طبعا كل الناس هتسأل دلوقتي يعني إيه "دعجنة"؟ أنا كمان معرفش ليها معنى معترف بيه في أي لغة حية أو بتفرفر أو حتى ميتة، بحثت عنها في مختار الصحاح فلم أجد لها أي أثر، معجم لسان العرب وقف عاجزا أمامها، حتى القاموس المحيط اللي بيجيب من الآخر استعصى عليه هو الآخر أن يعرف لها أصلا. الخلاصة، دعجنة كلمة مصرية خالصة تجدها في أعماق الشارع المصري، في الحارات الضيقة، في الأزقة، على المقاهي، بين البائعين الجائلين، بين الصنايعية.. يعني من الآخر ملهاش وجود غير في قلب مصر- في نص حرف الصاد بالضبط- ومعناها سهل خالص وبسيط خالص مالص.. يعني لخبطة.. يعني مش مظبوطة.. حاجة خارج إطار الفهم العام المتعارف عليه بين أوساط ذوي العقول والمجانين أيضًا.. وبعد ما وصلت بعد تعب وعناء لمعناها، قعدت أفكر شوية لاقيت إن حياتنا في مصر المحروسة أقل ما توصف به أنها دعجنة الدعجنات.. وعليه قررت أن أناقش ما سميته "دعجنات مصرية خالصة". أول دعجنة هناقشها النهارده هي دعجنة مصرية متكررة ومتوالية وبتحصل كل يوم مئات بل آلاف المرات وهي أن سعادتك تكون راكب عربيتك - اللي جايبها بالقسط مع البنك اللي أكيد مظبطك في الفايدة – ومروح من شغلك وداخل على البيت وطبعا أول ما توصل عند المكان اللي طول عمرك بتركن فيه تلاقي فجأة وبدون سابق إنذار مخلوقات غريبة واقفة في نفس المكان اللي طول عمرك بتركن فيه والمخلوقات الغريبة دي عبارة عن علبتين سمنة – الاتنين كيلو – ومليانين خليط من أسمنت وزلط، وبعد ما تقف تمصمص في شفايفك لأنك قليل الحيلة، تسأل البواب هو إيه اللي حصل فيرد عليك ويقولك والله يا باسمهندس – أنا قاصد أكتبها بالسين – الراجل صاحب البيت هو اللي طلب مني أعمل كده عشان هيركن فيها العربية الديديدة بتاع المادمازين الصغيرة، ولأنك برضه قليل الحيلة أمام كل من تتخيل أنه صاحب سلطة فهتروح تدورلك على مكان تركن فيه، وبعد ما تركن وقبل ما تنزل من العربية هتتصل بالمدام عشان تسألها: عندكو علب سمنة والا لأ؟؟؟؟؟؟ تاني دعجنة برضو مش هتروح بعيد عن العربيات والطرق، تبقى طول عمرك بتمشي من الشارع ده وحافظه بالسنتي، ومرة واحدة وانت سايق عربيتك وجنبك المزة بتاعتك، وصوت تامر حسني مجلجل في السي دي وانت طبعا عمال تاكل في دماغ البنت الغلبانة – هو لسه فيه بنات غلابة – واسطوانات راحة واسطوانات جاية، إن شاء الله يا حبيبتي هجيبلك شقة في التجمع أو في مدينتي بس إن شاء الله ربنا يسهل وأعرف أحوش، وهي طبعا هترد وتقولك أنا معاك يا حبيبي حتى لو هنعيش في الوايلي – الدمعة هتفر من عيني – أو في الزاوية، وفي عز هذه المعمعة الرومانسية تلاقي نفسك كلت مطب عظيم جاب العالي عالواطي – طبعا انت مبسوط إن كل حاجة جت فوق بعضها يا عفريت – وبعد ما تعدلوا اللي المطب دعجنه، تقعد تعتذر للمزة عما حدث وتحلف لها انك طول عمرك بتمشي من الشارع ده وعمرك ما شفت المطب ده، يا حبيبتي ده أنا لسه ماشي من هنا امبارح باليل زي دلوقتي، الحيرة هتموتك وعايز تعرف إزاي المطب ده اتعمل بالسرعة دي؟ اللي حصل إن امبارح بالليل استيقظ أبوتامر في نص الليل منزعجا من كابوس رآه وأيقظ الست حرمه أم وليد من نومها فقالت له فيه إيه يا أبو تامر حصل إيه يا أخويا كفا الله الشر؟ اسكتي يا أم وليد أنا شفت كابوس وحش أوي – هو في كوابيس حلوة يا أبوتامر؟- شفت إن عربية ماشية بسرعة قدام البيت خبطت الواد محمد ابننا وخر دم كتير أوي ومكنتش عارف أعمل إيه، تبكي أم وليد من هول الكابوس ولكنها تشخط في أبوتامر فجأة وتقوله بس احنا معندناش ولد اسمه محمد!!!! ينهرها أبومحمد ويقولها يا ولية انت هتدكدبيني والا إيه؟ تقوله ازاي يا أخويا ميصحش؟ طيب وانت شايف إيه؟ احنا بكرة الصبح نقوم نعمل مطب قدام العمارة. احنا أحسن ناس ترد على السؤال بإجابة لا يمكن وصفها بالخطأ بس ملهاش علاقة بالسؤال أصلاً لا شكلاً ولا موضوعًا، فمثلاً أنا من يومين كنت بتفرج على حلقة يقدمها الإعلامي الرائع يسري فودة عن حرب 6 أكتوبر العظيمة وتخلل هذه الحلقة تقرير من قلب الشارع المصري تم تصويره يوم 6 أكتوبر يسأل الناس عن أهمية هذه الحرب التاريخية وما يحمله هذا اليوم من ذكريات عظيمة للشعب العربي عامة والمصري خاصة وإذا بي ألاقيني على وشك الهبل والجنون من هذه الإجابات الهلامية.. اسمعوا شوية إجابات عشان تعرفوا إننا ناس غريبة وتقدروا مدى الدعجنة التي نعيش فيها. السؤال لآنسة عندها ييجي عشرين سنة وشكلها متعلمة التعليم اللي بيوصف خطأ في مصر بأنه "عالي": بيمثلك إيه 6 أكتوبر؟ الإجابة: تسكت قليلاً وتقول بلد جميلة وهادية السؤال لشاب يبدو في أواخر العشرينيات: إيه رأيك في 6 أكتوبر وإيه اللي تحب تقوله في اليوم ده؟ الإجابة: والله دي مدينة جميلة وفيها عمارات حلوة أوي إجابة أخرى: ده كوبري؟ صح إجابة أخرى: بلد زي أي بلد إجابة أخرى: كان في حرب في اليوم ده بس أنا مش فاكر كانت بين مين ومين؟ أكيد كانت بين الأهلي والزمالك واتعادلوا 3/1 إجابة أخرى: أنا أسمع إنها إجازة بالذمة والنبي عمركم شفتو دعجنة زي دي؟