لم يبلغ عامه الثامن بعد، تقدم ممسكاً بيد والدته إلى أحد محال الملابس بالمهندسين، يجرى متحمساً بين الأطقم التى لا تعبر عن سنه أو نوعه يختار من بينها، للوهلة الأولى اعتقد العاملون بالمحل أنه يبحث عن هدية عيد الأم لوالدته التى تركته يجوب المكان كيفما يشاء، ولكن الأمر بدا للصغير مختلفاً، فكل ما يختاره الصغير «عبدالرحمن محمد» لا يتناسب مع سن وحجم والدته، وبعد لحظات من الحيرة، وقف يحكى قصة هدية عيد الأم التى جاء لشرائها لجدته، وليس لوالدته فقال: «أنا جيت النهاردة مع ماما وبابا، عشان أشترى هدية عيد الأم لجدتى، وماما هتساعدنى عشان هى عارفة مقاسها أكتر منى، بس أنا اللى هختار، عشان أنا كنت بحوش من مصروفى طول الوقت اللى فات عشان عايز أجيب هدية كبيرة لتيتة وماما طبعاً». فى البداية، سأل «عبدالرحمن» جدته: «أجيب لك إيه فى عيد الأم؟»، يروى الطفل وهو ينظر إلى الملابس، متهافتاً على اختيار ما يليق بجدته، ويقول: «لما سألتها قالتلى مش عايزة غير سلامتك، وأنا عايز أجيب لها الدنيا كلها وتكون فرحانة». يتوقف الطفل عن الحديث يرمق بعينيه أحد الأرفف ويجرى نحوه، هنا وجد قطعة قماش كبيرة مكتوباً عليها على شكل منشفة: «كل سنة وإنت طيبة يا أمى»، ينادى والدته لترى ما وقع اختياره عليها: «ماما أنا هاخذ الفوطة دى لتيتة»، تبتسم والدته، وهى تهز رأسها بالموافقة، وتطلب منه أن يحضر هدية أخرى بجوار السابقة لتكون أكثر قيمة. يخرج عبدالرحمن من محل الملابس إلى محل هدايا مجاور له، يسرع وهو ممسك بيد أمه، ويبحث عن «كارت معايدة»، يكتب فيه بمساعدة والدته كلمتين فقط لجدته فى عيد الأم «بحبك يا تيتة».