سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تقرير «القومى لحقوق الإنسان» يكشف فوضى المؤسسات العقابية تجاهل تصنيف الأحداث حسب السن ونوع الجريمة داخل العنابر يجعل الأطفال أكثر عرضة للإيذاء البدنى والجنسى.. ولا توجد أى رعاية صحية لهم
حصلت «الوطن» على تقرير خاص ب«زيارة سرية» أجراها المجلس القومى لحقوق الإنسان «المنحل» بالاشتراك مع ممثلى منظمات حقوقية فى مارس الماضى، أثناء حكم محمد مرسى، بغرض تفقد الأوضاع داخل المؤسسة العقابية بالمرج، بناء على شكاوى تفيد بوجود انتهاكات يتعرض لها «الأحداث» هناك. الزيارة انقسمت إلى عدة محاور، وهى عقد لقاءات مع أهالى الأحداث خلال فترة زيارتهم لذويهم والتعرف منهم على ما تقدمه المؤسسة لأبنائهم من رعاية صحية واجتماعية ونفسية، وتفقد عنابر الحجز والإمكانيات والأوضاع المادية والخدمية المتاحة داخل المؤسسة، وكذلك ورش التدريب المهنى، إضافة إلى زيارة العيادة الطبية الخاصة بالمؤسسة والنظر فى الإمكانيات الطبية والدوائية المتوافرة. وذكر التقرير عدداً من الملاحظات فى كل محور على حدة؛ أولها طبيعة المكان وحالة المحتجزين من الأطفال، حيث أشار إلى زيادة أعداد الأحداث التى وصلت إلى نحو 782 حدثاً بتاريخ 2 مارس الماضى، وظهور الخوف من شكوى المسئولين على كل الأطفال الذين جرى لقاؤهم «أكثر من 20 طفلاً»، كما جرى رصد حالتى تعرض لإصابة فى القدم وأخرى فى اليد، وبسؤال المسئولين أفادوا بأنهما تعرضا للعنف من قبل أطفال آخرين محتجزين، ويجرى اتخاذ اللازم تجاههم. كما رصد المجلس فى زيارته طول فترة الحبس الاحتياطى لعدد كبير من الأطفال المحتجزين بسبب تباطؤ نظام التقاضى، ما يساهم فى زيادة الآثار السلبية «الاجتماعية والنفسية والمادية عليهم»، وكذلك طول فترة بقاء الأطفال المحتجزين فى عنابر الحجز من الساعة الواحدة ظهراً وحتى الثامنة من صباح اليوم التالى، وعدم مشاركتهم بشكل فعال فى الأنشطة الرياضية والاجتماعية، وأيضاً عدم المشاركة فى التدريب المهنى، إضافة إلى عدم إقامة أى إخصائى اجتماعى مع الأطفال فى العنابر بشكل دائم، ما يجعل الأطفال الضعيفة عرضة للإيذاء والعنف من الأقوى، «قيادة العنبر طفل أو اثنان من الأقدم فى الاحتجاز، وهم دائماً الطرف الأقوى». وأوضح التقرير أنه خلال زيارة أحد العنابر، الذى جرى اختياره من قبل الإخصائيين الاجتماعيين والإداريين بالمؤسسة، تلاحظ تجهيزها خصيصاً لاستقبال اللجنة، وظهر ذلك فى طريقة تزيينها وتنظيفها استعداداً للزيارة، ما يؤكد أن باقى العنابر فى حالة سيئة. كما تلاحظ لأعضاء اللجنة ظهور بعض الأطفال بملابس غير ملائمة وضعف حالتهم الصحية، وطلب الإداريون بالمؤسسة توفير أطباء فى جميع التخصصات للأطفال المحتجزين. ورصد التقرير عدم تصنيف المحتجزين داخل المؤسسة حسب السن ونوع الجريمة، وفقاً لما نص عليه قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون 126 لسنة 2008 المادة (112) التى تنص