جمله الشارحة لتفاصيل حرب أكتوبر 73 لا تغفل أي منها عن ذكر العشرات ممن لعبوا أدوارًا هامة لبناء النصر الأسطوري واستكماله، كانوا مشهورين أو لا، ففي كل لقاء يعقده يؤكد أن النصر لا يمكن اختزاله في شخص واحد، رأى اللواء طيار محمد زكي عكاشة، أحد طياري حرب أكتوبر، أن الرئيس الأسبق حسني مبارك نسب لنفسه كل النصر، وتعمد إقصاء كل من ساهموا في وضع خطة الضربة الجوية، كاشفًا، في تصريحات صحفية له، عدم وجود دور لمبارك في وضعها واقتصار دوره على الموافقة عليها. يمتد تاريخ اللواء عكاشة في القوات الجوية منذ عام 62 حتى ما بعد حرب أكتوبر، مثلما ذكرت "مجموعة مؤرخين 73"، شهد الرجل معارك حرب اليمن وعاد لمصر بعد النكسة ليشهد أول انتصار عسكري مصري في تاريخها الحديث ألا وهو حرب الاستنزاف التي شارك الرجل في 40% من هجماتها الجوية ضد أهداف العدو، ثم كان من الرعيل الأول الذين سافروا إلى ليبيا ليعودا لمصر بطائرة الميراج، أول طائرة غربية متقدمة تدخل الخدمة بالقوات الجوية المصرية. "الكرسي غيّره، فهناك أناس يعطون للمنصب، وآخرون المنصب هو الذى يعطيهم، ومبارك محظوظ من يومه ومبتلى بالنعمة، لكنه لم يكن يشعر بذلك" هكذا قال اللواء عكاشة عن مبارك، مؤكدًا في حوار صحفي له عقب ثورة 25 يناير، أن مبارك نسب انتصارًا للضربة الجوية في حرب أكتوبر لنفسه، وأصرّ على أن "المحيطين به والإعلام صوروا له ذلك، وأدخلوه في ذهنه وأقنعوه به، ومحوا جهد 6 سنوات قام به 10 آلاف فرد بالقوات الجوية، جميعهم عملوا من أجل هذه الضربة، وأي إنسان يحب أن ينسب لنفسه كل الأعمال، فمثلاً عيد القوات الجوية طول عمره يكون يوم إنشاء القوات الجوية، لكنه غيره إلى يوم 14 أكتوبر تاريخ معركة المنصورة الجوية، لأنها حدثت في عهده، ولا يمكن أن أكون صاحب كل شيء، فالآن تم رفع اسمه من على كل شيء، هل كان يتوقع ذلك اليوم؟". اللواء طيار محمد عكاشة، لواء طيار أركان حرب متقاعد، شارك في كل الحروب التي خاضتها مصر بعد تخرجه في الكلية الجوية عام 1959 وحتى تقاعد عام 1984، حتى توفي اليوم، وانتقل إلى أسراب المقاتلات القاذفة ميج-17 أثناء حرب الاستنزاف وعيّن قائدًا للسرب الجوي رقم 62 المتمركز في قاعدة المنصورة الجوية، واختص هذا السرب وحده ب40% من مجهود القوات الجوية المصرية أثناء حرب الاستنزاف، أصبح قائدًا ثانيًا للسرب الجوي المستقل رقم 69 المتمركز في قاعدة بيرما- طنطا الجوية، والمكون من المقاتلة الفرنسية ميراج-5 أثناء حرب أكتوبر المجيدة. انتهى اللواء محمد عكاشة من كتابة كتاب يحمل عنوان "صراع في السماء"، كان من المقرر أن يُنشر في شهر يونيو المقبل عن دار عين، وفقًا لأحد تصريحاته الصحفية، وكان هذا الاسم مؤقتًا، يحكي فيه عن الحروب المصرية الإسرائيلية منذ عام 1948 حتى 1967، يتناول المعارك العسكرية التي خاضتها مصر وجيشها مع الكيان الصهيوني والخلفية العسكرية لهذه الحروب، حيث فضّل الكتابة "عن الانتصارات التي حققها الجيش المصري في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر العظيمة، لا عن الهزائم التي كانت مرتكزًا ودفعة للجيش والشعب المصري لتحقيق الانتصارات فيما بعد". وأثناء ترأسه حركة "مقاتلون من أجل مصر" هاجم "عكاشة" محمد البلتاجي، القيادي بجماعة الإخوان الإرهابية، بسبب تصريحات الأخير خلال ''مليونية لا للعنف''، التي قال فيها إن الشعب تحمّل الجيش 60 عامًا، بينما القوات المسلحة لم تستطع تحمّل الشعب لمدة عام واحد بعد ثورة 25 يناير، وقال إن البلتاجي "جاهل ولا يعرف من تاريخ مصر شيئًا، وهو إنسان عبد لجماعة الإخوان المسلمين التي ظهرت أحقادها في الرغبة في هدم القوات المسلحة". رفض كثيرًا وصف الكاتب محمد حسنين هيكل للضربة الجوية ب"مظاهرة للطيران" لاستعادة الثقة في القوات الجوية، ونفى ذلك في حوار صحفي له، واستطرد تبريره لرفض حديث هيكل ب"هيكل يخليه في التحليلات السياسية، ويترك العسكرية لأهلها، إذا كنا عايشين، وبيقول كده أمال لما نموت هيخترع كلام شكله إيه!" يشيع جثمان "عكاشة" بعد صلاة العصر اليوم من جامع مصطفى محمود بالمهندسين، على أن يكون العزاء في مسجد الحامدية الشاذلية، وفقا لصفحة "المجموعة 73 مؤرخين" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".