يستقبل الملك عبد الله بن عبد العزيز الرئيس الأمريكي باراك أوباما، اليوم، لبحث العلاقات الثنائية والمواقف المتباعدة للبلدين الحليفين حيال إيرانوسوريا، في حين لا تبدي واشنطن أي تغيير ملموس في سياستها. وأفاد مصدر رسمي أن الزعيمين سيبحثان سبل "تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، والمسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك". وقال عبد العزيز الصقر رئيس مركز الخليج للأبحاث، إن العلاقات السعودية الأمريكية يسودها "نوع من التوتر بسبب مواقف واشنطن"، مشيرا إلى أن إيران ستشكل "العنوان الأبرز" في المحادثات. وأضاف: "التقارب بين واشنطنوطهران يجب أن لا يكون على حساب العلاقات مع الرياض"، رغم أن الملف النووي الإيراني هو "الوحيد تقريبا الذي ربما سينجح فيه أوباما خارجيا". وفي حين تبدي السعودية ودول الخليج شكوكا إزاء نوايا إيران التي تؤكد أن برنامجها النووي لأغراض سلمية، تجري القوى الغربية محادثات مع طهران للتوصل إلى حل لهذه المسألة التي تشكل مبعث قلق للعديد من الدول. وبالنسبة لسوريا حيث دخل النزاع الدامي عامه الرابع، قال المحللون إن الملف سيكون حاضرا بقوة أيضا خصوصا في ظل الارتباط القوي بين طهران ودمشق. وأوضح الصقر أن ملف "تسليح المعارضة السورية سيطرح بإلحاح". بدوره، أكد الباحث خالد الدخيل أن إيران ستشكل مع سوريا النقطة الأهم في المحادثات بين الملك وأوباما، موضحا: "يبدو الخلاف كبير جدا بين الطرفين". وأضاف: "ليس هناك أي تغيير في الموقف الأمريكي حيال سوريا حتى الآن". وفي الإطار ذاته، قال بول ساليفان أستاذ الدراسات الأمنية في جامعة جورجتاون: "لن يكون هناك تغيير في السياسة الأمريكية خلال الزيارة (...) فهي في جزء منها لطمأنة السعودية". وأيد الدخيل ذلك قائلا إنه "إذا كان هناك تعديل ما في الموقف الأمريكي فسيكون التشديد على طمأنة المخاوف السعودية حيال إيران وأمن المنطقة". وأضاف ساليفان: "الزيارة فرصة لتنقية الأجواء بسبب سوء تفاهم واسع (...) ما تزال هناك العديد من النقاط الإيجابية في العلاقات". من جهته، أشار أنور عشقي رئيس مركز الدراسات الاستراتجية في جدة، إلى "تشنج في العلاقات بسبب إيرانوسوريا خصوصا لكن الأمور لن تصل إلى مرحلة القطيعة". وقال إن "سوريا ستحتل مكانة مميزة في المحادثات (...) أعتقد بأن الرئيس الأمريكي سيطرح احتمال بقاء (الرئيس السوري بشار) الأسد رئيسا مقابل شروط عدة". وأضاف أن أبرز الشروط هو "فك الارتباط مع إيران وبالتالي حزب الله وتشكيل حكومة جامعة تمثل كل ألوان الطيف السياسي في سوريا وإجراء انتخابات حرة". وعما إذا كانت السعودية توافق على بقاء الأسد رئيسا، أجاب عشقي: "يجب أن نتذكر أن المطلب الأول للسعودية كان وما يزال فك الارتباط مع إيران وتوابعها". وأوضح أن سوريا "معرضة للتقسيم إذا بقيت الأمور على هذا المنوال وفي حال ترسخ ذلك فإن المنطقة برمتها ستكون معرضة لخطر التقسيم". واعتبر عشقي أن الغربيين توصلوا إلى هذا "الاستنتاج بعد مشاركة جهاديين من أمريكا وأورويا في القتال الدائر في سوريا واكتساب خبرات تمكنهم من تنفيذ عمليات إرهابية في بلادهم فور عودتهم إليها". وتابع أن "الجميع مقتنع بأن نظام الأسد هو الوحيد القادر على ضرب الإرهابيين في وقت تعاني فيه المعارضة السورية من الانقسامات والضعف وتبادل الاتهامات بين أطرافها". وبالنسبة للملفات الأخرى التي قد تتطرق إليها المحادثات، قال الصقر: "ستعلن المملكة موقفها بكل وضوح عند مناقشة الأوضاع في اليمن ومصر والعراق والنزاع العربي الإسرائيلي". والسعودية كانت أول بلد عربي يزوره أوباما في يونيو 2009 قبل توجهه إلى القاهرة، حيث ألقى خطابا في الأزهر يؤكد عزمه "التصالح" مع العالم الإسلامي. لكن الفارق بات شاسعا بين الآمال التي أحيتها الزيارة الأولى في بدء حقبة جديدة والواقع الراهن. وعبر الصقر عن اعتقاده بأن أوباما "سيركز من جهته، رغم ضخامة هذه الملفات، على ضرورة التفاهم بين دول مجلس التعاون الخليجي". وقد قررت السعودية والبحرين والإمارات سحب سفرائها من قطر مطلع الشهر الحالي. يذكر أن قمة كانت قيد الدرس بين أوباما وقادة دول الخليج لكنها لم تعد مطروحة نتيجة للخلافات التي تعصف بمجلس التعاون الخليجي.