«الوطن نيوز» استطاع استيعاب المرحلة السياسية، وسعى إلى تقديم محتوى منافس يعتمد على المحتوى الحصرى والسرعة والعرض الفنى للإخراج الذى يناسب الجمهور، وعرض خدمات معلوماتية تهم الجمهور بوابة «الوطن نيوز» الإلكترونية elwatannews.com انطلقت فى أبريل 2012 قبل وقت قصير من الانتخابات الرئاسية فى مصر التى أسفرت عن فوز الرئيس المعزول محمد مرسى، وشهدت فترة انطلاقها كبوابة إلكترونية وصحفية مطبوعة حالة من الجدل فى الوسط الإعلامى، وهل ستكون بديلاً للمصرى اليوم كصحيفة أو بوابة إلكترونية أم ستكون منافساً، وهل تستطيع الوصول إلى ما وصلت إليه «اليوم السابع» كأكبر صحيفة إلكترونية مصرية فى عدد الجمهور. المؤشرات كانت تقول إن الوطن ستكون «رديفاً» ل«المصرى اليوم»، خاصة أن فريق إدارة التحرير جاء من نفس الجريدة التى أثبتت تفوق الصحافة المستقلة على الصحافة القومية فى السنوات الأخيرة، وكانت «الوطن» بجانب «المصرى اليوم» وصحف مستقلة أخرى ك«الشروق» و«المصريون» تهدد بشكل كبير الصحف القومية كالأهرام والأخبار، سواء كصحف ورقية أو كبوابات إلكترونية. شهدت الفترة التى سبقت انطلاق «الوطن نيوز» نموذجاً لبوابة إلكترونية استطاعت أن تكسر كل التوقعات لدى جمهور الإعلام الجديد، وهى بوابة الوفد التى نجحت فى تقديم تجربة حققت نجاحاً سريعاً فى وقت قياسى مع انطلاقها بإدارة الثنائى عادل القاضى -رحمه الله- وزميله عادل صبرى قبل شهور قليلة من ثورة يناير 2011، ولم تلبث البوابة أن حققت طفرة كبيرة باعتمادها على محتوى جديد يناسب جمهور الإنترنت معتمداً على السرعة والكثافة والطرافة، بعيداً عن الجريدة المطبوعة التى ارتبطت بحزب الوفد السياسى، وأصبحت فى وقت من الأوقات بوابة الوفد الإلكترونية أشهر بكثير من الصحيفة المطبوعة لدى الشباب، ولهذه التجربة مقال آخر. ربما كان نجاح بوابة الوفد الإلكترونية فى هذا الوقت القياسى مصدر تفاؤل للقائمين على بوابة «الوطن نيوز». ونعود لنموذج «الوطن نيوز»، الذى استطاع استيعاب المرحلة السياسية فى مصر، وسعى إلى تقديم محتوى منافس يعتمد على المحتوى الحصرى والسرعة والعرض الفنى للإخراج الذى يناسب جمهور شبكة الإنترنت، وعرض خدمات معلوماتية وترفيهية تهم الجمهور، وظهر ذلك سريعاً بعد شهر واحد من انطلاق البوابة، فبدأت تتفرد بملفات التقارير المصورة والإنفوجرافيك الذى كان أحد أحدث النشاطات الإعلامية فى الصحافة الإلكترونية. ساهم الهجوم الإخوانى وأنصار تيار الإسلام السياسى بشكل كبير فى زيادة جمهور «الوطن نيوز»، حيث كان الإخوان وأنصارهم ينشرون موضوعات وأخباراً عن «الوطن نيوز» بهدف التكذيب والتشويه، الأمر الذى ساهم فى انتشارها لدى الإسلاميين، خاصة فى الفترة الأولى لحكم محمد مرسى، وأثناء الإعلان الدستورى والاستفتاء على الدستور الإخوانى وحالة الانقسام الكبير التى شهدها الشارع، وبالتالى أضيف جمهور جديد يتابع كل شىء يُنشر فى «الوطن» من الرافضين له، بجانب جمهور «الوطن» الذى جاءت شريحة كبيرة منه من جمهور «المصرى اليوم والوفد واليوم السابع»، فأصبحت «الوطن» من أكبر المصادر الإعلامية التى ساهمت فى معارضة حكم الإخوان ونجحت فى فتح الكثير من الملفات بهدف إسقاطهم. غرف المتابعة للانتخابات الرئاسية لحظة بلحظة ومتابعة تظاهرات الإعلان الدستورى ومليونيات الإخوان والمعارضة كان لها أكبر الأثر فى زيادة عدد جمهور «الوطن»، وزادت مصداقيتها لقدرة مراسليها على