هجوم عنيف طال فيلم «حلاوة روح» منذ الإعلان عن بدء تصويره، وزاد الهجوم عنفاً بعد عرض الفيلم بدور العرض مؤخراً.. ملابس هيفاء الساخنة، رقصاتها المثيرة، ومشهد الاغتصاب وكلمات التحرش القاسية كانت أسباباً كفيلة بأن تطلق صيحات مضادة تصنف الفيلم بأنه خارج عن السياق المسموح به حالياً ويدعو للإثارة غير المبررة بواسطة إغراء بطلته المتواصل. «حلاوة روح» الذى أخرجه سامح عبدالعزيز، بعد سلسلة من الأفلام التى نالت رضا جماهيرياً ونقدياً، سبب نوعاً من الارتباك لدى الكثيرين عن أسباب تحمس سامح لهذا الفيلم وتصديه له رغم الهجوم.. ووصفه البعض بأنه أقل أفلام سامح فنياً ولا يمثل المدرسة التى يجسدها سامح على الشاشة.. سامح تحدث فى حواره مع «الوطن» عن أسباب قبوله هذا الفيلم، وسر ترشيحه لهيفاء وهبى ورأيه فى الهجوم الشرس عليها واتهام الفيلم بأنه تقليد لفيلم «مالينا» لمونيكا بيلوتشى. ■ لماذا اخترت هيفاء وهبى لبطولة الفيلم رغم أنها ممثلة متواضعة الموهبة، والدور يحتاج قدرات تمثيلية قوية؟ - عندما عرض علىَّ المنتج محمد السبكى سيناريو الفيلم لم أر أى ممثلة سوى هيفاء وهبى.. فالشخصية لا بد أن تكون لامرأة فاتنة الجمال حتى يتم البناء الدرامى على مقدار جمالها الفريد والمميز، ولم أجد فى خيالى غير هيفاء، ولا أعتقد أن هيفاء ممثلة متواضعة الموهبة بالعكس فهى ممثلة «جامدة»، وقدمت كل المشاهد التمثيلية الصعبة بمنتهى الإتقان والحرفية والتمكن، ومنها مشاهد صامتة تحتاج قدرات تمثيلية وقد أدتها هيفاء بإتقان أكثر مما كنت أتوقع. ■ كلامك يعنى أنك راضٍ عنها كممثلة، لكن ألم تكن اللهجة عائقاً؟ - أنا راضٍ عنها تماماً كممثلة وأعتبر أنها «عليّت» عن توقعاتى وتفوقت، ومن تلك المشاهد المهمة مشهد النهاية الذى كان صامتاً تماماً وعبرت هيفاء بوجهها فقط عن آلامها وكانت مجروحة والدماء تنزف منها ودون مكياج أى كانت دون أى وسائل مساعدة، وأعتقد أن تفوق هيفاء التمثيلى يمثل ناقوس خطر لنجماتنا فى مصر، ويوجه لهن إنذاراً أن «يفوقوا» أن هناك ممثلات جيدات خارج مصر، وبالنسبة للهجة كانت خائفاً فى البداية لكنها تمكنت تماماً من اللهجة المصرية ولم يكن هناك أى عيب فى نطقها. ■ يواجهك اتهام منذ بدء التحضير للفيلم وهو أنه مقتبس تماماً من الفيلم الإيطالى «ميلينا»؟ - عندما قرأت السيناريو فى البداية لاحظت وجود تشابه فى «سطر» أو لمحة كبيرة من الفيلم مع فيلم «ميلينا»، ولذلك قمت بكل أمانة بعمل «تيزر» الفيلم الأول يشبه تماماً «ميلينا»، لكن «حلاوة روح» ليس له علاقة مباشرة بميلينا سوى أنه الروح والهدف أو الرسالة وهى أن المرأة الجميلة منتهكة من المجتمع، والجميع متحرشون لا أستثنى أحداً. ■ تتهم أيضاً بأنك استثمرت أنوثة وإغراء هيفاء لجذب الجمهور، فكيف لامرأة فقيرة محترمة أن ترتدى ملابس مفتوحة ومغرية بهذا الشكل؟ - لم أستثمر جمال هيفاء ولا أنوثتها إلا فى سياق درامى يخدم الموضوع، فقد قدمت الفيلم بروح الحارة الشعبية الذى قدمته من قبل، لكن كان لا بد أن يتخلل الفيلم بعض الجماليات، فملابس هيفاء المفتوحة كانت هند رستم ترتديها فى «ابن حميدو» ولم يتم الهجوم عليها لأن الجمهور كان يحب الجماليات السينمائية ويحترمها، بداية من ملابس كاميليا وسعاد حسنى وفاتن حمامة وهدى سلطان، ولكنى الآن أرى أن الجميع «عينه أخدت على القبح» وأى «فتحة صدر» قد تكون سبباً فى حرب شرسة وهجوم دامٍ. وهذه هى مأساة المجتمع الآن والذى أتهمه ككل بالتحرش الصريح، الجميع متحرشون بمن فيهم من يهاجمون الفيلم لمجرد ملابس هيفاء، هؤلاء تحرشوا بالفيلم مثلما تحرش أهل الحارة بهيفاء أو «روح» فى الفيلم. ■ لكن هيفاء كانت ترتدى ملابس مثيرة بلا داعٍ فى مشاهد الفيلم ورقصت دون مبرر فى أحد المشاهد فكيف لا نعتبر ذلك استثماراً لأنوثتها بلا داعٍ؟ - بالتأكيد لو أردت استثمار أنوثة هيفاء كنت سأعترف فهذا ليس عيباً، لكن هيفاء لم ترتد ملابس دون داعٍ، كما يقال، بالعكس كانت داخل بيتها كأى سيدة جميلة ترتدى ملابس تتناسب مع أنوثتها التى تشعر بها، لكنها كانت عند الخروج للحارة ترتدى «عباءة»، وكانت روح امرأة محترمة ترفض أن تتم مساومتها على جسدها، وبالنسبة لمشهد رقصها على أغنية حكيم، فقد كان عبارة عن حلم يعبر عن رغبتها فى التمرد على حماتها التى تصر على كبتها، وهناك تفاصيل هى رؤية مخرج، وقد تحلم أى امرأة مكبوتة بأحلام غير مبررة، وقد تكون أحلاماً صارخة. وعموماً الفيلم به جماليات سينمائية كاملة مثل الديكور والإضاءة والموسيقى، لكن الناس تركز فى الجسد فقط. وهذا هو التحرش بعينه. ■ وما ردك على أن الفيلم تسبب فى إثارة جمهور السينما بشكل كبير، وتعالت صيحات الشباب بشكل مخيف اقترب من التحرش اللفظى؟ - كنت أتوقع ذلك، لكن رد الفعل به مبالغة كبيرة جداً، فقد أردت أن أعرى المشاهد أمام نفسه، المشاهد هو المجتمع، والمشاهد تحرش ببطلة الفيلم ووصلوا لدرجة الصياح اللفظى وهذا يجعلهم يرون أنفسهم على حقيقتهم، فهم بالفعل متحرشون، وأنا سعيد جداً بأن كل المشاهدين رأوا أنفسهم بالضبط كأبطال الفيلم سكان الحارة الذين تمنوا «روح» بسبب جسدها، وتمنوا أن يتحرشوا بها، تعمدت توصيل الجمهور لهذه النتيجة وهى مرحلة مكاشفة ومواجهة بالحقيقة، وبعد ذلك تركتهم يتعاطفون مع «روح» ومقدار القسوة التى تتعرض لها لمجرد أنها امرأة جميلة وشريفة حتى يصل الأمر إلى الاغتصاب، وأعتقد أن الجمهور صمت فى اللحظات التى رغبت فيها أن أحول مشاعره من إحساسه كمتحرش عاشق للجسد إلى إحساسه كإنسان يرفض أن يتم التحرش بامرأة شريفة بهذا التوحش والعنف. ■ كل نماذج الفيلم سلبية ما عدا الأطفال الصغار، فلماذا تعمدت هذا السواد فى النماذج؟ - نعم كل النماذج الآن سلبية وأعتقد أننا جيل منتهى الصلاحية ومعدوم الأمل فنحن جيل «راحت عليه»، والأمل الوحيد فى الجيل القادم وهم الأطفال، وهذه وجهة نظرى، فكل ما نفعله فشل حتى الثورة، لكن الجيل الجديد قد يحقق ما فشلنا فى تحقيقه، لذلك تعمدت ألا يكون هناك أى نموذج إيجابى سوى الأطفال. ■ هناك آراء تؤكد أن هذا الفيلم هو أقل أعمالك فنياً بعد نجاحك فى «الفرح»، و«كباريه» و«تتح» ومسلسل «الحارة».. فما ردك؟ - أنا راضٍ تماماً عن هذا الفيلم، ولا أعتقد أنه يقل عن هذه الأعمال، فاللغة الفنية من ديكور وإضاءة وموسيقى وتمثيل وحوار موجودة بالفيلم مثل كل أعمالى، لكنى أعرف أن القضية التى تم طرحها فى الفيلم شائكة لكنها الأنسب فى هذه الفترة التى نعيشها، فأيام فيلمى الفرح وكباريه كان المجتمع أفضل كثيراً وكانت تلك الأفلام مناسبة لهذا الوقت، لكننا الآن نعيش «أيام سودة».. والمجتمع وصل لدرجة من التوحش بالمرأة غير مسبوقة لذلك فهذا الفيلم يناسب هذا التوحش ويعريه أمام الجميع. ويوجه رسالة مهمة «أوقفوا توحشكم ضد المرأة أيها المتحرشون»