تشهد فنزويلا اليوم وللمرة الثانية خلال أسبوع، تعبئة من قبل أنصار المعارضة التي تريد الاحتجاج على ترهيب مجموعة مسلحة غير محددة، والسلطة التي دعت إلى مسيرة دعم للنساء اللواتي يؤمن بمبادئ تشافيز. وفي الوقت نفسه، اقترح الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو على نظيره الأمريكي "قبول التحدي" وإجراء محادثات مباشرة. وقال مادورو متوجها إلى الرئيس باراك أوباما أمام وسائل إعلام أجنبية: "أدعوك إلى حوار أيها الرئيس أوباما، بين فنزويلا القومية والثورية وبين الولاياتالمتحدة وحكومتها. إقبل التحدي وسنبدأ حوارا رفيع المستوى ونضع الحقيقة على الطاولة". وأضاف أنه منح وزير الخارجية الفنزويلي إلياس خوا "صلاحيات خاصة" لإجراء حوار ثنائي بين واشنطن وكراكاس وإعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما على مستوى السفيرين للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات. وقال الرئيس إنه اختار الدبلوماسي الرفيع المستوى روي شادرتون، مندوب فنزويلا حاليا في منظمة الدول الأمريكية، ليكون سفير كراكاس الجديد في واشنطن. وفي واشنطن، قال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في بيان، إن "استخدام القوة من جانب الحكومة واستخدامها القضاء لترهيب المواطنين والسياسيين الذين يمارسون حقهم المشروع في التظاهر هو أمر غير مقبول ولن يؤدي إلا إلى زيادة مخاطر العنف". وأضاف أنه على الرغم من النداءات التي وجهتها المعارضة الديموقراطية الفنزويلية والأسرة الدولية إلى حكومة مادورو، فقد "واجهت متظاهرين سلميين بالقوة وفي بعض الحالات بمسلحين يزعمون دعم الحكومة". وتابع أن حكومة مادورو عمدت أيضا إلى "سجن طلاب وشخصية رئيسية في المعارضة. لقد قيدت حرية التعبير والتجمع التي لا بد منها للنقاش السياسي المشروع". وأضاف كيري: "ما هكذا تتصرف الديموقراطيات"، داعيا السلطات الفنزويلية إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين "وإطلاق حوار حقيقي مع المعارضة الديموقراطية". وتبادل البلدان سحب سفيريهما في نهاية 2010 بينما طردت فنزويلا طردت خلال السنة الفائتة ثمانية دبلوماسيين أمريكيين بينهم ثلاثة طردتهم الأسبوع الماضي. وخلفت التظاهرات المستمرة في فنزويلا منذ أكثر من 15 يوما تسعة قتلى. وقالت المدعية العامة لويزا أورتيجا للإذاعة الرسمية، أمس، إن عدد القتلى بلغ تسعة والجرحى 137، وتم توقيف 104 شخص. وقال وزير الداخلية ميجيل رودريجيز توريس: "آخر الضحايا الذين سقطوا شاب في التاسعة والعشرين من العمر حاول عبور شارع يغلقه المحتجون، على متن دراجة نارية ليلا. الشاب لم يتمكن من رؤية كابل مده المتظاهرون فعلق فيه وسقط عن دراجته". وقتل أربعة أشخاص في كراكاس ثلاثة منهم بالرصاص أثناء تظاهرة كبيرة للطلاب والمعارضين في 12 فبراير تحولت إلى صدامات بين متظاهرين وشرطيين ومجموعات مسلحة غير شرعية تعد مقربة من السلطة. ولم توضح "أورتيجا" ملابسات سقوط القتيل الرابع، وأشارت إلى أنه بين ال137 جريحا هناك مئة مدني والباقي من عناصر الشرطة. وقتل شخصان في ولاية كارابوبو (وسط شمال) إحدهما كانت ملكة جمال تلقت رصاصة في الرأس أثناء تظاهرة والثاني مدع عام قتل في حادث سيارة حين كان يحاول الإفلات من متظاهرين. وفي ولاية سوكر (شمال شرق)، قتل طالب دهسا أثناء تظاهرة في حين قتل عامل في لارا (وسط شمال) برصاص أطلق عليه من مبنى، بحسب السيدة أورتيجا التي أكدت فتح تحقيقات في مقتل الثمانية. وقالت جابي آريلانو وهي من قادة الحركة الطلابية في جامعة الأنديس في ولاية تاتشيرا (غرب)، إن "مجموعات على دراجات نارية مرت وهي تطلق النار على السكان الذين كانوا يحتجون على الحكومة بضرب الأواني على نوافذهم". وفي سان كريستوبال عاصمة تاتشيرا ومركز الاحتجاج الذي بدأ في الرابع من فبراير، أغلقت المحلات التجارية وانتشرت الحواجز. إلا أن المدينة التي تخضع لمراقبة عسكرية كانت هادئة أمس. وأمرت السلطات الفنزويلية بإرسال كتيبة مظليين إلى سان كريستوبال (غرب) أحد معاقل الاحتجاج الطلابي. وقال وزير الداخلية ميجيل رودريجيز، إن كتيبة المظليين هذه ستكلف مراقبة مداخل سان كريستوبال عاصمة ولاية تاتشيرا التي تقع على الحدود مع كولومبيا وتعد من المناطق الأكثر اضطرابا. ونفى مادورو بشكل قاطع وجود ميليشيا في معسكره وتحدث عن تجنيد "مرتزقة" من قبل "معارضة انقلابية". كما وعد "بطرد أنصاره المسلحين من (التشافية)". من جهته، خرج المعارض الرئيسي لمادورو، إنريكي كابريليس الحاكم والمرشح السابق للرئاسة، عن تحفظه في الأيام الأخيرة ليدعو إلى التظاهر اليوم ضد "المجموعات شبه العسكرية والعنف". وحتى الآن، كان ممثلو المعارضة الأكثر تشددا وبينهم مؤسس حزب الإرادة الشعبية اليميني ليوبولدو لوبيز الموقوف حاليا بعد تظاهرة عنيفة في 12 فبراير، يحتلون لمشهد السياسي بدعوتهم إلى تظاهرات لإسقاط الحكومة. وبدا كابريليس متحفظا على هذه الاستراتيجية، وقال إن "الظروف لم تجتمع" للحصول على رحيل مادورو. وأعلن التلفزيون الحكومي أن السلطة دعت من جهتها "النساء" إلى التجمع في وسط كراكاس "ضد الفاشية". وانتقلت الحركة الاحتجاجية التي بدأت بعد محاولة اغتصاب طالبة في حرم جامعة سان كريستوبال، من المطالب المتعلقة بغياب الأمن إلى الوضع العام في البلاد التي تشهد تضخما قياسيا ونقصا في السلع إلى جانب دعوات لإطلاق سراح المتظاهرين الموقوفين أو إدانة الرقابة على وسائل الإعلام. وكان الرئيس مادورو هدد أمس الأول، بوقف بث شبكة "سي.إن.إن" الأمريكية. وقد نفذت السلطات وعيدها وسحبت اعتماد صحافيي الشبكة التلفزيونية المتهمة بالعمل على إظهار أن فنزويلا تعيش "حالة حرب أهلية"، كما قالت مراسلة المحطة أوسماري إيرنانديز على حسابها على تويتر. والأسبوع الماضي، سحبت الحكومة الفنزويلية تراخيص قنوات الشبكة الإخبارية الكولومبية "ان تي ان 24" متهمة إياها بإثارة "القلق" في صفوف الشعب ببثها صورا عن اضطرابات بعد مظاهرات طلابية وللمعارضة.