أن يكونوا فى نفس الوقت موجودين كمراسلين لأبرز القنوات التليفزيونية التى تتابع الأخبار على أرض الواقع المشتعل، وبدا وكأن «الوطن» أحد المواقع التابعة لقنوات cbc وon tv وغيرهما، كما أن وجود رئيس التحرير مجدى الجلاد فى برنامج على قناة cbc يعتمد على فكرة الصحافة الاستقصائية ساهم فى الدعاية قبل إطلاق البوابة وبعدها، ووفرت cbc مساحة كبيرة للدعاية ل«الوطن» وأخبارها باعتبارها نافذة إعلامية جديدة قادمة للسوق المصرية. تخطت «الوطن» حواجز كبيرة بعد انهيار الجمهور الذى كان يتابع بوابة الوفد بوفاة عادل القاضى ومشاكل إدارية أدت إلى خروج عادل صبرى، فأصبحت بوابة الوفد بلا خطط ومنهجية إعلامية مهنية واضحة كما كانت، وعادت للتوجيهات الروتينية لأباطرة الحزب فتراجعت بسرعة عن ساحة المنافسة. المفاجأة الثانية كانت فى قدرة «الوطن» على تخطى بوابة «المصرى اليوم» التى بدأت قبلها، وبالتالى تعدت بوابات الصحف القومية، مثل الأهرام والأخبار، التى ما زالت تعانى من الروتين والاعتماد على الكوادر الإعلامية التقليدية وفتح نافذة صغيرة للصحفيين الشباب، ولم يتبقَّ ل«الوطن» إلا الوصول إلى الرقم «1» فى مصر لتظهر بوابة «اليوم السابع» فى أفق السباق، والتى انطلقت قبلها بخمس سنوات فى نوفمبر 2008 بينما كانت ساحة الإعلام الإلكترونى خصبة ولم تشهد أى منافسات أو استثمارات محلية قوية على شبكة الإنترنت. من ناحية الشكل الفنى للمحتوى، استخدمت «اليوم السابع» استراتيجية التكثيف الإخبارى الذى اعتمد على شبكة المراسلين الموجودين فى كل محافظات مصر وأخبار الوكالات، مع بعض الموضوعات الحصرية التى اعتمدت على قوالب الصحافة التقليدية فى بدايتها فظهرت العناوين الطويلة والموضوعات الكبيرة مثل التحقيقات الطويلة التى تصلح للصحف الورقية، ثم ما لبثت أن اهتمت كثيراً بمحاولة استقطاب جمهور خارج إطار الإقليم المصرى، فقدمت خدمات إخبارية تشبه وكالات الأنباء العربية، ففتحت مساحة أكبرة لأخبار العرب والعالم، بهدف الحفاظ على ترتيبها عالمياً، كما وفرت مساحة كبيرة لشبكات التواصل الاجتماعى لاستقطاب مزيد من الجمهور، واهتمت بصحافة الفيديو التى اعتمدت أيضاً فيها على التكثيف فى عرض الكثير من الفيديوهات فى اليوم الواحد. على الجانب الآخر لم تعتمد «الوطن» سياسة التكثيف بشكل واضح، ولكنها اعتمدت على سياسة التخصيص أكثر والتركيز فى المعلومات فى المادة الصحفية والشكل الفنى المناسب لجمهور الإنترنت، فرغم اعتمادها على شبكة مراسلين كبيرة أيضاً مثل «اليوم السابع»، فإنها حرصت من البداية على ضرورة التفرد فظهرت خدمة صحافة «البيانات والفلاش والإنفوجرافيك»، كما خصصت جزءاً خدمياً للجمهور، واتجهت أيضاً إلى صحافة الفيديو، وربما يعود الفضل فى الشكل الفنى للموقع للزميل الشاب محمد فتح الله مسئول الدعم الفنى ل«الوطن نيوز» والذى لديه خبرة كبيرة فى البرمجة للمواقع الإخبارية وأشهرها موقع «هيسبريس» المغربى. وربما لم يكن مقصوداً اعتماد «الوطن» فى محتواها الصحفى على الخلط بين المدرسة الأمريكية والمدرسة البريطانية، فأخذت من المدرسة الأمريكية نموذج مثل «الواشنطن بوست» التى تهتم كثيراً بكراسة التحرير الصحفية وسياسة الأولويات وفق اهتمامات الجمهور من خلال دراسة الرأى العام واتجاهاته ومقالات الرأى، وأخذت من «الديلى ميل» البريطانية سياسة التفاعلية والبحث عن الملفات خارج إطار تفكير الجمهور، وكذلك التحقيقات