عرضت ألمانيا مساعدة مصر، في مجال الطب الشرعي، بعد تزايد الغموض حول كثير من الأحداث التي وقعت بمصر مؤخرا، مثل اشتباكات مجلس الوزراء وشارع محمد محمود وماسبيرو، التي لم تصل التحقيقات فيها لأي نتائج مرضية من قبل أطباء الطب الشرعي، وأغلقت الملفات دون الوصول إلى تفسير حقيقي للأحداث. وتقدم وزارة الخارجية الألمانية دعما بنحو مليون يورو لمشروع يقوم على زيادة عدد من الأطباء العاملين في مستشفى برلين إلى مصر ليقدموا دورات للأطباء المصريين. وقالت السفارة الألمانية في بيان لها تلقت "الوطن" نسخة منه، "بالرغم من ثناء جميع الأطراف على مجهودات الأطباء الشرعيين في مصر، إلا أنه كان ينقصهم التجهيزات اللازمة لكي يتمكنوا من عملهم التخصصي على أكمل وجه، وحينما عرضت ألمانيا تقديم المساعدة في إطار الشراكة من أجل التحول الديمقراطي، وأعربت مصر عن رغبتها المباشرة في تلقي المساعدة من أجل تأسيس معمل طب شرعي والتدريب المتقدم للأطباء الشرعيين، وبالاشتراك مع معهد الطب الشرعي في مستشفى برلين (شريتيه) تم إعداد برنامج تدريبي أتاح الفرصة حتى الآن لسبعة من الأطباء الشرعيين وثلاثة من علماء السموم لحضور دورات دراسية مكثفة لمدة عشرة أيام. وأكد التقرير أن هذا الأمر يبدو لأول وهلة مفاجئا، غير أن النظرة المتفحصة تظهر بوضوح ارتباط هذا التوجه بعملية التحول الديمقراطي. وأشار البيان إلى أنه في يوم 9 أكتوبر 2011 وقعت في القاهرة أحداث ماسبيرو، التي تعد الأكثر دموية منذ سقوط مبارك، وهي الأحداث التي راح ضحيتها 26 شخصا. وفي البداية لم يرغب ذوو الضحايا في السماح بإجراء أي تشريح لجثث الضحايا، غير أن المحامين استطاعوا إقناعهم بضرورة تحديد السبب الدقيق للوفاة. ومن بين الجموع التي تجمعت أمام المستشفى تكون على عجل ممر للأطباء الشرعيين ليقوموا بفحص الضحايا، حيث اتضح أن كثيرا منهم لم يجر استهدافهم بأعيرة نارية، بل لقوا مصرعهم دهسا بالمدرعات. ومن خلال ذلك أمكن رسم صورة واضحة للأحداث حالت في آخر الأمر دون مزيد من التصعيد". وبنهاية هذا العام سيكون متاحاً أمام 40 طبيباً مصرياً آخر، الاستفادة من التجهيزات المتخصصة والفنية لمستشفى برلين وأن يعملوا في مصر وقد اكتسبوا مزيداً من المعرفة، ومن أوجه هذا الدعم إتاحة الفرصة للأطباء الشرعيين لحضور دورات متقدمة في ألمانيا تظهر بوضوح ارتباط هذا التوجه بعملية التحول الديمقراطي. ويقوم الأطباء المصريون في هذه الدورة بمشاركة الأطباء الألمان في عمليات التشريح وغيرها من الفحوصات، ليشاركوا في أثر ذلك في حوارات متخصصة وحلقات نقاشية حول موضوعات مثل الاختلافات في الطب الشرعي والجنائي والتشخيص في مصر وألمانيا. وفي هذا الصدد قال بروفسير تسوكوس: "المثير للغاية هنا هو التلاقي ما بين الحضارتين والتبادل الحادث بينهما، ففيما يخص مصر علينا أن نضع في الاعتبار أنه لا يتاح كثير من الوقت لإجراء الفحص بعد الوفاة لأن الجثة يتحتم دفنها لأسباب دينية بأسرع وقت ممكن." وعلى النقيض من التصور الشائع من أن الطبيب الشرعي لا يُعنى سوى بالأموات، فإن جزءا مهما من عمله يتمثل في إجراء الفحص على ضحايا العنف والمشتبه فيهم الذين لا يزالون على قيد الحياة، وهو المجال الذي يجري مناقشته في أثناء زيارة الأطباء المصريين، على سبيل المثال في حلقات النقاش الخاصة بالعنف المنزلي، الاعتداء الجنسي على الأطفال والعنف الجنسي، كما يجري مناقشته أيضا عن طريق إجراء الفحص على حالات محددة.