أكد خبراء وأثريون أن المعبد اليهودي (إلياهو النبي) بالإسكندرية، الذي من المقرر أن يفتتحه وزير الآثار والسياحة خالد العناني، غدا الجمعة، بعد الانتهاء من مشروع ترميمه وصيانته، يؤكد اهتمام مصر بتراثها وتاريخيها الإسلامي والقبطي واليهودي وتعكس مكانتها كدولة عظمى تحتضن الأديان السماوية منذ أقدم العصور التاريخية، كما يلفت إلى الدور المركزي الذي تلعبه مصر في مختلف الثقافات ومنذ أقدم العصور. من جانبه، قال مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية حسين عبدالبصير- في تصريحاته لوكالة أنباء الشرق الأوسط- إن مشروع ترميم وصيانة المعبد اليهودي (إلياهو النبي) يبعث رسالة إلى العالم تؤكد اهتمام مصر بتراثها وتاريخيها الإسلامي والقبطي واليهودي وتعكس مكانتها كدولة عظمى تحتضن الأديان السماوية منذ أقدم العصور التاريخية، كما يلفت إلى الدور المركزي الذي تلعبه مصر في مختلف الثقافات ومنذ أقدم العصور، موضحا أن المعبد اليهودي من أقدم المعابد في مصر والشرق الأوسط فيعود تاريخ بنائه إلى القرن 14 ميلاديا، كما أنه يعد من أقدم الأماكن الدينية الخاصة باليهود في مصر والشرق الأوسط . وأضاف عبدالبصير، أن المعبد يضم مكتبة مركزية تحتوي على 50 نسخة قديمة من التوراة ومجموعة كتب تعود إلى القرن 15 الميلادي، مشيرا إلى أن معبد (إلياهو النبي) تعرض للقصف من جانب الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، ثم أعيد بناؤه مرة أخرى في عهد أسرة محمد علي عام 1850 ميلاديا. وفي سياق متصل، قال نقيب المرشدين السياحيين الأسبق إسلام عاصم، إن المعبد اليهودي بالإسكندرية يقدم مثالا على التسامح والتعايش في مصر والإسكندرية التي كانت تحتضن الجميع من مختلف الأديان والجنسيات.وأشار إلى أن معبد (إلياهو النبي) ومشروع ترميمه دليل على أن مصر تحتضن كافة الأديان السماوية منذ مئات السنين، وتمثل رمزا للتعايش والتسامح بين جميع الأديان منذ أقدم العصور. وحول الطراز المعماري والإنشائي للمعبد، قال عاصم، إن المعابد اليهودية تتشابه فيما تضمه وفي أسلوب إنشائها، ولكن الطابع المعماري المميز ل (إلياهو النبي) هو الطابع الأوروبي الذي كان سائدا في فترة بنائه، موضحا أن المعبد والذي يقع في شارع النبي دانيال يعد من أقدم المعابد اليهودية في مصر والشرق الأوسط والعالم أجمع وتعرض للقصف أيام الحملة الفرنسية على مصر، وأعيد افتتاحه في عهد محمد سعيد ابن محمد علي باشا عام 1850، وتم توسعته في عام 1865.وتضمنت أعمال مشروع الترميم، التدعيم الإنشائي للمبنى والترميم المعماري الدقيق للواجهات الرئيسية والحوائط المزخرفة، وكذلك العناصر الخشبية والنحاسية. وكان وزير الآثار والسياحة قد أجرى زيارة للمعبد اليهودي، في نهاية ديسمبر الماضي؛ للوقوف على آخر مستجدات الأعمال بمشروعي ترميم وتطوير المعبد اليهودي (إلياهو النبي) والمتحف اليوناني الروماني، المقرر افتتاحهما خلال العام الجاري. وأكد خبير الآثار الدكتور عبدالرحيم ريحان، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم، أن ترميم المعبد اليهودي بالإسكندرية يؤكد أن وزارة السياحة والآثار تتعامل مع الآثار اليهودية باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الآثار المصرية على أرضها عبر كل العصور، وأن ترميم وتطوير أي أثر إضافة جديدة وموقع جديد يوضع على خارطة السياحة المحلية والدولية. وعن تاريخ المعابد اليهودية في مصر، أشار إلى أن تاريخ المعابد اليهودية في مصر يشكل صفحة من تاريخ التسامح بين الأديان، موضحا أن المعابد المسجلة