بروفيسور هوليك، الباحث فى مجال الفيتامين «د» على مدار ثلاثين عاما تساءل؛ لماذا انقرض الديناصور؟ هل دخول العصر الجليدى وانحصار الشمس كانا من أهم العوامل المؤدية لانقراض هذا المخلوق الضخم؟ للإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نتعرف على أهمية الشمس فى حياتنا. عند ملامسة أشعة الشمس للجلد، تتحول مادة الكوليستيرول إلى فيتامين «د» تحت الجلد ثم يتم امتصاصها وتوزيعها على جميع أعضاء الجسم، للاستفادة منه. فى القرن التاسع عشر لم نكن نعلم شيئا عن هذا الفيتامين، حتى تفشى مرض الكساح، وهو الوهن الذى يصيب عظام الأطفال. تعثر الأطباء فى البداية فى التوصل إلى حل لهذا المرض الذى شوه بنية الأطفال، حتى لوحظ أن الأطفال الذين يلعبون خارج المنزل لا يصابون، ومن هنا توصل العلماء لاكتشاف أهمية الشمس التى تمدنا بالفيتامين «د»، وبدوره يساعد فيتامين «د» على ترسيب الكالسيوم فى العظام لتقويتها. كان الشغل الشاغل حينذاك هو القضاء على الكساح، وبعد تحقيق هذا الهدف، اقتصر فهمنا لدور فيتامين «د» على تقوية العظام، عن طريق ترسيب الكالسيوم فقط، وتخاذل الباحثون فى استكمال المسيرة لاكتشاف الفوائد المتعددة لهذا الفيتامين الذى وهبه الله لنا عن طريق أشعة الشمس. بدأت الأبحاث تتوالى مؤخرا لتكشف لنا عن أهمية فيتامين «د» وفوائده المتعددة للجسم، حيث يلعب فيتامين «د» دورا مهما فى تقوية جهاز المناعة، فقد ربطت بعض الأبحاث بين انتشار عدوى الأنفلوانزا فى فصل الشتاء ونقص مستوى الفيتامين «د» فى الدم، بسبب قلة التعرض لأشعة الشمس. كما ربطت أبحاث أخرى بين نقص فيتامين «د» فى الدم وأمراض السكر والروماتويد والسرطان والربو والصدفية والاكتئاب وزيادة الوزن المفرطة وبعض أمراض القلب. لذلك يمكن أن نستنتج أن الصحة لا تكتمل بدون أشعة الشمس. التحدى الأكبر الذى يواجهنا هو حملات الترهيب من سرطان الجلد والترويج للإفراط فى استخدام الكريمات التى تحجب أشعة الشمس والمغالاة فى الخوف من التعرض المباشر لأشعة الشمس. يجب أن نتمتع بالمنظور المتوازن لهذه القضية، فالإفراط فى التعرض لأشعة الشمس الذى يتسبب فى حروق الجلد قد يؤدى فى النهاية لسرطان الجلد. ولكن التعرض المعقول قطعا يفيد الجسم. يجب ألا ننسى أن الوجه هو الأكثر تعرضا والأقل إنتاجا للفيتامين «د»، لذلك يجب تغطيته بالكريمات المناسبة بشكل مستمر، تعتبر منطقة الظهر الأكثر إنتاجا لفيتامين «د»، يليها الأذرع والأرجل. هذا يمثل تحديا للنساء المحجبات، فلابد أن تحرص المحجبة على التعرض اليومى لأشعة الشمس المباشر وليس من خلف الزجاج، لمدة لا تقل عن نصف ساعة. جدير بالذكر أن الأكلات المدعمة بفيتامين «د» والمكملات الغذائية تحتوى فقط على نسبة ضئيلة جدا من احتياجاتنا اليومية، عكس ما كان متعارفا عليه، لذلك لا غنى عن أشعة الشمس. بعد مضى ثلاثين عاما فى البحث العلمى فى مجال الفيتامين «د»، أدرك البروفيسور هوليك أن لا حياة بدون الشمس، ومن الممكن الربط بين نقص فيتامين «د» وانقراض الديناصور. كلنا نبحث عن مكان تحت الشمس.