على أن «يراعى فى تنفيذ الاحتجاز تصنيف الأطفال بحسب السن والجنس ونوع الجريمة»، ما يؤدى إلى زيادة نسبة تعرف الأطفال على أنواع مختلفة من الجريمة. كما جرى رصد تعرض الأحداث الجدد أو المحبوسين احتياطياً للمعاملة القاسية والإيذاء البدنى، وذلك وفقاً لما ذكره بعض الأحداث خلال المقابلات الشخصية معهم، التى وصلت إلى حد الإصابة، خاصة عند بداية دخولهم المؤسسة، حيث بدأوا فى القيام بكافة مهام العنبر من مسح وغسيل وترتيب... إلى آخر الأعمال داخل العنبر. وبالنسبة للرعاية الطبية فى المؤسسة العقابية بالمرج، فقد أكد التقرير عدم توافر وحدة طبية متكاملة داخل المؤسسة، وكذلك عدم وجود طبيب واحد مقيم بها، ما يعرض حياة الأحداث إلى الخطر، خصوصا أن الاحتجاز يعرض الأطفال للعديد من الأمراض فى العيون والجلدية، إضافة إلى عدم توافر سيارة إسعاف على الرغم من أن المؤسسة تقع فى مكان يبعد عن أقرب مستشفى بعدة كيلومترات، علاوة على وجود فقر فى الأدوية المتاحة فى الصيدلية؛ «عبارة عن دولابين صغيرين»، وعدم جاهزيتها لتتناسب مع ما يتعرض له الأطفال من إصابات أو أمراض. وفيما يخص التدريب المهنى، لفت التقرير إلى وجود عدد من المخالفات؛ منها توقف التدريب المهنى داخل المؤسسة، وهو عبارة عن 11 ورشة تدريب معظمها مغلق، ووجود 4 إلى 5 أطفال فى ورش النجارة والحدادة والخياطة يرجح أنهم وجدوا بسبب الزيارة. كما أرجع الموظفون ذلك إلى عدم توافر التمويل اللازم والمواد الخام التى تفى بمتطلبات العملية التدريبية، وذلك فى ورش «الحدادة، النجارة، الكهرباء، التكييف والتبريد، الخياطة، السباكة، الدهان». وأشار تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان «المنحل» إلى عدم وجود مدربين بشكل كافٍ للورش، ما أدى إلى توقف كامل فى ورش «الطباعة، الأحذية، النقاشة»، وأن التدريب المهنى بالمؤسسة لا يتناسب مع أعداد المحتجزين، وأنه لا بد من إدخال نوعيات جديدة من التدريب حتى يتم استيعاب كافة الأحداث الموجودين فى المؤسسة، وضمان تعلمهم حرفة تمنعهم من العودة إلى الجريمة، وللحد من التصرفات الخارجة على لوائح المؤسسة. كما رصد المجلس فى الزيارة عدم تقديم شهادات خبرة للأحداث المشاركين فى ورش التدريب، التى قد تؤهلهم للالتحاق بسوق العمل عقب قضاء مدة عقوبتهم بالمؤسسة. وفيما يخص «محو الأمية»، كشف التقرير فى ملاحظاته عن عدم وجود أى برنامج لمحو الأمية وتعليم الكبار بسبب عدم توافر المدرسين المتخصصين فى هذا الشأن، وكذلك وجود بعض الأحداث الذين لم يحصلوا على شهادات النجاح بالرغم من اجتيازهم الامتحانات المؤهلة للحصول على الشهادة، بجانب رصد تأخير من جانب هيئة محو الأمية وعدم متابعتها لهذه الفصول. أما بالنسبة للنشاط الاجتماعى، فقد أشار التقرير إلى قلة عدد الإخصائيين الاجتماعيين بالتناسب مع الأطفال المحتجزين، حيث يفترض أن تقسم الأطفال بخصوص المتابعة على عدد الإخصائيين، لضمان حسن الرعاية والتأهيل المناسب