م الآخر| مذكرات طبيب في التكليف (5).. الشهابية

"أنا هاستلم العمل يا دكتور لطفي بس بعد إذن حضرتك مش هاينفع أروح المقصبة ولا الدعاة"
قلتها لمدير الإدارة الدكتور لطفي متحفزا
- انت بتتشرط علينا قبل ما تستلم يا دكتور هاني
- لا أنا مش بتشرط ولا حاجة بس أنا جاي عشان أشتغل مش عشان أترمي في الصحرا.
"وإيه المشكلة يعني ما احنا كنا هنا عشان نخدم الغلابة".
قالها عبدالشافي وهو ينظر لى نظره من نوعيه ( أنت -فاكر- أن -على -راسك- ريشه- ياعسل)
"وللا ايه رايك يادكتور لطفي" قلتها متجاهلا عباره عبد الشافى مسددا له نظرة من نوعية ( خليك - في - حالك- انت - يا عسل)
"والله يا دكتور هانى هما دول الوحدتين اللي فاضيين ومينفعش ابعتك طبيب تانى وفيه وحدات فاضية"
في عرف الرعاية الأساسية.. الطبيب الذي يذهب أولا والوحدة فارغة يتسلم العمل ويكون هو مدير الوحدة والصيدلي وطبيب الأسنان وفني المعمل والطباخ والشيفونيرهيطلق عليه فى التكليف الطبيب الاول ... وحياته اغلب الامر تكون عباره عن قطعه من الجحيمحيث انه يجب عليه التواجد بصفه دائمه تقريبا تحسبا لاى مرور من الوزاره او المديريه او حتى الاداره اما من يذهب بعد ذلك يصبح الطبيب الثانى ثم الثالث وهكذا وفى هذه الحاله تكون المسؤوليه مخففه حيث لا يطلب منه سوى ان يعمل كطبيب تاركا كل المسؤوليه الاداريه على الطبيب الاول
وكانت هذه تحديدا من أقوى الأسباب التى جعلتنى أرفض الاستلام فى الوحدات الفارغة حتى لا "أشيل الليلة" بالبلدى كده
-" طيب حيث كده بقى انا مش هاستلم الا لما الوحدتين دول يتملوا مفيش اى مشاكل انى اقعد فى البيت كمان شهر "
" براحتك بس ممكن نفضل كده لاخر السنه " قالها عبد الشافى كعادته مصمما على وضع اللمسه الاخيرة
القيت السلام وذهبت لا الوى على شىء تاركا رقمى مع الأستاذ " شفيق " احد المراقبين الصحيين فى الاداره وهو شاب مهذب من الوادى الجديد ضربت معه صحوبيه سريعه ليبلغنى باخبار استلام العمل اول باول حتى استطيع الاستلام فى اللحظه المناسبهبعد إكتمال العدد فى كل الوحدات
بعد حوالى أسبوع ... صحوت على جرس الموبايل يرن بالحاح قائلا انه شفيق يتصل بك
- نصف نائم اجبته ... ازيك يا استاذ شفيق - ايوه يادكتور هانى ... السلام عليكم "- ازيك يا استاذ شفيق .... عليكم السلام
الدكتورة بتاعه وحده الشهابية هتاخد إجازة وضع -طب وانا دخلى ايه- دخلك ايه ازاى تعالى استلم مكانها ال 3 شهور دول ولما ترجع تبقى انت طبيب تانى والله فكره -عرفت منين ياشفيق - انا لسه كنت حالا مع الدكتور سيد زوجها وهو اللى قاللى - يبقى كويس جدا لو جيت استلمت مكانها الشويه دول وكلها 3 شهور وترجع وتبقى انت الطبيب التانى
- والشهابيه دى كويسه ياشفيق - كويسه يادكتور هانى هى مشكلتها بس ان لازم يكون معاك عربيه - عادى مفيش مشاكل - وعموما برضه تعالى بص عليها
"بلطيم 35 كم " بعد 45 دقيقه بالضبط من المكالمه مع شفيق كنت اقرأ هذه العلامه الإرشاديه على يسار الطريق
عند الوصول لحدود بلطيم بدأت فى التدقيق مره أخرى ووجدت على اليسار تقريبا وقبل بلطيم بحوالى 5 كيلومترات " الوحده المحليه لقريه الشهابيه ترحب بكم إذن فهذه هى الشهابيه اللى بيقولوا عليها مجموعه من البيوت المتراميه ويتوسطها مبنى أبيض من دورين " الوحده الصحيه بالطبع " ثم المبنى الموحد للأبنيه التعليميه بلونه الاحمر المميز ,,,, فيما يعنى وجود مدرسه أيضا
أكملت المسير الى الإداره الصحيه .. دخلت مكتب المدير ملقيا السلام لم أجد الأستاذ عبد الشافى وهو شجعنى على المضى قدما للنهايه - أنا سمعت ان الدكتوره اللى فى الشهابيه هتاخد أجازه وضع قريب انا ممكن اروح مكانها ولما ترجع اكمل فى الوحده طبيب تانى وكده نبقى ماخلفناش القواعد واهى برضه الشهابيه مش المهندسين يعنى محدوفه وبعيده وكل حاجه إيه رأي حضرتك.... قاللى ماشى بس بعد اجازه الوضع انا ممكن انقلك
" حضرتك انا أصلا بتلكك ولو معجبنيش الوضع أنا اساسا هابلغ مرضى وساعتها هاتحتاج دكتور للشهابيه أصلا " ماشى يادكتور ..قالها من تحت طقم أسنانه بالكامل
إختصارا إستلمت ... واخدت الجواب وطلعت على الوحده لأقابل الدكتوره وأستلم العمل ثمأتفقت معاها اننى سأتى 3 أيام فى الأسبوع حتى ميعاد أجازه الوضع عشان عرف الدنيا ماشيه ازاى وامشى العياده برضه على سبيل التدريب على العمل
البلد بسيطه جدا فيها مشكله المياه والكهرباء كأغلب قرى بلطيم ولكنها أحسن حالا وأهلها من البسطاء يعملون إما فى الزراعه أو الصيد وللحق هم أطيب ناس فى الخط كله الوحده مبينه عن طريق " US Aid " " المعونه الأمريكيه " ومجهزه على اعلى مستوى وبها سكن مؤثث بطريقه فاخره " وهو مايعنى وجود مروحتين سقف واحده فى الصاله وواحده فى غرفه النوم "
وتطل الوحده على جنينه صغيره ويوجد فى الجنينه عدد 3 معزه بنى محروق وواحد جدى بقرن مكسور ودكرين بط مسكوفى وفرخه حائره.
تجولت فى الوحده قليلا ونظرات العاملين وأهل القريه تلاحقنى بإستغراب شديد وهم يتغامزون ويتضاحكون حتى اننى توقفت أمام مراه فى السكن لاتأكد أننى لست بعين واحده ولا ثلاثه أذرع كما أننى كنت متأكد تماما انتى تركت الاذن الخامسه فى البيت قبل مااجى.
أنتهيت من جولتى السريعه وتبادلت السلام مع الدكتوره ثم قفلت راجعا الى دمياط على وعد بالحضور يوم السبت صباحا " وكنت قد استلمت العمل يوم الخميس " لابدأ العمل ولتكون بدايه مغامراتى فى الوحده الصحيه لقريه الشهابيه .