محمد كريم .. حُرق تمثاله وبقيت أفلامه دليلا على عظمته وريادته

"حُرَق تمثال محمد كريم" .. خبر قصير تناقلته الصحف، والمواقع الإخبارية. أراد من فعل ذلك محو آثار الرجل، لكنهم نسوا أن أول مخرج بالسينما المصرية، لن يمحيه الزمن، فأفلامه ستظل باقية تدلل على عظمته وريادته.
تلمس طلعت حرب، مؤسس الاقتصاد المصري الحديث، وصاحب شركة مصر للتمثيل والسينما، في عشرينيات القرن الماضي، الموهبة في شاب اسمه محمد كريم، فطلب منه في يونيو من عام 1927، إخراج فيلم عن حديقة الحيوان بالجيزة، لتمثل أول تجربة إخراجية لرائد هذا الفن.
عشق الطفل كريم المولود في عام 1896 بعابدين، السينما منذ نعومة أظافره، فكان يحرص على أن يذهب إلى السينما من أجل إمتاع بصره وإذكاء عقله، وكان أول ما شاهد فيلمي "أسرار نيويورك"، و"فانتوماس"، واللذين عُرضا بسينما "أمبير".
تجلى عشق كريم للسينما، في شرائه لكاميرا من مصروفه الخاص، استخدمها في تصوير نفسه وهو يقوم بأدوار عديدة، يحاول من خلالها تقليد ما يشاهده في الأفلام الأجنبية، وكانت هذه الخطوات الأولى لتمصير هذا الفن بمعاونة رفاقه عزيزة أمير وطلعت حرب.
هذه البداية التمثيلية لكريم لم تمنعه من اقتحام عالم الإخراج الذي وجد نفسه بداخله، فقدم رواية "زينب" أولى الروايات المصرية للسينما، لكنه قدمها بشكل صامت "النوع السينمائي المعروف وقتذاك"، وأعادها ناطقة بعد ذلك في عام 1952.
كان "أولاد الذوات" الفيلم الأول للمخرج الشهير في عام 1932، وقام ببطولته أنور وجدي، ويوسف وهبي، وحسن فايق.
ارتبط اسم محمد كريم بالموسيقار محمد عبد الوهاب، حيث أخرج له الأفلام السبعة التي قام ببطولتها، بداية من الوردة البيضاء حتى لست ملاكاً، كما يحسب له إخراجه فيلم دليلة من بطولة عبد الحليم حافظ عام 1956، وهو أول فيلم مصري يظهر بطريقة سينما سكوب.
أخرج كريم 18 فيلمًا، منهم أصحاب السعادة، ورصاصة في القلب، وكتب سيناريو وحوار 12 فيلماً، منها "يحيا الحب، وقلب من ذهب"، وأدى دوراً بنفسه في فيلم أصحاب السعادة، وصنع مونتاج ثلاثة أفلام، وقام بعمل ديكور فيلم زينب الصامت، وأنتج فيلم جنون الحب عام 1954، بالإضافة إلى 9 أفلام تسجيلية قصيرة، وتولى رئاسة معهد السينما عام 1959.
كريم الذي تزوج من ألمانية، رحل عن عالمنا في عام 1972، لسكتة قلبية أصابته.
وما بين الاتهامات المتبادلة بين السلفيين، وأتباع المرشح للانتخابات الفريق أحمد شفيق، بالمسئولية عن حريق تمثال كريم، تبقى ذكرى المخرج العظيم باقية لن يمحوها الزمن.