"400 فدان من أجود الأراضي النيلية الزراعية في طريقها إلى البوار".. بهذه الجملة استغاث المئات من مزارعي قرية الترامسة التابعة لمركز قنا، من عدم قدرة الأراضي على الإنبات؛ لتلفها بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية الناجمة عن مياه الصرف الزراعي ومعها ارتفاع نسبة الأملاح، لتكون النتيجة أرض مستنقعات تكسوها الحشائش. وأكد مزارعون أن جهد 26 عامًا يذهب هباء نتيجة أن هناك استصلاحات لأراضي تعلو في مستوى سطح الأرض لتلك المساحة "400 فدان"، مشيرين إلى أن هناك عجز واضح من قبل المسؤولين في الري والمحافظة على حل تلك المشكلة. أحد المتضررين: مشروع الصرف لم يحقق النتائج المطلوبة
يقول رمضان محمد عبدالغفار، أحد المتضررين، إن "هذه المنطقة يطلق عليها حوض "الرقبة الغربية" بقرى الترامسة، ومساحتها 400 فدان، وأن المشكلة بدأت في عام 1992ميلاديًا، عندما استصلح عدد من الأهالي أراضي صحراوية تعلو هذه الأراضي الطينية والتي تعد من أجود الأراضي النيلية، وجرى ري الأراضي الجديدة العلوية بمواتير رفع كبيرة من ترعة أصفون، وبالأساليب التقليدية "الري بالغمر" وليس ب"التنقيط" مما جعل هذه الأراضي العطشة أن تبتلع كميات كبيرة من المياه مما تبب فر رشح على الأراضي النيلية الجيدة. ويضيف: هناك محاولة لحل تلك المشكلة في 2012 حيث نفذ مشروع للصرف من قبل وزارة الري خاصة بعد شكاوى كثير من المزارعين، ولكن الأمر لم يفلح ولم تحل المشكلة. ويستكمل عبدالغفار أنه "تقدمت بعدة شكاوى للنيابة الإدارية والرقابة الإدارية ضد الري والمقاول المنفذ للمشروع بعدم جدوى الصرف المغطى على حوض الرقبة، وأن المساحات المتضررة اتسعت وغمرت الزراعات كلها، وأصبح المزارعين لا يستطيعون سوى رؤية حشائش الهيش تستشري في الأرض دون حول لهم ولا قوة". وأكد أنه مع كثرة الشكاوى كان هناك رد آخر من قبل المسؤولين حيث زارت لجنة من هيئة بحوث الصرف بالمنصورة برئاسة الدكتور إيهاب السيد، في 2015، لعمل تقرير عن حالة المياه الموجود بالأراضي وكانت النتيجة أن "المياه الجوفية أتلفت الأرض ورسبت طبقة ملوحة وأن مشروع الصرف المغطى غير مجزي لعدم تخطيطه بالطريقة الصحيحة، ولا يعمل بكفاءته"، مما يبقى الوضع كما هو عليه، مضيفًا: الوضع ازداد سوءاً ولابد من إعادة حفر ترعة "شعث" حتى تصرف إليها المياه الزائدة. " أرضنا أصبحت بور سكنتها حشائش الهيش والمياه الجوفية وزادت ملوحتها ولا يمكننا زراعتها والمسؤولين ودن من طين وودن من عجين".. هكذا عبر أبوالخير جعلوص، أحد المتضررين، يملك هو عائلته 8 أفدنة في المنطقة المتضررة، مؤكدًا: المزارعين استخدموا كافة الطرق لحماية أراضيهم ولكن المياه الجوفية المملحة المتسربة من الأراضي الرملية في المنطقة الصحراوية دمرت الأرض. وتابع: محصول تلك الأراضي يمثل عصب الحياة للأسر حيث منها يجرى توفير الحبوب مثل القمح للإنسان والعلف للمواشي، والآن أصبحت بور لا تصلح للزراعة، مضيفًا: "عزمنا على جلب كميات من التربة الطينية التي تشهبه أرضيتها والعمل لتغطيتها لتكون ذات مستوى أعلى، وتركنا الأرض لمدة عام وجرى تغطيتها بالسماد العضوي من مخلفات المواشي لزيادة خصوبتها، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل بسبب عدم تصريف المياه الزائدة المالحة في ترعة الترامسة لوجود عيوب في تركيب صرف الأرض".
الأهالي: نضحي ب400 فدان من أجود الأراضي مقابل 50 فدانًا صحراويًا
ويقول ممدوح فهمي بشارة، أحد المتضررين، إن الأراضي الصحراوية قضت على الأخرى النيلية الخصبة فكيف لنا أن نضحي ب400 فدان من أجود الأراضي مقابل 50 فدانًا صحراويًا؟ ويضيف: البداية منذ 15 عامًا حينما قضي على 170 فدانًا منذ بسبب اجتياح مياه الصرف المملحة والمسربة من الأراضي العلوية والتي تكونت من إجمالي ال400 فدان. ويتابع: لجنة هيئة بحوث الصرف أوصت خلال تقريرها الذي أعدته بشق مصرف مكشوف في نفس مسار ترعة شعث "المردوم حاليًا" بطول كيلومتر، ولكن يبقي القرار حبيس الأدراج منذ صدوره في قبل 3 أعوام. وطالب المزارعين الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفي مدبولي، ووزير الري، بسرعة التدخل لإنقاذ أجود أنواع الأراضي. وكيل "ري قنا": حلول عاجلة لإنقاذ أراضي المزارعين ومن جانبه، قال المهندس محمد خضيري، وكيل وزارة الري في قنا، إنه تواصل مع مدير مشروعات الصرف في المديرية، وأكد له أنه هناك تواصل مع مدير مشروعات الصرف في الوزارة بخصوص الصرف المغطى في حوض الرقبة بقرية الترامسة، لوضع الحلول العاجلة لهذه المشكلة، مؤكدًا أنه سيعمل على متابعة الموضوع وما ينتج عن الاجتماع من مقترحات لتنفيذها فورًا على أرض الواقع لإنقاذ أراضي المزارعين.