منذ تأهل المنتخب الكرواتي لدور ال16 في بطولة كاس العالم المقامة حاليًا في روسيا، ويستدل الليلة الستار على فصلها الأخير بمشاركة كرواتيا أيضًا ضد منتخب فرنسا، كرواتيا التي أبهرت العالم كرويا من خلال ظهور رئيسية البلاد في المقصورة الرئيسية خلال المباريات والتي أثيرت حولها الكثير من الأحاديث البطولية عبر صفحات التواصل الاجتماعي بأنها تخلت عن أسطول سيارتها الرئاسية وباعت أيضًا طائرة الرئاسة الخاصة من أجل الاقتصاد الكرواتي. وبعيدًا عن المبالغات التي أحيطت بها رئيسة كرواتيا كوليندا جرابار كيتاروفيتش، في السطور التالية نقدم الأوضاع الحقيقة للاقتصاد الكرواتي:
الاقتصاد الكرواتي لا يمتلك كميات كبيرة من مصادر التعدين، خاصة بعد أن تم إغلاق مناجم الفحم والمناجم الأخرى في فترة السبعينات والثمانينات، لكنه يعتمد على مصادر كبيرة من الموارد غير المعدنية، وتحديدًا السياحة. وتمتلك كرواتيا البالغ عدد سكانها أقل من 4 ملايين نسمة مواردها الطبيعية من الطاقة بما في ذلك النفط والغاز ومعظم مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الهيدروجينية والطاقة الشمسية، ويشارك قطاع الخدمات بنحو ثلثي الناتج الإجمالي المحلي، أما الصناعات الرئيسية هناك فهي البناء والبتروكيماويات وبناء السفن، لكن القطاع الذي يساهم بأكبر قدر على الإطلاق هو السياحة، حيث تستقبل نحو 10 ملايين سائح سنويًا ما يمثل 15% من الناتج الإجمالي المحلي.
وتُجري كرواتيا ما يقرب ثلثي تجارتها مع شركاء أوروبيين، تحديدًا إيطاليا وألمانيا، ويوجد في كرواتيا ما يعادل 3.15 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، منها حوالي مليوني قطعة أرض صالحة للزراعة بينما يتكون الباقي من المراعي وبرك الأسماك. وتغطي الزراعة هناك الحاجة المحلية للحبوب والسكر ومعظم الطلب على المحاصيل الصناعية، وكان للإنتاج الصناعي في كرواتيا حتى الركود الذي تعرضت له البلاد في عام 2009 مكانة مهمة في إجمالي الإنتاج، وتعد أبرز أشكال التصنيع البتروكيماويات وبناء السفن.
على خلفية الأزمة المالية العالمية في عام 2008، ودخول البلدة في فترة انكماش استمرت 6 سنوات بدأت في 2009 وحتى 2014، الأمر الذي كلفها أكثر من 12% من إجمالي الناتج المحلي لديها، وفقًا لمركز معلومات مباشر الاقتصادي، حيث تضاعف معدل البطالة من مستوى 8% في 2008 إلى 17% في 2013، وارتفع معدل البطالة بين الشباب حتى وصل إلى 50% بحلول 2014.
وساعد انضمام كرواتيا للاتحاد الأوروبي في يوليو 2013 -لتصبح أحدث دولة منضمة للاتحاد- في مساعدة الاقتصاد في الاتصال جزئيًا بالاقتصاديات الكبرى، ورغم أن كرواتيا عادت إلى النمو الاقتصادي في عام 2015 إلا أن النمو لايزال منخفضًا ويحتاج إلى معالجة بعض مواطن الضعف وذلك مع مواجهة البلاد مستويات عالية من الديون في القطاعين الخاص والعام إلى جانب معدل توظيف منخفض ومناخ استثماري مرهق. ويتضح ذلك في أن العوامل ليست كافية لتحقيق معدلات نمو ما قبل الأزمة، حيث أن الناتج المحلي الإجمالي لايزال أقل بنسبة 1% تقريبًا عما كان عليه في فترة ما قبل الأزمة، كما أن معدل بطالة الشباب مرتفعة عند 33%، وارتفع معدل الفقر المطلق من 4.7% في 2009 إلى 5.1% في 2017، لكنها أيضاً منخفضة عن مستوى 5.8% في 2015 و7.3% في 2013.
ووفقًا لوضع الاقتصاد في العام الماضي فإن النمو الاقتصادي في كرواتيا شهد تباطؤا عند مستوى 2.8% بعد أن ارتفع بنحو 3.2% في 2016، ويبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 13.29 ألف دولار سنويًا بنهاية عام 2017، بحسب بيانات البنك الدولي. وظلت الاستثمارات الحكومية جنبًا إلى جنب مع تحسن الصادرات هما القاطرة الرئيسية للنمو تزامنًا مع السياحة، وارتفع معدل التشغيل حيث تضاعف وسط مستويات مرتفعة من الهجرة الخارجية والتي أدت إلى تراجع ملحوظ في البطالة والتي قُدرت ب11% متراجعة بنحو 2.1% عن مستويات 2016. وحققت كرواتيا فائضًا في الموازنة إلى الناتج الإجمالي المحلي عند 0.1% مقابل عجزًا بنسبة 0.9% في 2016، أما الديون الخارجية فوصلت إلى 84.2% من إجمالي الناتج المحلي في نوفمبر 2017، بانخفاض بنسبة 5.6% عن مستوى 2016.
كما بدأت كرواتيا التحول من انكماش الأسعار إلى إحراز معدل تضخم في العام الماضي عند 1.1%، بعد انكماش بنحو 1.1% في 2016، ووفقًا لأحدث تقديرات صادرة عن مفوضية التجارة الأوروبية؛ أعلنت أن الاقتصاد الكرواتي سيُسجل نموًا اقتصاديًا بنحو 2.6% في العام الجاري ثم يتباطأ في 2019 عند مستوى 2.5%. أما على صعيد معدل التضخم فالتوقعات أشارت إلى أنها ستُسجل 1.6% في 2018، وتواصل الارتفاع في العام المقبل عند مستوى 1.8%، وذكر التقرير أن الاستهلاك الخاص من المتوقع له أن يبقى هو القائد الرئيسي في توقعات النمو وذلك بدعم زيادة الدخل الحقيقي للأسر والتضخم المنخفض. ويرى التقرير أن بيانات وصول السياح وإقاماتهم تدعم توقعات نمو قوي لصادرات الخدمات في 2018، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن التباطؤ المفاجئ في بداية 2018 يتماشى مع الضعف الملاحظ في قطاع الصناعات. في الوقت ذاته فإن المفوضية ترى، أن تأثير نمو صادرات السلع الضعيف على الناتج الإجمالي المحلي يجب أن يعوض جزئيًا بتباطؤ نمو الواردات، وعلى صعيد سوق العمل فإن من المتوقع استمرار ظروف سوق العمل في التحسن،