مع دقات الخامسة والنصف صباحاً، وقبل شروق الشمس، كان أحمد بمساعدة أخويه إبراهيم وكريم، ينصبون عربة الفول فى مطلع الطريق الدائرى ب«المريوطية» أحدهم يجهز ويرتب العربة والآخر يجهز «الطاسة» التى يقلون البطاطس والباذنجان بها، والثالث ينظف المكان حول العربة، ويحضر العيش من الفرن، وفى أقل من ربع ساعة تكون التجهيزات للعمل قد انتهت. يتحدث أحمد وهو يجهز بعض ساندوتشات الفول للزبائن ويقول: «عمرى 28 عاماً وباشتغل على عربية الفول من حوالى 10 سنين، ومتجوز وعندى طفل صغير». ويستطرد: «باطلع من قبل الفجر مع الاتنين الصنايعية اللى شغالين معايا على عربية الفول وكلنا شغالين عليها بس هى مش بتاعتنا، بنجهز العربية ونبتدى شغل حوالى الساعة 5 ونص الصبح وبخلص شغل على العربية حوالى الساعة 2 ظهرا وبعدين نروح نجهز شغل لتانى يوم ونخلص على المغرب وأروح أنام عشان تانى يوم، وباخد إجازة يوم واحد فى الأسبوع». يرفض أحمد فكرة أن الشعب المصرى لا يعمل ويستيقظ متأخراً، ويقول: «الشعب بيصحى بدرى عمال وموظفين وغيرهم، وأنا ببتدى شغل من 5 ونص وبيكون فيه عمال رايحين شغلهم والشغل بيزيد على الساعة 7 الصبح». بجوار عربة الفول التى يقف عليها أحمد يقف أخوه إبراهيم الذى يعمل معه على «الطاسة» يقلى البطاطس والباذنجان، يقول إبراهيم: «عمرى 18 سنة وخاطب وبشتغل على عربية الفول عشان أتجوز، وباصحى كل يوم من قبل الفجر»، ويضيف: «شغلى على عربية الفول والصحيان من قبل الفجر مش بيمنعونى إنى أخرج مع أصحابى أو أقعد معاهم على القهوة بالليل أو أزور خطيبتى». وبسؤاله: لماذا يستيقظ مبكراً؟ قال: «أعتمد على نوع محدد وهم العمال والصنايعية وعمال المصانع»، مشيراً إلى أحد المصانع الشهيرة من خلفه، مضيفاً: «العمال يقبلون على الإفطار على عربية الفول لرخص الثمن، كما أن طبق الفول يجعل العامل الذى يبذل جهداً كبيراً لا يجوع بسرعة، فكما يقال الفول مسمار المعدة». فى نهاية شارع فيصل بالهرم، توجد عربة فول، لصاحبها حكاية أخرى، يقول: «أنا أحمد سيد، من الفيوم، عمرى 38 عاماً، كنت أعيش فى الفيوم ولدى قطعة أرض، لكن الرزق فى الفيوم ضيق، ولدى أولاد فقررت الخروج إلى مصر «القاهرة» وهنا الناس كتيرة وليس مثل قريتنا، ومنذ أن جئت القاهرة منذ 10 سنوات وأنا أعمل على عربة الفول، فى البداية عملت وأنا صغير مساعد، وكنت صغير حتى حصلت على عربية فول صغيرة أعمل عليها». ويضيف: «أصحو كل يوم الساعة 3 فجراً، لأجهز «العدة» والفول، وبعد صلاة الفجر يبدأ الزبائن وأغلبهم من العمال والسائقين والطلبة والمسافرين والقهوجية وغيرهم». وأضاف أحمد أنه يرى أن الشعب مظلوم، وكأن فيه شعبين، شعب يعمل ويكافح ويستيقظ فى السادسة أو الخامسة فجراً، والآخر لا يعمل أو يعمل عدة ساعات ولا يستيقظ ولا يخرج لعمله قبل العاشرة.