لكل حالة، إضافة إلى عدم استعداد وتأهيل الإخصائيين الاجتماعيين للقيام بدورهم نحو تأهيل الأطفال ودمجهم فى المجتمع. ورصدت الزيارة شكوى بعض الإخصائيين الاجتماعيين بالمؤسسة من قلة عددهم، وعدم حصولهم على أى تدريبات لرفع قدراتهم فى كيفية التعامل مع الأحداث، بالإضافة إلى ضعف رواتبهم وعدم وجود مكاتب وأماكن مناسبة لممارسة أعمالهم على أكمل وجه. وأكد تقرير المجلس غلق السينما والمسرح الخاصين بالمؤسسة، وحاجتهما إلى تجديدات حتى يمكن من خلالهما مشاهدة الأفلام والفعاليات التربوية والتثقيفية، وعدم احتواء غرفة الحاسب الآلى على العدد الكافى من الأجهزة لكى يتعلم الأحداث مهارات الحاسب الآلى، حيث تبين عمل جهازين فقط، وتم فتح الغرفة عند السؤال عنها. علاوة على تهالك شبكة الصرف الصحى بالمؤسسة، ما يعرض الأطفال للخطر والأمراض، وقيام الأحداث أنفسهم بأعمال الإصلاح المتكررة لعدم توافر المهنيين المتخصصين للقيام بهذه الأعمال. وقال التقرير إنه لا يوجد شبكة اتصال داخلية بين العاملين سواء كانوا من الإخصائيين الاجتماعيين أو غيرهم من الموظفين، ما يعوق أداء أعمالهم اليومية ويتسبب فى استنزاف المزيد من الوقت والجهد. كذلك لا توجد آلية دورية للاجتماع بين موظفى المؤسسة العقابية «الإخصائيين الاجتماعيين، والنفسيين» وبين وزارة الشئون الاجتماعية، لعرض المطالب والشكاوى والتعرف على معوقات العمل. كما أشار التقرير إلى وجود مشاكل تعانى منها مخازن المؤسسة، حيث تفتقد الأدوات الأساسية اللازمة وملابس الأحداث وأدوات النظافة، وغيرها من الأدوات التى يستخدمها الأطفال المحتجزون، إضافة إلى عدم وجود عدد كافٍ من أمناء المخازن المدربين لضمان صحة وسلامة الأدوات المخزنة. وأوصى التقرير بضرورة تفعيل عدد من البنود الخاصة بقانون الطفل المصرى 126 لسنة 2008 «الباب الثامن المعاملة الجنائية للطفل»، الذى ينص على (مادة 119): «لا يحبس احتياطياً الطفل الذى لم يبلغ خمس عشرة سنة، ويجوز للنيابة العامة إيداعه إحدى دور الملاحظة مدة لا تزيد على أسبوع، وتقديمه عند كل طلب إذا كانت ظروف الدعوى تستدعى التحفظ عليه. على ألا تزيد مدة الإيداع على أسبوع ما لم تأمر المحكمة بمدها لقواعد الحبس الاحتياطى المنصوص عليها فى قانون الإجراءات الجنائية». مادة (116 مكرر «د»): «يكون للأطفال المجنى عليهم والأطفال فى جميع مراحل الضبط والتحقيق والمحاكمة والتنفيذ، الحق فى الاستماع إليهم وفى المعاملة بكرامة وإشفاق، مع الاحترام الكامل لسلامتهم البدنية والنفسية والأخلاقية، والحق فى الحماية والمساعدة الصحية والاجتماعية والقانونية وإعادة التأهيل والدمج فى المجتمع، فى ضوء المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن توفير العدالة للأطفال ضحايا الجريمة والشهود عليها». مادة (141): «يكون تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية المحكوم بها على الأطفال فى مؤسسات عقابية خاصة، يصدر بتنظيمها