«وعود ما عنديش.. ما فيش إلا النضال عندى.. وشقا ومعارك كتير.. كتير يا إخوانى..» هذا مضمون وجوهر ما «يعدنا» به الفريق أول عبدالفتاح السيسى، إذا ما «ألححنا» عليه كى يتولى رئاسة الجمهورية! السيسى وبعد أن طالب الجميع بالوقوف خلف القوات المسلحة فى مواجهة الإرهاب، قال: يخطئ من يعتقد أنه سيغلب المصريين والجيش موجود.. وهذا تحديدا هو ما يدركه الشعب وعبر تجارب عديدة على مر التاريخ، حيث كان المصرى يعلن عن اختياره ويعبر عنه، مؤمناً إيماناً راسخاً، بأنه وحدة واحدة، مع الجزء المسلح منه، مع أبنائه الذين ائتمنهم على أرضه وعرضه وأمنه وغده، مع من يضحون بكل ما يمكن التضحية به، بما فى ذلك الحياة ذاتها، فداء لمصر.. ولا عجب أن تكون العلاقة الفريدة بين جيشها وشعبها، مثار إعجاب يصل إلى حد الانبهار أحيانا، وموضع دراسة من جانب آخرين، لا سيما من استعصى عليهم فهم جوهر الشعار الخالد «الشعب والجيش إيد واحدة» وخلافا للوعود البراقة، التى لا تملك من الذهب إلا لمعانه، دون معدنه الأصيل، النفيس، والتى خبرنا جزءا منها فى الانتخابات الرئاسية الماضية، عن المليارات الوهمية والنهضة «الفنكوش» كما خلع عليها المواطنون بحق، ردّ السيسى على الأغلبية الساحقة من الشعب التى تطالبه بالترشح للرئاسة، لأنها لا ترى بديلا عنه للعبور بمصر من المسافة المتبقية من النفق، بأن مصر لن تتقدم سوى بالعمل والصبر والنضال.. وأضاف موضحاً رؤيته: «أنا لو اترشحت كرئيس للجمهورية مش هاخلى حد ينام، لأن مصر محتاجة شغل.. واللى هاتعمله فى سنين، تعمله فى شهور، لأن مصر فى موقف اقتصادى حرج..»، وكان السيسى قد تحدث منذ أشهر قليلة عن التحدى الرهيب الذى يواجه مصر، خاصة فيما يتعلق بالأمية التى تضرب نسبة لا تقل عن 40% من الشعب، وكذلك الفقر، الذى سمّاه تعففا، العوز.. وهو ما يعيد إلى الأذهان عبارة جمال عبدالناصر «من لا يملك قوت يومه.. لا يملك حرية قراره» وهو ما ثبتت صحته من خلال سياسة جماعة الإخوان، التى استغلّت حاجة الفقراء أبشع استغلال، وقدمت لهم أرخص رشوة مقابل كراسى الحكم الوثيرة والسلطة المثيرة!! التى ظنوها دائمة، قبل أن يبزغ فجر 30 يونيو ويلقى بهم وبكراسيهم بعيدا عن مراكز القرار.. يعرف السيسى مدى ثقل المسئولية المتوقع أن تُلقى على عاتقه إذ قال: «لا تجبرونى على الترشح.. لأنى لو اترشحت حاتعب أى واحد يشتغل معايا، لأننا فى موقف حرج، ولولا وجود جهات تساعد مصر لكنا فى موقف حرج..»، بذلك يكون السيسى قد عرض الوضع بشرف وصدق وأمانة، ووضعنا أمام الخيار الوحيد الذى ستصبح به أم الدنيا، بإذن الله قد الدنيا.. هو يعلم تماما أن شعبيته جارفة ويدرك بلا أدنى شك أن ثقة المواطنين به لا تدانيها ثقة، وكان بوسعه «إخفاء» صعوبة الوضع، حتى يجلس على الكرسى الرئاسى، ولكن لأنه الرجل الذى فوضه مواطنوه دون أدنى تردد بإنقاذ مصر من مصير مفزع وانتزاعها من براثن السماسرة الذين عقدوا الصفقات لتمزيقها، فضل، كعادته، ان يُبصر المصريين بنتيجة خيارهم له قائدا للدفة، العمل والجهد والعرق. فكل الدول التى كنا ننافسها، فى الستينات وما أدراك ما الستينات، تفوقت علينا وقفزت إلى مقدمة بلاد العالم، وسبيلها الأساسى إلى ذلك، العمل ثم العمل.. معه ستعود مصر منتجة ومن ثم مؤثرة.. معه ستختفى صور مهينة، أشدها إيلاما تلك التى نرى فيها مواطنين يأكلون من القمامة.. معه لن نجد، فى أقرب وقت، مواطنا يبيع صوته بكرتونة زيت وسكر.. والشرط البديهى هو أن نقول له: نعم! سنعمل ونشقى وهذا هو مهر المحروسة الوحيد الذى يرضيها، لأنها تنتظره منذ عقود كى ترفع رأسها الشامخ، كما كانت دائما، وهى تعرف أكثر من أى طرف آخر، أن ذلك سيتحقق بسواعد أبنائها، بعقولهم الخلاقة المبدعة، بقدرتهم على الابتكار، بحبهم الذى لا يضاهيه حب لكل ذرة من ترابها.. وما أوله شرط، آخره نور.. وعود ما عنديش.. مافيش إلا النضال عندى.. وشقا ومعارك كتير يا إخوانى.. ليقف الخلق جميعا من جديد، ينظرون «كيف أبنى قواعد المجد وحدى» ويا أهلا بمعارك البناء..