الأحلام وحدها القادرة على فتح باب الهروب من قسوة الواقع، تستدعي بعضاً من نقاء الماضي وطموح المستقبل لتساهم في إضفاء لمسات جديدة على الحاضر الذي لا يقابله الرضاء من الجميع، وسيلة ربما يمكن من خلالها إيجاد طرق أخرى لحل معضلاتنا وإن كانت فقط في حيز الخيال أو ربما أولى خطوات التخطيط. من لم يتدارك أخطاء ماضيه ويراجع حساباته على ضوء كم أكثر من التحليل والتأمل، هو يلقي بنفسه في محرقة الزمن بلا أدنى شك، كذلك الحال في بلادنا، دوائر الزمن تعيد نفسها وتدور حول شعوبنا باستمرار ولم تجد من يقتنص منها الموعظة أو الدروس. دعونا نقفز على كل حسابات المنطق والمعقول ونسمح لعقولنا أن تتحرك من الإطار الضيق الذي ألصقناه بها، دعونا نحلم دون سقف أو حدود، فإن الأمر الواقع كان يوماً ما حلم يراود بعض العقول. الدولة المصرية الكبرى هي الحلم والطموح والمشروع الأكبر، كانت هناك محاولات متكررة في ذلك الأمر حقق بعض النجاح بينما انتهى الأمر إلى الحفظ في صفحات التاريخ تاركاً الاعتبار للأخطاء وضوءاً على طريق الأمل، البداية كانت في عهد محمد علي ثم الزعيم عبدالناصر، وكل منهما لم يكن يملك عصا سحرية بل كان يملك طموحًا ورؤية إلى جانب إرادة صلبة على تنفيذها، والآن متى يكون الموعد للبداية الأحدث في المشروع الأكبر.. حلم الدولة الكبرى.. بكل تفاصيل مكوناته المختلفة من كل تجاه زاوية، علها تكون الفكرة التي تجذب النفوس والعقول وتتكسر على صخورها كل شظايا العقل الشاردة. حلم الدولة المصرية الكبرى، قضية أمن قومي، لا يخفى عن أحد مدى التحديات والصراعات التي تجرى في الظاهر والخفاء ؛ من أجل السيطرة على الدولة المصرية أرضاً وقراراً، وأطماع الكثيرين من اباطرة العالم في الحصول على "مفتاح القاهرة" الذي يعتبره الكثيرون مفتاحا للشرق الأوسط، كما أن هناك نزعات انفصالية وعرقية يريد البعض إشعالها، ومحاولات زرع الفكر المتشدد يميناً ويساراً.. كل هذا وأكثر من الأخطار التي تواجه بلادنا يجب مقابلاتها بمشروع مضاد وتحرك عكسي بأكبر قدر من القوة والصلابة لتسقط كل الآثام والمؤامرات المدبرة تحت أقدام المصريين، وكذلك تطبيقاً لمفهوم أن الفكر لا يقاوم إلا بالفكر، فنظريات التقسيم والفك والتركيب الأممي لا يكسر شوكته إلا الوطنية غير المحدودة والممنهجة في سياق مشروع قومي عظيم. مقومات حلم الدولة المصرية الكبرى، مقومات هذا الطموح يمكن اختصارها لبعض نقاط هي الأساس للانطلاقة إلى آفاق وصياغة جديدة لمفاهيم التقدم، جيش قوي حديث في أنظمة تسليحه وتدريبه في كل أفرعه الرئيسية من دفاع جوي وبحرية وصولاً إلى كيفية بناء جندي مصري يملك إمكانيات التعامل مع أعقد الأسلحة الحديثة وتنفيذ المهمات الصعبة وكسب التحديات القادمة والمطروحة في الآفاق والتي تجعل من الحدود المصرية خطراً مستمراً يحتاج إلى قوة ردع قادرة على المواجهة وهذا من خلال تحليلات الواقع والمشاهدات العامة للانتشار العسكري الأمريكي في البحر المتوسط وتصاعد الصدامات العنيفة في ليبيا وتدهور الأحوال الأمنية في السودان شمالاً وجنوباً، فضلاً عن التهديدات المتزايدة في البحر الأحمر، خاصة بعد تقسيم اليمن وتضاعف وتيرة الصراع في الصومال ليصبح مضيق باب المندب تحت تهديد مستمر. هناك مقوّمات أخرى ليست أقل أهمية مثل تطور نوعي في الزراعة من حيث التقنيات المستخدمة وطرق الري واستخدام البذور التي تمتاز بالجودة العالية والتي مرّت على اختبارات عديدة لضمان سلامتها وخلوها من أي ضعف أو مرض إلى جانب الاهتمام بالثروة الحيوانية والسمكية واستغلال الإمكانيات المصرية المتاحة في السواحل والمزارع واستخدام الطرق العلمية الحديثة لزيادة الإنتاج وتقليل الكمية المستوردة من الخارج، أما عن الصناعة فيجب ربط المصانع مع المدارس الصناعية والجامعات وهيئات البحث العلمي لتكوين منظومة جيدة من التواصل لتنتج الفكرة وتنفذها وتصنعها لتعود الريادة للصناعة المصرية في أكبر كم من المجالات وتغذية السوق المصري من الصناعة المحلية المصرية ذات الجودة والمواصفات الجيدة والخروج بها للمنافسة في الأسواق العالمية. أخيراً وليس آخراً، مطلوب فوراً نقلة نوعية في الشكل والمضون للتعليم بمصر في الأضلاع الأربعة لمنظومة التعليم "المعلم، المدرسة، المنهج، الطالب" فيجب إعداد وتأهيل المعلم النشط الذي يملك المهارات والكفاءة المطلوبة لخلق جيل متميز لديه طموح مختلف قادر على التفكير خارج صندوق الواقع، أما عن المدرسة فيجب أن تتصف بالنظام وتتسع للأعمال الطلابية والأنشطة التعليمية والثقافية المختلفة للطلاب والفصول تكون مكانًا يحب الطالب أن يتواجد فيه وبالنسبة للمنهج فهو الوسيلة التي يجب من خلالها أن يتمكن الطالب من الفهم والوعي للكثير من العلوم وتنمية حاسة التفكير والابتكار لدى الطالب الذي يعتبر هو الناتج النهائي من منظومة التعليم ليكون هو قائد ومدير وصانع ومنتج الغد، للدولة المصرية الكبرى.