"أحتاج إليك وأهرب منك وأرحل بعدك من نفسي في بحر يديك، أفتش عنك فتحرق أمواجك شمسي" بكلمات سجّلت أرقى حالات العشق كتبها "أمير الياسمين" الذي أتحف الأدب العربي بقصائدة وكلماته التي كانت منهلًا كبيرًا لكل من تغنى بكلمات وضعها نزار قباني لتجسد حالة حب جديدة، استطاع فيها تجسيد الحب في كلمات لتصل سريعًا إلى قلوب كل من عشقوه وأتحفهم جمال كلماته. في مثل هذا اليوم 21 مارس من عام 1923، وُلد نزار قباني، شاعر الكوخ والمرأة، في دمشق القديمة لعائلة ثريّة إذ كان والده تاجرًا دمشقيًا معروفًا، وخلال طفولته انتحرت شقيقته، بعد أن أجبرها أهلها على الزواج من رجل لم تكن تحبّه، وهو ما ترك أثرًا عميقًا في نفسه، حيث كتب ويكأنه يصف حالات الحب في المجتمع العربي: "إن الحبّ في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره". وأحدثت قصيدته "هوامش على دفتر النكسة" عاصفة شديدة في العالم العربي، وأحدثت جدلاً كبيرًا بين المثقفين العرب، ولعنف القصيدة صدر قرار بمنع إذاعة أغاني نزار وأشعاره بالإذاعة والتليفزيون، ومن كلماتها: "إذا خسرنا الحرب لا غرابة، لأننا ندخلها بكل ما يملك الشرقي من مواهب الخطابة بالعنتريات التي ما قتلت ذبابه، لأننا ندخلها بمنطق الطبلة والربابة". وكان قباني شاعرًا ملمًا بكل ما يحدث، محنكًا في جميع قصائدة التي لم تنهِ كتاباته المتكررة عن حالات الحب في أن يلتفت إلى الجانب السياسي والنثري حتى الدواوين، فقد عاش 75 عامًا قضى معظمها في كتابة قصائد في شتى المجالات، تغنى بها عظماء المطربين منهم "أم كلثوم، عبدالحليم حافظ، فايزة أحمد، فيروز، ماجدة الرومي، طلال مداح، أصالة، لطيفة التونسية"، في حين حظي "كاظم الساهر" بالنصيب الأوفى من كلمات القباني العزبة التي كثيرًا ما ساعدته في مشواره الفني الذي وصل اليه كاظم الآن، حيث غنى قصائد كثيرة كتبها "نزار" مثل "زيديني عشقًا" و"أشهد ألا امرأة" و"قولي أحبك" و"أجلس في المقهى". في عام 1982 قتلت زوجته "بلقيس" خلال تفجير السفارة العراقية في بيروت، فغادر نزار لبنان ليقضي بلندن خمسة عشر عامًا كانت الأخيرة في حياته، واستمر بنشر دواوينه وقصائده منها "متى يعلنون وفاة العرب" و"المهرولون". وفي 30 أبريل 1998 توفي نزار قباني، عن عمر يناهز 75 عامًا في لندن؛ بسبب أزمة قلبية، ليدفن في دمشق كما ذكر في وصية له، والتي قال متحدثًا فيها عن مسقط رأسه: "الرحم الذي علمني الشعر، الذي علمني الإبداع، والذي علمني أبجدية الياسمين".