بلد المليون نخلة قديما مزارعيها ... المحاصيل أصيبت بالأمراض ولم نعد نصدر البلح كانت واحدة من القرى التي طالما اشتهرت ببلد المليون نخلة وتصدير زراعات البلح والليمون والجوافة للخارج، فضلا عن تغطية السوق المحلية من احتياجاتها من تلك المحاصيل، لكن سرعان ما تراجعت للوراء ولم تعد تلك القرية التي يقوم مزاروعها بزراعة الجوافة التي طالما اشتهرت وتوقفت عن التصدير، نظرا لإصابة المحصول بالسوس الذي كان سببا مباشرا في تلف المحاصيل، فضلا عن الري بمياه الصرف الزراعي وفقا لشكوى الأهالي حتى بات لسان حال أهلها "عمرنا ضاع هدر". وتشتهر قرية السنانية بمحافظة دمياط بزراعة البلح حتى كادت تنافس سيوة قديما، بل وتتفوق عليها، فلا تكاد تمر بأي من أراضيها إلا ووجدت نخيل البلح قديما، ولكن تغير الحال بعد انتشار سوس النخيل الذي تسبب في تدمير المحصول، واتهم بعض المزارعين مسؤولي مديرية الزراعة بالتقصير وعدم توفير العلاج المناسب أو تنظيم ندوات إرشادية لتوعيتهم بمخاطر السوس وكيفية مقاومته. وبوجه بائس ونبرة حزينة يقول حسني أبوعوض (60 عاما، مزارع) لم أتمكن من زراعة البلح، مؤخرا بسبب سوس النخيل الذي تسبب تلف المحصول، وقضى على زراعة البلح بينما مسؤولو مديرية الزراعة محلك سر ودن من طين والأخرى من عجين، ورغم شكوانا مرارا وتكرارا إلا أنهم لم يحركوا ساكنا. وأضاف حسني: "سوس النخيل تسبب في انخفاض إنتاجي من 20 طنا حتى 2 طن، وأغلب المزارعين تراجعوا عن حصاده، والمبيدات المستخدمة مغشوشة ونشتريها على نفقتنا الخاصة"، مشيرا لمواجهتهم كارثة أخرى متمثلة في عدم وجود مياه للري كافية، علاوة على اختلاط الموجود منها بالصرف الصحي. وتابع حسني قائلا: "طالبنا مسؤولى الري مرارا وتكرارا بالتدخل لمنع اختلاط مياه الري بالصرف دون فائدة"، مشيرا لوجود المشكلة منذ 10 سنوات، متهما الوحدة الزراعية بعدم قيامها بدورها المنوط سواء إرشاد زراعي أو توفير كيماوي، حيث نشتريه على نفقتنا الخاصة". وتقول فاطمة إبراهيم محمد البهلول، 63 عاما، فلاحة: "أعمل كمزارعة منذ كان عمري 6 سنوات ولكن تبدل الوضع عن ذي قبل، حيث نواجه حاليا أزمة اختلاط الصرف الزراعي بمياه الري، نظرا لعدم وصول شبكة الصرف لنا بعد، فضلا عن توفر مياه الري أسبوع والثاني وذلك بعدما أقيمت بوابة عند مرور رأس البر". وتضيف البهلول قائلة: "لم نعد نزرع محصول الليمون والشجر ولع بسبب عدم جودة مياه الصرف الزراعي، أما الجوافة فلم نعد نزرعها بسبب عدم وجود مياه ري أما نخيل البلح فقد تضطرر بسبب تلوث البيئة والسوس الذي أكل ثمار البلح والنخيل على حد سواء". ووفقا لبهلول فتقول "نظرا لارتفاع تكاليف الزراعة يقوم المزارعين حاليا برش النخيل خل لنبيعه دون الاستعانة بعمالة هز النخيل، فيما يقوم التجار بشراء المحصول منا برخص التراب، حيث يشترون القفص زنة 17 كيلو أو 20 ب20 جنيه ليصل للمستهلك الكيلو ب10 جنيه". وبدوره، قال حامد شاهين، رئيس جمعية الخضر والفاكهة في دمياط، في تصريح ل"الوطن": "ارتفاع درجة الحرارة في فصل الصيف أدى إلى إصابة المحصول بالذبابة وهو ما أدى إلى انخفاض إنتاجية البلح بنسبة تصل ل40% خلال العام الجاري فيما يبلغ متوسط الإنتاج هذا العام نحو 60% بما يعادل 40 ألف طن"، مقارنة ب50 ألف العام الماضي على حد قوله. وأضاف شاهين قائلا: "لقد انتهت زراعة الجوافة إلى حد كبير بمناطق السنانية وكفر البطيخ التي طالما اشتهرت بها عدا ترعة حلاوة"، فضلا عن إصابة الثمار بذبابة الفاكهة التي تتسبب في إصابتها بالديدان فتقوم الذبابة بحقن الثمرة بالفيروس كما تصاب المحاصيل بالديدان، بينما لا تجيد المبيدات نفع. وتابع شاهين قائلا: "الأزمة منذ 5 سنوات تقريبا والمبيدات باتت لا تؤتي فائدة بعد تطور الفيروس وهو ما تسبب في تراجع 80% من المزارعين عن زراعة محصول الجوافة الذي كان أساسيا وهو ما تسبب في خسائر لا تحصى". وبحسب شاهين فتعد مدينة كفر البطيخ وقرى "السنانية بلد المليون نخلة، أم الرضا، الركابية" أبرز أماكن إنتاج البلح في دمياط، ويعد البلح الدمياطي من أجود وأعلى الأنواع، مشيرا إلى أن بعض الفلاحين بما يعادل 5% خلاف التجار الذين يتعاقدون على شرائه وهو ما زال على نخله ووضعوا عليه خل لكي يخمروه"، متابعا: "التاجر يستلم كيلو البلح منا بمبلغ يتراوح من 3 إلى 4 جنيه في البشاير وفي النصف من 2 إلى 3 جنيه". وأرجع شاهين سبب انخفاض الإنتاجية للإصابة بسوس النخيل، والجمعيات الزراعية تعمل على مقاومتها بالمبيدات الحشرية ولكنها تنشط في فصل الصيف، علاوة على أن النخل له عمر افتراضي ويتساقط بعد ذلك والسوسة تأكل صغار النخيل وتقضي عليه حتى لم يعد هناك نمو حديث، لتقع النخلة بعد طول 18 مترا، مشيرا لاشتهار السنانية ببلد المليون نخلة، حيث كانت تنتج بكميات كبيرة متفوقة في ذلك على سيوة. وطالب شاهين وزارة الزراعة بصرف كميات أعلى من المبيدات لمقاومة سوسة النخيل ومراقبة مستمرة من الإرشاد الزراعي مع عقد ندوات لتوعية للفلاحين، كما طالب بإقامة مصانع لتصنيع العجوة والمربى من البلح في دمياط حتى لا يحدث ركود، بالإضافة إلى زيادة كميات مياه الري حيث يحتاج الفدان ساعتين ري في العشر أيام، معتبرا المياه المرتجعة سببا في تراجع الإنتاج. وفقا لمصدر بمديرية الري أكد ل"الوطن"، عدم وجود أزمة في حصة مياه الري للأراضي، فضلا عن عدم استخدام مياه الصرف في الري، مشيرا إلى عدم تلقيهم شكاوى في هذا الصدد.