بالتزامن مع وصول الإخوان لحكم مصر، بدأ ما يمكن وصفه ب«موجة الغزو الثقافى التركى»، بدءاً من عبارة «صُنع فى تركيا» التى باتت منتشرة فى المعارض والمحال المصرية، مروراً بأنشطة المراكز الثقافية التركية فى القاهرةوالإسكندرية، فضلاً عن نشاط السفارة التركية فى باب اللوق، والقنصلية التركية فى الإسكندرية، وصولا إلى الكثير من الشركات التركية التى تعمل فى مختلف المجالات لإنتاج كل ما يحتاجه البيت المصرى من ملابس وأثاث وأدوات منزلية، إلى جانب إنتاج مسلسلات وتنظيم رحلات سياحية إلى بلاد «الباشا العثمانلى». وبعد أن كانت كل التوقعات تتجه إلى أن تركيا تسعى لتكون حليفا استراتيجيا لمصر فى المرحلة المقبلة، جاء قرار وزارة الخارجية المصرية بتخفيض التمثيل الدبلوماسى بين البلدين إلى مستوى «قائم بالأعمال» بدلا من سفير، وطرد السفير التركى من القاهرة واستدعاء السفير المصرى من أنقرة، ليضرب بكل التوقعات عرض الحائط، ومن ثم يربك كل خطط المؤسسات التركية العاملة فى مصر، بما فيها «المراكز الثقافية» التى اكتفى العاملون فيها بتعليق مقتضب على القرار: «مالناش دعوة بالسياسة». «من كان قلبه متحجرا ولسانه يفوح بالسم، حتى إن كان كلامه لينا، فأقواله تشبه الحرب».. قالها الشاعر يونس إمرة، الذى يحمل اسمَه مركزا الثقافة التركية فى القاهرة، وكأنه يتكلم عن رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان نفسه، الذى أفسد العلاقة بين البلدين وأربك النشاط الثقافى لبلاده فى مصر؛ حيث سبق لمركز «يونس إمرة» أن أهدى 1100 كتاب لمكتبة الإسكندرية ونظم حفلات لتكريم الفنانين والمطربين المصريين، كانت آخرهم الفنانة غادة رجب، التى أصدرت ألبوما غنائيا باللغتين العربية والتركية. «دورات اللغة التركية مستمرة، لكن لا نعرف هل يستمر النشاط الثقافى للمركز أم سيتوقف، لم نتلقَّ أى تعليمات بهذا الشأن حتى الآن، فى النهاية مالناش دعوة بالسياسة ونشاطنا مقتصر على الحفلات والدورات».. قالها «محمد»، أحد العاملين بالمركز الثقافى التركى، بشىء من الارتباك، الذى يسيطر على زملائه من العاملين المصريين والأتراك فى المركز نفسه، الذين اكتفوا بتعليق مقتضب: «لسه مفيش حاجة واضحة». الحال نفسه فى مركز يونس إمرة بالإسكندرية؛ حيث لا يدرى شباب الإسكندرية، الذين التزموا بحضور أنشطة النادى السينمائى بالمركز فى 21 نوفمبر الماضى، إن كانت ستستمر فعاليات عرض الأفلام أم ستتوقف، تأثرا بقرار طرد السفير التركى. مركزان ثقافيان تركيان، هما نصيب مصر من إجمالى 6 مراكز باسم «يونس إمرة» حول العالم، يعملان بالتنسيق مع قنصلية تركيا فى الإسكندرية، التى بدأ العمل بها فى مارس 2013، إلى جانب دار نشر «سوزلر» التركية فى القاهرة، التى عبر العاملون بها عن قلقهم بشأن الأجواء غير المستقرة بين القاهرةوأنقرة، بقولهم: «الله أعلم هيحصل إيه تانى». الدكتور محمد عبدالقادر، الخبير فى الشئون التركية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال: «إن كل شىء سيتأثر بتوتر العلاقات السياسية بين مصر وتركيا، خصوصا الأنشطة الاقتصادية والثقافية التى بدأ بعضها بالتراجع فعلا، وربط الخبير فى الشئون التركية، محمد عبدالقادر، بين تدهور العلاقات المصرية - التركية وتولى رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان إدارة ملف العلاقات بين البلدين، متسائلا: «متى يعود هذا الملف إلى وزارة الخارجية التركية؟»، مؤكدا أنه فى حال استمرار تدخل «أردوغان» فى الشأن المصرى، سيستمر تدهور العلاقات بين البلدين من سيئ إلى أسوأ.