علقت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، في تقرير لها، اليوم، على استقالة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي. وقالت: "إن ماي، كانت هي الأحدث في سلسلة رؤساء الوزراء المحافظين الذين أسقطتهم الانقسامات المريرة بشأن أوروبا، ولكن بالمقارنة مع الحكومات السابقة، كان لديها أقل تأثير كرئيسة وزراء للمملكة المتحدة في مجال العلاقات الدولية، حيث كانت حكوتها تستهلكها الصراعات على مشروع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي". وواصل التقرير: "ومن المفارقات أن المشروع كان من المفترض أن يطلق قفزة غير مشروطة إلى بريطانيا العالمية، والتي أسفرت بدلاً من ذلك إلى تراجع السياسة الخارجية البريطانية، مما جعل رؤية هذه الدولة أقل أهمية في القضايا ذات الأهمية العالمية". وأضافت الصحيفة: "لقد كانت لدى رؤساء الوزراء الآخرين الذين كانوا يتمتعون بوطنية خالصة، خاصة مارجريت تاتشر، والتي غالبا ما تشبهها ماي بنفسها، كانوا يتمتعون بسياسة خارجية قوية وصريحة، إلا أن حكومة ماي قد تعثرت بسبب ما اعتبرته الحاجة الماسة للصفقات التجارية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مما جعلها حذرة للغاية من الإساءة إلى الحكومات الاستبدادية، فعلى سبيل المثال، كان هناك سبب وجيه لاختيار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بريطانيا، في مايو من العام الماضي، كوجهة لزيارته الخارجية رفيعة المستوى بعد الدعوة إلى الانتخابات". وأشارت "الإندبندنت"، إلى أن "ماي كانت لديها فرصة لأن تنتقده بالقول أو تفعل أي شيء حيال ملف حقوق الإنسان في تركيا وعشرات الآلاف الذين سجنوا في بعد الانقلاب الفاشل في البلاد، ولكنها لم تفعل، بينما كان أردوغان حريصًا على الضغط على تلك النقطة أثناء رحلته، قائلاً نحن مستعدون جدًا للتعاون مع المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في كل المجالات، وأرى أن الشراكة الاستراتيجية بين تركيا والمملكة المتحدة ضرورية، وأضاف ستحتاج المملكة المتحدة إلى التجارة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، و تركيا مستعدة للمساعدة". وتابعت الصحيفة البريطانية: "كانت هناك الكثير من الأمثلة الأخرى على رغبة ماي في عدم تعريض الصفقات المستقبلية المربحة للخطر، فقد سارعت الحكومة البريطانية إلى أن تنأى بنفسها عن تصريحات وزير الخارجية السابق بوريس جونسون التي انتقد فيها قيام السعودية بممارسة الحرب بالوكالة في الشرق الأوسط، حيث سارع المتحدث الرسمي باسم رئاسة الوزراء البريطانية إلى التصريح بأن وجهات نظر جونسون لا تعكس سياسة الحكومة، قائلاً: "هذه هي آراء وزير الخارجية، فهي ليست موقف الحكومة من المملكة العربية السعودية ودورها في المنطقة". وأضافت "الإندبندنت"، أن أحد الأمثلة على إقالة الوزراء، قد حدث عندما اقترح وزير الدفاع السابق جافن ويليامسون إرسال حاملة الطائرات، الملكة إليزابيث، إلى المياه المتنازع عليها في بحر الصين لدعم حق الملاحة، ولكن لم يكن هناك خطأ جوهري في دعم القانون الدولي بالإبحار في هذه المياه، ولكن عندما عرض ويليامسون صفقات بريطانيا التجارية مع الصين للخطر، تمت إقالته في وقت لاحق بسبب تسريبه قرار مجلس الأمن القومي بالسماح لشركة هواوي متعددة الجنسيات، بدخول شبكة الاتصالات في المملكة المتحدة، وهي تهمة ينفيها بشدة، وقد كان القرار مدفوعًا، كما نعلم من مصادر متعددة، منها تريزا ماي، ضد رغبة عدد من الوزراء". واختتمت الصحيفة البريطانية، تقريرها، بالقول، "إن بريطانيا تتعرض حالياً لضغوط كبيرة بشأن قرار حظر شركة هواوي الصينية للهواتف الذكية، خاصة بعد مزاعم الولاياتالمتحدة بأن الشركة هي ذراع سرية للحكومة الصينية، وتنكر شركة هواوي هذا بشدة، لكن عددًا من الحلفاء الأوروبيين الآخرين، وكذلك أستراليا ونيوزيلندا، فرضوا قيودًا على الشركة بسبب نفس الشكوك". واستطردت: "ويحاول الصينيون تجنب الحظر البريطاني المحتمل على شركة هواوي، حيث حذر القائم بأعمال بكين في لندن تشن وين، من أنه قد تكون هناك تداعيات كبيرة على استثمارات الصين في بريطانيا إذا تم اتخاذ تدابير ضد الشركة الصينية، ومن غير المحتمل أن يسمح أي من الخلفاء المحتملين لتريزا ماي بشركة هواوي لشبكة 5G في بريطانيا، حيث من المرجح أن تكون المعارضة القوية من إدارة ترامب بحيث لا تتحمل المملكة المتحدة خطوات متعثرة خارج الاتحاد الأوروبي، وربما كان الأمر لو بقيت ماي في السلطة وأصبحت حكومتها قوية ومستقرة بعد مفاوضات ناجحة خارج الاتحاد الأوروبي، وإقامة شراكات تجارية وأمنية، لكانت قد اتبعت سياسة خارجية أكثر صراحة، بل وأكثر أخلاقية".