سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخلية الجذعية ستقول وداعاً للسرطان وتليف الكبد وجلطة القلب والألزهايمر الخلايا الجذعية مازالت تحت التجربة وفى مصر لا تستخدم إلا فى علاج سرطان الدم.. ويتوقع العلماء أن تحل الخلايا الجذعية مكان الأدوية وسيقسم تاريخ الطب إلى ما قبل وما بعد الخلايا الجذعية
سيدة خلايا الجسد، الخلية السحرية، الخلية الأمل.. كل هذه أسماء وأوصاف مختلفة للخلية الجذعية التى تعد الآن مستقبل الطب والعلاج فى العالم، والأمل المبشر لعلاج كثير من الأمراض المستعصية التى ما زالت تشكل تحدياً للعلم حتى الآن، نستطيع أن نقول بكل اطمئنان إن العالم مقبل على عصر العلاج بالخلية الجذعية، وإن تاريخ الطب سينقسم إلى مرحلتين؛ مرحلة ما قبل الخلية الجذعية، ومرحلة ما بعد الخلية الجذعية، وهذا ما جعل دول العالم المهتمة بالبحث العلمى توجه استثمارات وتضخ أموالاً هائلة لدعم أبحاث الخلية الجذعية، لدرجة أن الولاياتالمتحدة وحدها أنفقت حتى بداية عام 2011 عشرة مليارات من الدولارات، والمدهش أن كوريا الجنوبية صرفت أضعاف هذا المبلغ الأمريكى، وبالطبع لم يذكر عنوان أو اسم أى دولة عربية من المحيط إلى الخليج، فالدول العربية ما زالت تعيش فى نعيم أبحاث بول الإبل والحجامة والعلاج بالبردقوش وحبة البركة، وما زال أطباء مصر وفى مقدمتهم أطباء الكبد يبحثون عن دعم لأبحاث الخلية الجذعية ولكن لا حياة لمن تنادى، فالبحث العلمى فى مصر يعامل معاملة الجمل الأجرب وهو رجس من عمل الشيطان علينا اجتنابه. هل ستختفى الأدوية من قائمة العلاج ويحل محلها العلاج بالخلايا الجذعية؟ هل اقترب يوم الانتصار على السرطان وجلطة القلب والأمراض الوراثية وفيروس الكبد الوبائى والألزهايمر... إلخ؟ هل ستتغير فلسفة العلاج؟ هل سنودع الشيخوخة؟ أسئلة كثيرة تفرض نفسها على معامل الأبحاث فى العالم، والمهم أن العلماء متفائلون لأن العلم متفائل بطبعه، لا يدعى العلماء أنهم سحرة، ولكنهم يؤكدون أن منهجهم العلمى فى التفكير هو منقذ البشرية. ليس غرضى من هذا المقال هو تقديم دراسة مرجعية عن الخلايا الجذعية، فمن يريد قراءة التفاصيل العلمية المعقدة عليه بالكتب العلمية وآخرها كتاب د. خالد الزعيرى فى سلسلة عالم المعرفة، ولكنى أريد فتح نافذة للإطلالة على طريقة تفكير مختلفة لبشر يملكون نفس مادة أمخاخنا ولكنهم لا يملكون نفس العنكبوت الذى يعشش فيها، فنحن نقول مثلاً وهم يقولون أيضاً «العلاج بالعودة إلى الطبيعة»، ولكن معناها عندنا بعيد تماماً عن معناها عندهم وشتان ما بين المعنيين! فنحن نقصد بالعودة إلى الطبيعة العلاج بالأعشاب واللجوء إلى العطار وتدوين كل ما يقوله نصابو ودجالو فضائيات الخرافة عن علاجات الأعشاب الوهمية والطب البديل، معناها عندنا هو كراهية العلم واعتباره للأسف عدو معتقداتنا الدينية، أما معناها عندهم فى العقل الغربى فهو العلاج «منك فيك» بالخلية الجذعية، فهى خلية منك تغرس فيك وتعاد برمجتها لتتلافى خللاً ما فى فسيولوجية جسدك، هذا هو طبهم البديل، أو بالأصح طبهم المستقبلى. هل تعرف عزيزى القارئ ما تعريف الأمية الجديد؟ إن الرجل الأمى الآن ليس هو الذى يجهل القراءة والكتابة! فهذا أصبح شيئاً فى متحف التاريخ وحفريات الجيولوجيا، وليس أيضاً الذى يجهل الكمبيوتر، ولكن الأمى الآن هو الذى يجهل ما الD.N.A، المادة الوراثية وشفرة الحياة وأبجدية الوجود، التى ينتج منها الجسد شرائط بطول 450 مليون كيلومتر يومياً أى بمقدار المسافة بيننا وبين الشمس! هذا هو معنى الجهل الجديد، وأعتقد أننا نعيش فيه إلى نخاع النخاع وبامتياز مع مرتبة الشرف، وسنظل نعيش فيه مخلدين إلى يوم القيامة، ما دمنا نفرد فى إعلامنا العظيم ساعات وساعات لبرامج الفتاوى وبكائيات الدعاة الجدد، واستضافات الهلس لأرباع النجوم، وما دامت تحتل أخبار الكابتن «عبدالظاهر» مانشيتات جرائدنا وساعات إرسالنا وتستنزف مناقشاتنا، ما دمنا نعيش فى هذه الأوهام ونتنفس تلك المخدرات فسيظل منتهى أملنا أن نظل فى مكاننا. أجسامنا فيها 220 نوعاً من الخلايا، وعدد الخلايا الإجمالى مائة تريليون خلية، يعنى مائة وأمامها 12 صفراً! ببساطة نحن نعتقد أن كل خلية متخصصة من خلايانا ليس بداخلها صفات الخلايا الأخرى، وهذا اعتقاد خاطئ، وسأحاول التبسيط وأتمنى ألا يكون تبسيطاً مخلاً، كل خلية فيها كل أسرار الخلايا ولكنها لا تتكلم إلا بلغة تخصصها فقط، وباقى الشفرات واللغات خرساء عن أن تتحدث بها، فخلية الكبد مثلاً بها داخل نواتها برامج تشغيل البنكرياس مثلاً ولكن هذه البرامج مغلقة، بمعنى آخر هناك لاقط أو طبق دش أو إيريال على الخلية، فإذا كانت خلية كبد مثلاً وجاء من يريد الإنسولين فإن الإيريال المستقبل على خلية الكبد يرفض ويقول: الإشارة ماتخصنيش ومش بتاعتى ومش حالقطها وأفتح لك، فكل ما هو مختلف عن طبيعة وظيفتى كخلية كبد مغلق ومشفر مثل قنوات الشوتايم والإيه آر تى المشفرة! وهذا هو ما يشرح لنا كيف استنسخ العلماء من خلية ثدىٍ نعجة كاملة، فالإنجاز الحقيقى كان فى فك الشفرات وحل الفرامل والمكابح التى أغلقت باقى الوظائف الأخرى للخلية، فترعرعت وانقسمت وتفرعت إلى خلايا أخرى غير خلية الثدى الأساسية. الخلية الجذعية هى خلية تتميز ببرنامجها الوراثى المدهش المفكوك فيه كل هذه الشفرات، التى تستطيع أن تنقسم إلى أى خلية نحن نريدها، ومن الممكن أخذها من أماكن كثيرة، من بينها نخاع العظام والحبل السُّرِّى الذى كنا نلقى به فى سلة القمامة! إنها ثورة لأنها خلية قادرة على تجديد نفسها، وبهذا مضمون وجودها داخل الجسم إلى الأبد، وبالطبع ليس الموضوع بهذه البساطة، فكيف نأخذ الخلية الجذعية؟ ومتى؟ وما المعوقات التى تواجهنا؟ وكيف لا يلفظها الجسم؟ وما طريقة غرس الجين فى المكان المناسب؟... إلخ، ولكن العلماء بدأوا أولى خطوات الدرب الطويل، ولكن المهم أنهم قد بدأوا ولم يجلسوا فى الظل مخدرين بالكسل مثل مجتمعاتنا العربية التى تكتفى بالندب على الماضى وتأنيب الغرب على أنهم سرقوا الإنجازات والإعجازات العلمية من كتبنا واستفادوا بها. وهذه هى بعض الإنجازات المبشرة فى مجال العلاج بالخلايا الجذعية: ■ حقن د. أورليك الخلايا الجذعية فى جدار بطين قلب تالف، وقد حدث إحلال ل68% من عضلة القلب بعضلة سليمة فى تسعة أيام. ■ طور د. لويس دوواى عبر الخلايا الجذعية طريقة لإنتاج كرات الدم الحمراء فى المعمل. ■ قام د. رون ماكاى بتحويل الخلايا الجذعية الجنينية إلى خلايا تفرز الإنسولين لعلاج مرض السكر، ولكن ما زالت كمياته غير كافية لضبط السكر. ■ حقن د. جون جيرهارت خلايا جذعية فى السائل المحيط بالحبل الشوكى لفئران مشلولة بفيروس، وبعد ثلاثة أشهر كانت هذه الفئران قادرة على الحركة. ■ تمكن علماء روس فى مارس 2005 من علاج تلف الشبكية فى الأرانب -كانوا قد أحدثوه بالليزر- ما مكن الأرانب من الرؤية، وذلك بزراعة خلايا جذعية جنينية فى الأنسجة التالفة، ونفس الشىء فعله كوريون جنوبيون ولكن بخلايا جذعية من الحبل السرى. ■ تمكن الباحثون فى كلية طب هارفارد من حقن خلايا جذعية عصبونية معدلة وراثياً بالإضافة إلى مادة غير سامة فى فأر مصاب بسرطان المخ، ووجدوا أن حجم الورم قد انخفض بنسبة 80%، وكان التفسير أن هجرة الخلية الجذعية إلى مكان الورم قد حولت المادة غير السامة إلى سامة ولكن لخلايا الورم السرطانى فقط. ■ استطاع الباحث هانز سكولر أن يحصل على بويضة من خلايا جذعية جنينية لفأر، وهذا فتح الباب لمناقشات محتدمة حول إمكانية ترك الزواج ما دام الرجل قادراً على إنتاج البويضة التى كانت تنفرد بها الأنثى! ■ بعد زرع خلايا جذعية فى بازل بسويسرا لمريض سرطان نخاعى حدث بعد 40 يوماً نمو للشعر فى رأسه الأصلع. ■ اكتشف سونجتاو شى فى المعهد الصحى للولايات المتحدة أن ضرس العقل والأسنان اللبنية هى كنز جيد للخلايا الجذعية ولا يصح أن نلقى بها فى عرض الطريق ولا بد من استغلالها فى بنوك للخلايا الجذعية. ■ نجح الباحث الإيطالى أباتيستا فى استخدام الخلية الجذعية المستخلصة من نقى العظام فى علاج انسداد الحالب. ملاحظة أخيرة: الخلايا الجذعية ما زالت فى طور التجربة، ولا يخدعنك أحد على الإنترنت أو خلافه بأنها تعالج الآن الشلل أو التليف... إلخ، وهى حتى الآن فى مصر لا تستخدم إلا فى بعض حالات سرطان الدم، من الممكن مستقبلاً أن تعالج الأمراض المستعصية الأخرى، نحن على أبواب ثورة طبية حقيقية، والمهم أين نحن من هذه الثورة؟ كنا فى الماضى نجرى فى التراك مع الغرب فى السباق، ثم خرجنا من التراك ومارسنا الجرى وحدنا، ثم خرجنا من الملعب نفسه وجلسنا فى مدرجات المتفرجين، ثم أصبح حالنا الآن بعد طردنا من مقاعد المتفرجين مثل الواقفين على بوابة الاستاد فى الخارج نسمع هتافات المدرجات فنعرف أن هناك هدفاً قد أحرزه علماء الغرب، فنقول بالتبعية... هيه.. جووووون!