعمل الجماعى. وربما كان لدينا فرصة للحديث عن هذه الاستراتيجيات بالتفصيل لاحقاً لمعرفة كيف يبدع العباقرة.