لا نستطيع أن نغفل أو نتغافل عن الطريقة التى تدار بها الأمور حالياً والصبر على تصنيفها وتأطيرها فى كلمات مثل التخبط وعدم وضوح الرؤية وغياب التجديد وإهمال الإبداع وسيطرة الاستسهال بكل ما يماثل أغانى المهرجانات بتاعة «أوكا وأورتيجا وشحتة» وغيرهم من «حاحا» حتى «الديزل»، فالأداء يومياً لا يطرب، فهو خبط ورزع وحركات بهلوانية عشوائية غير منضبطة أو ملتزمة بنسق أو إطار أو حتى أساس، فمن الإعلان عن علاج لفيروس «سى والإيدز» الذى أساء إلى جهاز «سى فاست» المتميز حتى اختيار محلب لحكومته، سلسلة من الإصرار على تغييب المنطق بل والمسئولية تجاه خارطة الطريق واختيارات الشعب فى «يونيو» وما بعدها، فالحكومة الببلاوية ما زالت كما هى، فالظرف الموضوعى دفع إبراهيم محلب للقيام بعملية ترميم وليس إصلاحاً فى الجسد الواهن، وهو ما يتناقض مع ثقافته كمقاول يعلم جيداً أن البناء أفضل كثيراً من الترميم، خاصة أن ترميم الأداء فى حكومة عاجزة وُجدت فى لحظة مضطربة سيكون أصعب مما ألفه محلب طوال تاريخه سواء فى مصر أو الخليج، فالتغيير الذى لم يطل سوى ثلث الحكومة تقريباً لن يجدى ولن ينفع مع جهد الباشمهندس الذى يعافر مشمراً عن ساعديه كما تعود، فإرادة «الشغيل» لا تكفى فى ظل عوارض منها إقحام لحظة تغيير الحكومة بمسألة ترشح المشير السيسى، فبدا الأمر وكأن محلب يُساق إلى تشكيل حكومته سريعاً لكى يمهد طريقاً لما هو قادم وليس لحل أزمات وطن ومشكلات شارع يرغب فى استعادة أمنه واستقراره ومعها انتعاش الاقتصاد وبخاصة السياحة المريضة التى تتحسن قليلاً ثم تعود لتتدهور حالتها، محلب بدأ البداية الخاطئة وسيدفع ثمن التشكيل المتسرع لإعلان حكومة «نيو ببلاوى» وستلاحقه نفس الاتهامات والانتقادات، ومن ثم فالخروج من فلك الارتجال وصياغة نغمات جديدة سيصطدم بصخور الأحادية وسيطرة عقلية البيروقراطية القديمة على القرار السياسى، وذكريات الإنجاز لن تعفى محلب من الكعبلة فى أنفاق العناكب والثعابين والثعالب، فكان أول الغيث يتطلب قراراً منه بقطرة الجرأة والشجاعة وليس بترميم جرف هار أو وضع شبابيك على منزل خاو، حتى لا يسيطر «أوكا وأورتيجا» على حياتنا فتظل معلقة بين سماء التغيير وأرض الواقع فلا نحصد سوى حركات دعائية لا تصلح فى زمن الإرهاب والفقر والضعف والتراجع، ونضطر عندما نتحدث عن محلب وعند المقارنة مع الببلاوى إلى أن نقول كما قال خالد الذكر «أوكا»: «لما الواحد يقعد ياكل حلويات كتير نفسه بتجزع، فيبحث عن حاجة حرشة يظبط بها نفسه»، وكأننا جئنا بمحلب لمجرد أنه مهندس شاطر ومقاول يعلم تماماً كيف يبنى وكيف ينجز؟ لكن الأوطان تحتاج إلى هؤلاء وهؤلاء فتريد المنجزين وأيضاً المفكرين، البداية كما فعل أوكا وأورتيجا ليست صالحة لخارطة طريق تريد وضوحاً أمام الرأى العام فى ظل استحقاقات هى المحددة لمصر المستقبل وسط أجواء سلبية خلقتها جماعات المصالح القديمة وما تحلق حولها من وسائل إعلام وأضر بالجميع بدءاً من المواطن حتى مرشح الضرورة، فالأحلام وصلت عنان السماء، بلاش عنان ده، أقصد ارتفعت بصورة تتجاوز الواقع والعقل، ولن تنفع معها سوى معجزة تنتظر توفيقاً سماوياً وقبلها بالطبع عمل دءوب، ولكن أين نذهب بأوكا وأورتيجا وأمثالهما ما داموا يطاردوننا بطريقة تفكيرهم، لنغرق فى دوامة جهل أو نموت بسببها ونفقد أعز ما نملك «العقل»!! كلمة أخيرة: السيسى ليس «سوبرمان»، بل رجل مخلص أحب وطن التسامح والوسطية ويحتاج منا المساعدة، ولزاماً علينا أن نمسح من الذاكرة نهاية الزعامات حتى لا نصاب بالإحباط أو خيبة الأمل، نريد رجلاً قوياً واقعياً يمنحنا أمناً ولقمة وحرية وعدلاً!!