بوزارة الآثار (9 بالقاهرة ومعبدين بالإسكندرية)، وهي معبد بن عزرا بمصر القديمة المسجل عام 1984، ومعبد موسى بن ميمون بحارة اليهود بالموسكي المسجل عام 1986، ومعبد حاييم كابوسى بحارة اليهود والمسجل عام 1987، وشعار هشمايم بشارع عدلى مسجل عام 1987، ومعبد نسيم أشكنازى بشارع الجيش المسجل عام 1995، ومعبد اليهود الأشكناز بشارع الجيش مسجل عام 1999، ومعبد كرايم بالظاهر المسجل عام 1996، ومعبد موسى الدرعى بالعباسية المسجل عام 1997، ومعبد حنان بقنطرة غمره والمسجل عام 1997. وأضاف ريحان، أن معبدي الإسكندرية هما معبد (إلياهو النبى) بشارع النبي دانيال ومسجل عام 1987، ومعبد (يعقوب منشة) اليهودى بميدان المنشية المسجل بقرار وزير الآثار رقم 381 لسنة 2018، وقال ريحان إن معبد بن عزرا بمنطقة مصر القديمة بالقاهرة، كان أساسه كنيسة تحت مسمى كنيسة الشماعين تخطيطها على الطراز البازيليكى المستمد من أصل روماني يتكون من صحن أوسط متسع، وجناحين جانبيين، وثلاثة هياكل، وذلك قبل أن يشتريها اليهودي الشامى، برهام بن عزرا، من الكنيسة الأرثوذكسية بعد مرورها بضائقة مالية، وذلك مقابل مبلغ قدره 20 ألف دينار. وأوضح خبير الآثار، أن المعبد ليس فقط أصله كنيسة مسيحية على الطراز البازيليكي بل يضم تحفة إسلامية رائعة، تتمثل في (ثريا) معلقة على يمين هيكل المعبد محفور عليها باللغة العربية أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة، بالإضافة إلى (ثريا) نحاسية أخرى تتدلى من السقف على شكل مخروطي، وتحمل اسم السلطان المملوكي قلاوون، مشيرًا إلى أن الثريتين من إهداء السلطان المملوكي، قلاوون بن عبدالله الألفى الصالحي، وهو ما يؤكد احتضان مصر على مر تاريخها لجميع الأديان، وأن هذا المعبد يشكل مجمعا للأديان، بالإضافة إلى وجوده في مجمع الأديان. معابد اليهود في مصر كانت حسب الطائفة وذكر ريحان، أن معابد اليهود في مصر كانت حسب الطائفة فمنهم طائفة الربانيين، وهم من يؤمنون بالتوراة كتاب الرب والتلمود كلام البشر ومن معابدهم معبد بن عزرا بمصر القديمة، وطائفة القرائين، وهم من يؤمنون بالتوراة فقط وصلاتهم بها ركوع وسجود ومعابدهم مفروشة بالسجاد ويخلعون أحذيتهم خارج المعبد، وطائفة الأشكناز وهم اليهود من أصل أوروبي، مشيرا إلى دراسة أثرية للدكتور محمد مهران رئيس الإدارة المركزية للآثار اليهودية بوزارة السياحة والآثار تؤكد تسامح المسلمين مع اليهود بمنحهم مقابر البساتين في القرن التاسع الميلادى، حيث منحهم الأمير أحمد بن طولون أراض أقاموا بها مقابرهم الموجودة حتى الآن، ونوه بأن أشهر من دفن بتلك المقابر يعقوب بن كلس، الذي عهد إليه الخليفة المعز لدين الله 341- 364 ه، 952- 974م بولاية الخراج، موضحًا أن درجة التسامح وصلت بين المسلمين واليهود إلى تعيين الخليفة الحاكم بأمر الله لطبيب خاص يأتمنه على حياته من اليهود وهو صفير اليهودي. وأكد ريحان، كرم الضيافة المصري من استقبال اليهود من شتى بقاع الأرض ليجدوا الملاذ الآمن بمصر، حيث أقاموا في عدة مناطق منها الفسطاط وحارة اليهود والجمالية والعباسية والزمالك وجاردن سيتي، مشيرا إلى الوثائق اليهودية في مصر مثل وثائق (الجنيزا)، وهي وثائق مستخرج جزء منها من معبد بن عزرا بمصر القديمة عام 1896، وجزء آخر من مقابر الجنيزا بالبساتين عام 1987، وهي تلقى الضوء على حياة اليهود في مصر خلال العصر الحديث، كما تلقى الضوء على ثقافة وتراث شريحة مهمة من المجتمع المصري كانت جزءا لا يتجزأ في السياسة والاقتصاد والحياة الاجتماعية والثقافية والفنية.