كانت قضية المرأة وحقها فى التظاهر، وما تتعرض له فى المظاهرات من اعتداءات، أحد أبرز علامات التحول والتغير الكبيرة فى مسيرة جماعة الإخوان، وتلون مواقفها. فظهر جلياً الكيل بمعيارين لرؤية الأحداث عامة وفيما يخص حقوق المرأة على وجه التحديد، فلا أحد ينسى طوال فترة عام كامل من حكم الرئيس المعزول مرسى الصيغة الذكورية التى كان يتحدث بها النظام، بالإضافة إلى المشاركة الذكورية البحتة لكل المسيرات المنبثقة من الإخوان، والتأكيد أن مجتمع المرأة هو بيتها، بل وصل الأمر إلى اتهام الناشطات السياسيات اللاتى يتظاهرن ضد نظام مرسى بأبشع التهم، فجاء على لسان منال أبوالحسن أمينة المرأة بحزب الحرية والعدالة، أن تظاهر المرأة دفاعا عن حقها «امتهان لكرامتها» متسائلة «أليس لها زوج أو أخ أو ابن يدافع عنها؟»، فضلا عن تصريحها بخصوص المشاركات فى مسيرة «الحرائر» ضد الاعتداء على الفتيات وسحلهن، بأنهن ممولات ولديهن أجندة خاصة، وأن من شارك منهن فى المسيرة لم يشارك فى الثورة أصلا. وأن من تفكر فى النزول لأى مظاهرة أو اعتصام هو دعوة صريحة منها للتحرش الجنسى بها، بل إن لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى المنحل الذى كان يحمل أغلبية من التيار الإسلامى ردوا على تعرض عدد كبير من الناشطات للتحرش الجنسى والاغتصاب الجماعى أثناء الذكرى الثانية لثورة يناير، بأنهن السبب فى التعرض لهذه الانتهاكات الجنسية لأنهن نزلن المظاهرات بجانب الرجال. وكان تعليق النظام المتأسلم على حادثة فتاة مجلس الوزراء وتعريتها فى الشارع بقولهم «إيه اللى وداها هناك». كل هذا يعكس نظرة الإخوان المسلمين لحقوق المرأة أثناء فترة حكمهم، أما بعد عزل الرئيس مرسى أضحى تفسيرهم للأمور مختلفاً تماما، وظهر التلون على أشده؛ حيث باتت اليوم المرأة الإخوانية فى مقدمة صفوف الجماعة المطالبة بعودة محمد مرسى، بعدما اعتاد تنظيم الإخوان استخدامها كدروع بشرية، وظهر العديد من السيدات يؤكدن أن مشاركة المرأة هو جزء من واجبها للدفاع عما يسمى «الشرعية»، وبعد أن كان صوت المرأة عورة أصبح الآن صوت المرأة هو المحرك للمسيرات. وإن كان استغلال النساء ليس جديدا على الإخوان فهم يعلمون جيدا القيمة الفعلية للكتلة النسائية سواء فى المسيرات أو ككتلة تصويتية نسائية تبلغ أربعة وعشرين مليون صوت، لذا تركز «الإخوان» على حملات طرق الأبواب لحشد النساء وإخراجهن من المنزل، مستغلة ارتفاع نسبة الأمية والفقر بين النساء وتجاهل القوى المدنية وتعاليها عن اتخاذ إجراءات تنظيمية وقانونية واضحة لإدماج النساء والبنات فى الحياة العامة وصقل قدراتهن وخبراتهن حتى لا يكنّ أداة فى يد جماعات تقفز على السلطة لتقصى أو تبيد من يخالفها، والرد على ضمان مشاركة المرأة بتخصيص كوتة بكثير من المجاملة وقليل من الفعل، وهنا من المهم تذكر التجربة الجزائرية التى استطاع الإسلاميون استغلال أصوات النساء لاكتساح الانتخابات وإدخال البلاد فى حرب إرهاب دامية امتدت لأكثر من عشر سنين ومئات الآلاف من القتلى، بعدها تعلمت الجزائر الدرس وأن مشاركة النساء فى الحياة العامة ليس تفضلا أو رفاهية وإنما ضرورة أمن قومى لكى تتحمل المسئولية وتنشغل بوعى كامل بقضايا الوطن لذا خصصت الجزائر كوتة للنساء ثلث البرلمان لتصل مشاركتها فى الانتخابات البرلمانية 2012 إلى 30.8% حتى تشارك بقوة فى إدارة الشأن العام وتكتسب الخبرات التى تحميها من أن تكون ألعوبة أو أداة فى يد التطرف، حتى لو ظهر بأشكال أكثر عصرية مثل ألتراس الإخوان النسائى.