الاقتصاد يا قوم هو تحدى التحديات، وأولوية الأولويات، وقضية القضايا التى يجب أن تحصل على مرتبة الصدارة القصوى فى جدول أعمال رئيس مصر القادم وحكومته والمجلس التشريعى الذى سيتم انتخابه. وتلك الملايين الرائعة التى خرجت يومى 14 و15 من هذا الشهر كانت بالتأكيد تحمل فى عقولها وقلوبها رغبة إنسانية عارمة لأن يؤدى الدستور الجديد إلى بناء حياة أفضل ومستقبل كريم لأولادهم. وفى الحوار المميز الذى أداره الأستاذ محمود سعد فى برنامجه الشهير بقناة «النهار» مع الزميلين العزيزين الدكتور أحمد النجار والأستاذ ياسر رزق تم رسم صورة العلاقة الارتباطية بين الإقبال القوى على الدستور واكتساح كلمة «نعم» مقابل كلمة «لا»، وبين حلم المصريين بحياة أفضل ولقمة عيش أكثر وفرة وعدالة. ولعل الدكتور أحمد السيد النجار، بتخصصه الدقيق فى مجال الاقتصاد والتحليل المالى، استطاع أن يلفت النظر إلى أولوية مواجهة البطالة وقال إن حل مشكلة البطالة يقضى على نصف مشكلة الفقر فى مصر. أما الأستاذ ياسر رزق فقد نبهنا إلى أننا بصدد انتخابات رئاسية تسبق البرلمانية، وأن الفريق أول السيسى بعد نتائج الدستور يتجه أكثر نحو قبول ترشيح نفسه للرئاسة. من هنا، إذا كان رئيسنا المقبل هو الفريق أول عبدالفتاح السيسى والتحدى المقبل له ولنا هو البطالة والفقر والخدمات، فإن المعركة صعبة للغاية و«العدو» هذه المرة أقوى من مخاطر الإرهاب أو تهديدات الأمن القومى. وتزداد المشكلة خطورة لسببين: الأول: ارتفاع سقف التوقعات الجماهيرية لدى ملايين المصريين الذين يرون فى «السيسى» البطل المخلص المحقق للمعجزات. الثانى: استعجال الناس حل مشاكل البطالة والفقر وسوء الخدمات بعدما عانوا طويلاً فساد الإدارات المتعاقبة وعاشوا فى ظل خيبات الأمل من مئات الوعود الكاذبة من عشرات الحكومات السابقة. هذا الاستعجال قد يكون أمرا شديد الضغط على كاهل الرئيس القادم كائناً من كان، وهو بالتأكيد أمر غير منصف لأن يتوقع الناس أن يتمكن الرئيس الجديد من حل تراكمات الأزمات القديمة من سنوات فى أسابيع أو شهور معدودات. سقف الأحلام ارتفع بشكل غير مسبوق والآمال المعقودة على «السيسى» فوق قدرة خوارق «السوبر مان». من هنا، سوف يصبح على رئيس مصر القادم، فى أول اتصال بينه وبين شعبه، أن يشرح بمنتهى الصراحة ويكشف بكل الشفافية حقيقة التحديات والصعوبات التى تواجه خطة إنقاذ الاقتصاد المصرى. النصيحة الكبرى لرئيس مصر القادم: لا تعد بما لا تستطيع الوفاء به، وصارح المريض بحقيقة مرضه مهما كانت حالته خطيرة.