قرار من وزير الشئون الاجتماعية بالاتفاق مع وزير الداخلية. فإذا بلغت سن الطفل واحداً وعشرين عاماً تنفذ عليه العقوبة أو المدة الباقية منها فى أحد السجون العمومية. ويجوز مع ذلك استمرار التنفيذ عليه فى المؤسسة العقابية إذا لم يكن هناك خطورة من ذلك وكانت المدة الباقية من العقوبة لا تجاوز ستة أشهر». المادة (97): «ينشأ بكل محافظة لجنة عامة لحماية الطفولة، برئاسة المحافظ وعضوية مديرى مديريات الأمن والمختصين بالشئون الاجتماعية والصحة وممثل عن مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بشئون الطفولة ومن يرى المحافظ الاستعانة به. ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من المحافظ. وتختص هذه اللجنة برسم السياسة العامة لحماية الطفولة فى المحافظة، ومتابعة تنفيذ هذه السياسة. وتشكل فى دائرة كل قسم أو مركز شرطة لجنة فرعية لحماية الطفولة، يصدر بتشكيلها قرار من اللجنة العامة، ويراعى فى التشكيل أن تضم عناصر أمنية واجتماعية ونفسية وطبية وتعليمية، على ألا يقل عدد أعضائها عن خمسة ولا يجاوز سبعة أعضاء بما فيهم الرئيس. ويجوز أن تضم اللجنة بين أعضائها ممثلاً أو أكثر لمؤسسات المجتمع المدنى المعنية بشئون الطفولة. وتختص لجان حماية الطفولة الفرعية بمهمة رصد جميع حالات التعرض للخطر والتدخل الوقائى والعلاجى اللازم لجميع هذه الحالات، ومتابعة ما يتخذ من إجراءات». كما وضع التقرير عدداً من التوصيات العامة الواجب توافرها واتباعها فى المؤسسات العقابية، أبرزها: حماية الأطفال داخل المؤسسة مسئولية مشتركة بين وزارتى الشئون الاجتماعية والداخلية، وأن أى خطر يتعرض له الأطفال حتى من قبل أحد المحتجزين يخضع لمسئوليتهما. وعلى الإخصائيين والإداريين اتخاذ الإجراءات الوقائية لعدم حدوث أى عنف داخل المؤسسة عامة وداخل العنابر. وكذلك التأكيد الدائم على حماية حقوق الأطفال المحتجزين، وفقاً للقانون والاتفاقيات الدولية التى وقعت عليها الحكومة المصرية التى تشمل حسن معاملة الأطفال المحتجزين. وأوصى بضرورة حماية الحقوق الإنسانية الأساسية للأطفال، لحمايتهم من الآثار النفسية للاحتجاز، وتعزيز دور الإخصائيين الاجتماعيين والنفسيين، للعمل على إعادة تأهيل ودمج الأطفال المحتجزين مرة أخرى فى المجتمع، إضافة إلى ضمان حق الطفل فى محاكمة عادلة وناجزة ومنصفة يراعى فيها تطبيق القانون فى أن الطفل فى تماسه مع القانون ضحية، وأن يكون الاحتجاز هو الملاذ الأخير. وأوصى التقرير بضرورة أن يساند نظام قضاء الأحداث حقوق الأطفال وسلامتهم ويعزز خيرهم المادى واستقرارهم العقلى وعدم اللجوء إلى الاحتجاز إلا كملاذ أخير ولأقصر فترة ممكنة. كما يتعين تطبيق قواعد الأممالمتحدة بنزاهة على جميع الأحداث دون أى تمييز، مع احترام المعتقدات والممارسات الدينية والثقافية للحدث، إضافة إلى إرشاد وتدريب المهنيين العاملين فى مجال تدبير شئون نظام قضاء الأحداث من ضباط وإداريين وإخصائيين وعمال.