قبل أن تقرأ، أود أن أفصّل بعض المصطلحات التي أعتقد أن مهم توضحيها ضمن السياق: الحلم: هو ما يراه المرء أثناء نومه من مواقف وذكريات وأشخاص، مواقف مر بها فأثرت في ذاكرته، وذكريات علقت في نفسه، وأشخاص ظهروا في حياته ليتركوا أثرا أو تغييرا كبيرا أو ضررا فظيعا. هو ذلك الخيال الذي يرواغ نفس المرء؛ ذلك الهدف الذي يسعي الإنسان إليه؛ ذلك الشوق لتحقيق الذات؛ هي تلك الرغبة في تغيير العالم ولو بأبسط الطرق. الخلود: هو عكس الفناء أو الإنتهاء أو الموت، والخلود لله وحده؛ وهو أيضا رغبة المرء في تخليد اسمه وبقاء ذاته حتي بعد فنائه أو انتهائه؛ رغبته في أن يغير العالم من عالم متناحر، بائس، متطاحن إلي عالم هادىء وسعيد ومسالم . الرسم: هو نقل مظاهر طبيعية أو تصوير مواقف خيالية أو تصوير أشخاص وهم يمارسون حياتهم اليومية علي الورق باستخدام أقلام رصاص، أوملونة مبهجة؛ وهو أيضا وسيلة لتغيير العالم. أما خلود فهي فتاة بسيطة، حالمة وهادئة ومجنونة وسعيدة، ولا يعرف لها الحزن طريق حتي وهي في أسوأ حالاتها، ولا تعرف معني المستحيل، ولا تسمح للعقبات أن تعترضها؛ تنشر الحب حولها وتبث البهجة أينما وجدت، وعندما تنظر إليها مبتسمة تري الأمل في أزهي حالاته. أما حلمها فهو السلام عندما ينتشر في العالم، وهدفها انتشار الحب بين بني آدم؛ فسوف تغير العالم بأبسط طريقة، وبافضل سلاح، وبأقرب وسيلة إلي العين والعقل والنفس.. بالرسم . أمسكت خلود بقلمها الرصاص وبدأت تخط أول خط سيغير العالم علي لوحة كبيرة تلفت نظر الناظرين، وتخطف قلب المشاهدين؛ قررت ألا تترك صراع من صراعات الإنسان دون أن تصوره . ربما ستأخذ هذه اللوحة ما تبقي في عمرها لتنتهي منها، فقد أصبحت حياة المرء تتلخص في صراعات علي البقاء، وعلي الحرية، وعلي الفكر، وعلي الاعتقاد وعلي السلام. بدأت بصراع الإنسان علي البقاء فصورت صراع الإنسان علي الماء، والطعام..علي العيش، ثم تناولت حرية المرء، حرية الشعوب ورغبة الدول -التي تعتقد أنها تملك العالم لحسابها ولمتعتها ولرفاهيتها –في خنق شعوب العالم والاستحواذ علي كل ما يمده بسبل العيش الكريم وكأن هذه الدول ستقوم بتعبئة الأكسجين في خزانات وتصرفه لم ترضي عنه أو يرضيها. وجاء وقت حرية الفكر، وحرية العقل، وحرية إعطائه المساحة ليجدد ليتوسع ويفكر. حرية اعتقاد المرء وايمانه والتي يرغب البعض في سلبها أو يحاول البعض التقليل من معتقدات الأخرين، أو تشوية صورة معتقداتهم أو تلويثها بجرائم لا تعبر عن أساس وأصل هذه المعتقدات. السلام، أين نجده في عالم لا يطيق فيه المرء خياله، ولا يرحب صدره بالاختلافات، ولا يتساوي فيه البشر؟!؛ ها هي الان قد انتهت من لوحة تقشعر لها الأبدان، وتنصاع لها العقول، تُسلّم بها القلوب . حملت لوحتها وانطلقت إلي وجهتها: كل البلاد المتناحرة والتي تسعي إلي نشر التناحر و تلك التي دمرها التناحر، وهدفها هي عزوف الناس عن كل هذه الافعال التي تخالف انسانيتهم وادميتهم وسلاحها لوحتها التي تنقل الحقيقة المفزعة التي آل اليها عالمنا. كيف تنقلت لتؤدي مهمتها ؟! بسيطة ... تنقلت علي دراجتها الهوائية بين كل بلدان العالم تجتاز الحدود وتعبر المسافات في رحلة استغرقت سنوات عمرها الطوال وخلدت اسمها مع الابطال تعرض لوحتها في كل مكان في كل البلدان التي أصابها مرض القتل والتدمير والصراع. فما نتيجة سعيها ؟! فناء التناحر وانتشار السلام، سعادة الأنام، وهي الأن سعيدة، مسالمة، مستمرة في نشر البهجة علي الرغم من فناء شبابها لكن روحها لا تفني ولا تتخاذل . أعلم انها قصة خيالية جدا لكن الحلم ليس له حدود والرغبة في التغيير تجتاز كل الحدود و"لو بطلنا نحلم نموت " فلنسعي إلي التغيير ولا نقف مكتوفي الأيدي أمام عالم تنهار آدميته وتتلاشي انسانيته.