سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العراق.. من هنا بدأت «المأساة».. ولا تنتهى «موسكو» تقدم صفقات أسلحة متطورة ل«بغداد» لاستعادة العلاقات وخبير عراقى: «حماقة» الأمريكان سبب توجه مصر والعراق إلى روسيا
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والدخول إلى حقبة الحرب الباردة، كان للعلاقات الروسية العراقية طابع خاص يميزها عن غيرها من العلاقات بين بلدان العالم، فالفضل فى نهضة العراق منذ خمسينات القرن الماضى، وحتى سقوط نظام الرئيس العراقى الراحل صدام حسين فى الغزو الأمريكى عام 2003، يرجع بشكل كبير إلى الدفعة التى منحها الاتحاد السوفيتى فى البداية لتلك العلاقات، ثم استكمال روسيا الاتحادية لتلك العلاقات بشكل مكثف. قبل اجتياح العراق للكويت، كان الاتحاد السوفيتى يتعاون مع العراق بشكل نشط جداً فى الفترة ما بين 1958 و1990، لا سيما فى المجال العسكرى التقنى، وكان العراق أحد أبرز مستوردى المعدات العسكرية السوفيتية فى العالم، إلى درجة أن حجم المبيعات العسكرية الروسية للعراق فى تلك الفترة بلغ 30.5 مليار دولار، ولم تكتف روسيا بذلك فقط، وإنما كانت ترسل الخبراء السوفيت إلى العراق لإصلاح المعدات العسكرية وإنشاء المصانع العسكرية، ومن أشهرها على الإطلاق مصانع «مدافع هاوتزر»، ومصانع «رشاش كلاشينكوف» ومصانع ذخائر المدفعية. لم تتوقف العلاقات بين البلدين إلى حد العلاقات العسكرية فقط، فالاتحاد السوفيتى كان يسيطر بشكل كبير على صناع النفط العراقية، وكان سببها أساسياً فى قيام تلك الصناعة من الأساس، وفى منتصف الثمانينات أصبحت بغداد هى أقوى وأبرز حليف للاتحاد السوفيتى فى الشرق الأوسط، إلا أن فرض مجلس الأمن العقوبات على العراق فى أغسطس عام 1990، تسبب فى تغير مضمون التعاون الثنائى بين البلدين، وانتقل من المجال العسكرى التقنى إلى المجال الاقتصادى البحت، وتطورت العلاقات يوماً بعد يوم إلى أن وصلت حصة روسيا فى استخراج النفط العراقى نسبة 40% فى مارس 2003 قبل الغزو الأمريكى للعراق. تسببت الأوضاع الأمنية المتدهورة فى العراق إلى تقلص حجم النشاط الروسى، كما أن الهجوم المسلح على قافلة تابعة للسفارة الروسية واختطاف 8 موظفين من إحدى الشركات الروسية فى 2004، تسبب فى انسحاب الدب الروسى من البلاد. ومع بداية بوادر الانسحاب الأمريكى من العراق، بدأت الوفود الروسية تعود إلى العراق على أمل إعادة إحياء العلاقات التى تحتل الولاياتالمتحدة نصيب الأسد منها فى الوقت الحالى، وبالفعل قدمت روسيا صفقات أسلحة متطورة إلى العراق يجرى تسليمها فى الوقت الحالى، كما أن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف توجه فى زيارة مفاجئة قبل أيام إلى العراق للتأكيد على العلاقات بين البلدين وتسليم الأسلحة الروسية، فى خطوة قد تنم عن محاولة روسية لسحب بساط العلاقات مع «بغداد» من تحت الولاياتالمتحدة، خاصة أن «واشنطن» تحاول هى الأخرى استمالة الحكومة العراقية بصفقات أسلحة بحجة مكافحة الإرهاب. الخلاف بين «موسكو»و«واشنطن» على العراق لم يكن نتيجة الحرب الباردة فقط، فالرئيس الروسى فلاديمير بوتين أكد فى مقابلة عام 2004 أنه حذر الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش من محاولة التدخل فى العراق وتداعيات ذلك على المنطقة بأكملها. الاستخباراتى الروسى السابق ميخائيل ليونتييف قال، فى لقاء لصحيفة «زافترا» الروسية قبل الغزو الأمريكى للعراق، إن اعتداءات 11 سبتمبر على برجى التجارة العالميين والتخطيط الأمريكى لغزو العراق كانا جزءاً من الصراع الداخلى فى الإدارة الأمريكى، مؤكداً أن الهجوم على برجى التجارة كانا عملية داخلية لمحاولة إثارة التحرك العسكرى الأمريكى وبناء إمبراطورية أمريكية فى العالم للسيطرة على كل الموارد المالية، خاصة أن «الدب الروسى» كان فى وضع «سُبات» ولم يعد قوة عظمى فى ذلك الوقت. ويرى هادى جلو مرعى، رئيس مركز القرار السياسى فى بغداد، فى تصريحات ل«الوطن»، أن الظروف الدولية التى جعلت مصر تتجه نحو روسيا هى نفسها الظروف التى دفعت العراق للاتجاه نفسه، فالبلدان اعتمدا على روسيا نتيجة «حماقة» الولاياتالمتحدة، وتابع: «قبل يومين كان وزير الخارجية الروسى هنا واتفق على إمداد العراق بنفس الصفقة تقريباً التى ستحصل عليها مصر من السلاح الروسى ولنفس الغرض وهو محاربة الإرهاب».