زوج من الأحذية وبينهما دولة.. هذا ملخص المشهد السياسى فى مصر الأسبوع الماضى، فى شهادته على أحداث المنصة المواكبة لتشييع جنازة شهداء رفح قال النائب السابق حاتم عزام إن من اعتدى على رئيس الوزراء بالأحذية وممثلى القوى السياسية المختلفة مجموعة من المأجورين تابعين لتوفيق عكاشة، وسط تواطؤ من الأمن بفرعيه المدنى والعسكرى، لاستثمار الإهانة فى ضرب هيبة السلطة المنتخبة، ومحاولة إلصاق مسئولية الحادث بها. وبعد ساعات نقل تويتر تعليقا يحمل مرارة، كتبه الدكتور حازم عبدالعظيم لأن المهندس القيادى الإخوانى سعد الحسينى قال فى قناة مصر 25 إن «شباب الإخوان سيضربون بالجزمة معارضى الرئيس»، وما هى إلا لحظات وبدأ الضرب الفعلى، فتم الاعتداء على الزملاء خالد صلاح وعمرو أديب ويوسف الحسينى ومحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى بآلاف الشباب الإخوانى، ثم دعوة موازية لمواقع إخوانية تدعو الشباب لتكرار الأمر مع زيادة العدد إلى 300 ألف، ثم ضرب وسحل لمعارضى الرئيس أمام قصر الاتحادية من ميليشيات إخوانية. نحن إذن أمام صراع لهدم المؤسسات من طرفين، ظاهره الأحذية وباطنه الثورية من جهة، وأمن مصر القومى من جهة أخرى. ****** صراع هدم المؤسسات أو إماتتها تورط فيه الجانب الإخوانى بشهادة وقائع عديدة، منها إعلان مرسى عودة مجلس الشعب وتحديه للدستورية ثم رضوخه فى النهاية، واختياره لوزير إعلام من تنظيم الإخوان فى وقت تتخلص فيه الدول الحرة من كيان استبدادى اسمه وزارة الإعلام، والرجل نفسه لم يعرف عنه أحد خبرة سابقة فى عمل إعلامى ضخم، ولم يحقق إنجازا ملموسا فى حياته الصحفية، وبنى أرشيفه فى مجلات عناوينها القدس والزهور تقترب شهرتها من مجلات الحائط، ولم يخرج علينا بخطة معلنة لتطوير أداء الإعلام المصرى، أو ما يضمن تبعيته للدولة وليس للسلطة. وجاء اختيار رؤساء للصحف القومية من قائمة بدت أسماؤها إما متوافقة مع الأجندة الإخوانية وإما بلا موقف، ويشترك الصنفان فى عدم الكفاءة، يكفى مثلا أن رئيس تحرير أخبار الأدب الجديد لم يضبط فى يوم من الأيام يتناول عملا أدبيا، فيما أطاح الإخوان بكفاءات حققت نجاحا وطفرة فى مواقعها منها ياسر رزق رئيس تحرير الأخبار، لمجرد الاختلاف السياسى، ومنع محمد حسن البنا رئيس تحرير الأخبار الجديد مقالا لعبلة الروينى لأنها تنتقد الإخوان. ثم تُوقف المنطقة الحرة قناة الفراعين لمدة شهر دون حكم قضائى بات، وهو نفس التصرف الذى طال الأوربت والمحطات السلفية فى عهد مبارك. نحن إذن أمام نسخة أخرى من نظام مبارك تستخدم فيه مؤسسات الدولة لخدمة النظام الحاكم، لا تريد السلطة الجديدة تحرير المؤسسات وضمان نزاهتها بل تريدها أداة قوة فى معاركها مع الخصوم.. يستخدم الرئيس ووزراؤه سلطاتهم فى تعزيز أهداف تنظيم الإخوان ومصالحه ولتذهب الدولة المحررة من مبارك إلى أقرب مرحاض، بموجب هذه السلطات يفرج عن حلفائه فى الجماعة الإسلامية بينما يظل الثوار رهن الاعتقال، وتقرر وزارة التعليم تدريس تاريخ حسن البنا فى جميع المراحل. ****** على الجانب المناهض لمرسى نحن أمام قوة صلبة بأجهزتها البيروقراطية تراخت عن تأمين الرئيس، وتكاسلت عن تنفيذ أحكام قضائية باتة بسجن من تعتبرهم حلفاء ومنهم عكاشة، وتواطأت فى هروب متهمين فى قضايا كبرى كموقعة الجمل، وتورطت فى إفشال برنامج أول رئيس منتخب، بتقصير أمنى متعمد، وتضييق على المواطنين فى معيشتهم وكهربائهم ونظافتهم (رصدت «الوطن» مثلا حافلات تابعة لجهات سيادية ترمى القمامة فى الشوارع). الأحذية تتطاير على ضفتى الطريق.. ويتلقى الوطن ومؤسساته ضرباتها.