طريق أسفلتى ممهد يشق منطقة صحراوية مترامية الأطراف، تنمو فيها نباتات عشبية عشوائية أو «شيطانية» كما يسميها قاطنو الصحراء، لا يوجد فى المكان أى أثر لوجود البشر على مرمى البصر. وعلى العكس تماماً، المنطقة الواقعة على أطراف مركز «أبوصوير»، التابعة لمحافظة الإسماعيلية، وهى واحدة من أكثر المناطق التى نُفِّذت فيها عمليات تفجير استهدفت الأكمنة الثابتة والمتحركة للجيش والشرطة، وبحسب شهادات بعض سكانها فإن المنطقة ذاتها أصبحت مؤخراً بؤرة تمركز عناصر إرهابية نشطت بعد 30 يونيو. تحولت المنطقة بسبب مزارعها المثمرة ومفارقها الخارجية وأطرافها الحدودية إلى وكر تتسلل منه وإليه العناصر المسلحة التى تعتنق الفكر التكفيرى، بينما كانت فى الماضى الإقليم الثامن للوجه البحرى فى العصر الفرعونى، وكان المصريون القدماء يطلقون عليها «بيت الآلهة آتوم»، كما كانت أهم مخازن الغلال والتحصينات أيام الدولة الحديثة فى عصر الملك رمسيس الثانى. إسلام فواز، أحد قاطنى المنطقة، أكد أن نقاط ضعفها تتركز فى الدروب الصحراوية التى يتسلل منها الإرهابيون إلى أهدافهم داخل المدينة أو خارجها، وخص بالذكر الامتداد الصحراوى ل«أبوصوير» الذى تحول مؤخراً إلى منطقة خصبة لتنامى نشاط العناصر المسلحة بمختلف توجهاتها وتنظيماتها. مضيفاً: «الظهير الصحراوى معروف بخطورته قبل 25 يناير، وبعد 30 يونيو لجأت إليه العناصر الإرهابية للتخفى والاحتماء، بعد تنفيذ عملياتها وهجماتها على الجيش والشرطة». شهدت تلك المنطقة أكثر من 15 عملية إرهابية، تتنوع ما بين التفجير والقنص واستهداف المنشآت الأمنية والعسكرية وأفرادها من قوات الجيش والشرطة، وتم إلقاء القبض على بعض منفذيها، لكن لا تزال لديهم القدرة على تنفيذ عمليات أخرى، كما حدث مساء الخميس الماضى عندما استهدفت العناصر الإرهابية ضابط شرطة بالرصاص. ويبلغ عدد سكان مركز «أبوصوير» 100 ألف نسمة وفقاً لإحصائيات محافظة الإسماعيلية، ويعانى إهمالاً شديداً فى مختلف القطاعات الخدمية ونقصاً ملحوظاً فى بنيته التحتية. حدد موسى حسين، عامل زراعى، يقيم فى قرية تابعة ل«أبوصوير»، مناطق وصفها بالأكثر خطورة، حيث تلجأ إليها العناصر الإرهابية، قائلاً: «المناطق تقع على أطراف مركز أبوصوير، وتحديداً خلف شركة المقاولون العرب، والمدقات الصحراوية القريبة من جمعية السلام الزراعية، وهناك أيضاً ظهير مصنع الأسمدة القريب من مركز شرطة أبوصوير، ويوجد فى هذه المنطقة عدد من الخارجين عن القانون والهاربين من السجون، بالإضافة إلى مفارق (أبوصوير) التى يوجد فيها كمين أمنى». «تنتشر الكمائن الثابتة على مداخل ومخارج المدينة، ورغم ذلك يخترقها الإرهابيون»، هذا ما قاله حسن عبدالله، أحد سكان «أبوصوير». مضيفاً: «أى حد عايز يعمل حاجة بيعملها، والسبب إن الكماين سواء كانت جيشاً أو شرطة معروفة للجميع، واللى عايز يعمل حاجة مش هيعدى على الكمين أصلاً، وممكن يعدى من خلال الدروب والمدقات الجبلية اللى هما عارفينها كويس، وبرضو هيوصلوا للمكان اللى هما عايزينه»، مطالباً قوات الأمن باستخدام استراتيجيات أمنية جديدة لمواجهة الإرهاب فى الإسماعيلية. ينطبق الفراغ الأمنى كذلك على الحيز الزراعى، خلف قرية «أبوخليفة»، المنطقة العشوائية، حيث تعتبر امتداداً لمنطقة «سامى سعد»، وتقع على طريق الإسماعيلية - بورسعيد، وخطورتها أن أطراف قرية أبوخليفة تتمثل فى أنها الامتداد الخلفى الذى يبدأ بالأراضى الزراعية ويتمدد إلى المنطقة الصحراوية، ويمكن من خلاله التسلل إلى مركز المنزلة ببورسعيد، وإن كانت بها أكمنة كثيرة للجيش لقربها من كوبرى السلام. «هؤلاء لا يوجد لهم أرض محددة يقيمون فيها، ليس لهم قبيلة أو عائلة»، هذا ما أكده وليد أبوسعدون، من عرب الإسماعيلية، موضحاً أن العناصر الإرهابية تعتمد على أنصارهم الذين ينتمون إلى فكرهم «الأسود»، حسب وصفه، فيما تجمع بعضهم مصالح شخصية تحت أسماء دينية.