السريعة والموضوعات المصورة، والاهتمام كثيراً بالإنفوجرافيك والاقتراب من محتوى الترفيه «entertainment» الذى يركز أكثر على الملفات المصورة والفيديو فى الأبواب المنوعة مثل الفن والصحة والمرأة والرياضة. من جهة أخرى خاضت «الوطن نيوز» معركة المنافسة على شبكات التواصل الاجتماعى فى صفحات المعجبين على «فيس بوك» وسباقات المتابعين على «تويتر». استطاعت الصفحة الرسمية ل«الوطن» أن تتعدى الرقم «2 مليون و240 ألفاً» فى وقت قياسى، لتكون من كبرى صفحات المواقع الإخبارية على «فيس بوك» بعد «اليوم السابع» التى وصلت قبل أيام إلى الرقم «4 ملايين معجب»، ولكن يبقى أن هناك مراجعة لتحليل هذ الأرقام. كما وصل عدد المتابعين لبوابة «الوطن» على «تويتر» إلى نحو 300 ألف، وكانت «اليوم السابع» قد وصلت إلى الرقم «مليون و231 ألف متابع» على «تويتر»، أما عدد المتابعين لبوابة «الوطن» على «يوتيوب» فقد وصل إلى عدد 257٫892 فيما يصل عدد متابعى «اليوم السابع» على «يوتيوب» إلى 690٫210 متابعين. رغم أن «اليوم السابع» تتفوق فى عدد الزيارات اليومية لأخبارها وعدد المعجبين على «فيس بوك وتويتر ويوتيوب»، فإن «الوطن» تفوقت عليها بالفعل فى النتائج اليومية. وبحسابات رقمية حسب إحصائيات «إليكسا» المتاحة نستطيع أن نقول إن «الوطن» التى لم تكمل عامها الثانى على الشبكة تأتى فى المرتبة الثانية لدى المصريين بعد بوابة «اليوم السابع» التى انطلقت منذ ما يقرب ال6 سنوات. كما أن الجمهور المصرى لبوابة «الوطن» يمثل نحو 70% من الجمهور الكلى، فيما يصل جمهور «اليوم السابع» من المصريين إلى 63%، وإذا وضعنا فى اعتبارنا فرق الأربع سنوات الذى ساعد «اليوم السابع» كثيراً فى وجودها على محركات البحث، فهناك محتوى يومى على مدار أربع سنوات موجود فى محركات البحث الشهيرة، وهذا يأتى بعدد كبير من الزوار لموضوعات قديمة، مع ملاحظة أن نحو 30 - 40% من الجمهور يأتى لأى موقع إلكترونى من محرك البحث. يظهر أن هناك نسبة لا تقل عن 5% من جمهور «اليوم السابع» يختار موضوعات نُشرت قبل إطلاق «الوطن نيوز»، كما نجد أن هناك 14 ألف رابط ل«اليوم السابع» فى مقابل 1.400 رابط فقط ل«الوطن نيوز» فى المواقع الأخرى، وهذا ناتج عن فرق السنوات بين الموقعين، ويشير إلى وجود «الوطن» و«اليوم السابع» فى نفس التراك من السباق، وربما يعطى ل«الوطن نيوز» خطوة إلى الأمام فى المستقبل. الصفحات للزائر الواحد التى يقرأها الجمهور على «الوطن نيوز» 5.5 صفحة بزيادة قدرها 44% فى الشهور الثلاثة الأخيرة، ويستمر الزائر داخل موقع «الوطن» أكثر من 11 دقيقة، فيما أن الصفحات للزائر الواحد فى «اليوم السابع» بلغت 4.3 صفحة بزيادة قدرها 7%، ويستمر الزائر فى الموقع 9 دقائق فقط، مما يعنى أن حالة النمو فى عدد الصفحات التى يتم قراءتها من الزوار تحقق نمواً سريعاً فى «الوطن نيوز»، رغم أن محتوى «اليوم السابع» أكثر كثافة. وفى كل الأحوال أثبتت تجربة «الوطن نيوز» أن الجمهور المصرى والعربى ما زال فى حاجة لمزيد من مصادر الأخبار وقادراً على استيعاب المزيد من المواقع الصحفية والبوابات الإخبارية المنوعة، مما يفتح نافذة حقيقية ومهمة للاستثمار الإعلامى فى المستقبل لمزيد من التجارب التى يُتوقع أن تحقق نجاحات كبيرة فى حالة قدرتها على قراءة اهتمامات الجمهور وتقديم محتوى إعلامى متقدم باستيعاب التطور السريع الحاصل فى تكنولوجيا المعلومات وأدوات الإعلام الجديد.