قبل المواجهة التاريخية بين مصر وغانا، والمقررة غدًا في ذهاب الدور النهائي من التصفيات الإفريقية المؤهلة لمونديال البرازيل، صيف العام المقبل، يسجل التاريخ علاقة من نوع خاص بين البلدين، تلك العلاقة التي زادت من أواصر الارتباط بين الشعبين. مصر وغانا.. "علاقة نسب" بين البلدين، تمثلت في زواج البنت المصرية فتحية، المولودة في حي الزيتون بالقاهرة عام 1932 من عائلة مسيحية، من الزعيم الغاني كوامي نكروما، أحد المناضلين الأفارقة الأوائل ضد الاستعمار، وأول رئيس لغانا المستقلة، وأبرز دعاة الوحدة الإفريقية ، وواحد من مؤسسي منظمة الوحدة، في اليوم الذي وصلت فيه إلى غانا، في ليلة رأس السنة من عام 1957. ولزيادة روابط العلاقة بين مصر وغانا، حرصت فتحية على أن تطلق اسم "جمال" على نجلها الأول، تيمنا بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر صديق الزعيم الغاني، فضلا عن أنها أنجبت منه أيضا (سامية وسيكو). ويعمل جمال نكروما، الآن في مؤسسة صحفية مصرية، حيث جاءت الأسرة إلى القاهرة بعد الأزمة التي تعرضت لها عام 1966 عقب الانقلاب العسكري الذي أطاح بزوجها، حيث اتصلت بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر فجرًا؛ لتستنجد به وطمأنها وأرسل لها طائرة خاصة، عادت بها إلى القاهرة، ومكثت الأسرة "المصرية الغانية" في قصرالطاهرة؛ لمدة ثلاثة أشهر حتى تم تجهيز بيت لها في المعادي. وفتحية، اعتادت مساعدة الفقراء ورعاية الأيتام، ما جعلها قريبة لقلوب الغانيين، ولم تنس أنها مصرية فعقب النكسة عام1967 بادرت بالتبرع بكل مجوهراتها لبنك القاهرة لصالح المجهود الحربي. وفي السابع والعشرين من أبريل لعام 1972، توفي الزعيم "نكروما" حيث دفن الزعيم الغاني في غينيا، ثم أعيد جثمانه إلى غانا، وشيع جثمانه رسميًا، وأعلنت البلاد الحداد الرسمي على زعيمها. وفي رحلة كفاحها بالقاهرة، عملت فتحية نكروما على لم شمل أولادها، حتى تمكن منها المرض، ودخلت على إثره المستشفى لتتوفى في31 مايو 2007، داخل مستشفى النيل بدراوي في القاهرة، نتيجة نزيف حاد، وأقيم لها قداس جماعي في الكاتدرائية المرقسية بالقاهرة، وترأس القداس البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية، في يوم الجمعة 1 يونيو2007، ودفنت إلى جوار قبر زوجها في غانا، نزولا على إصرار الرئيس الغاني جون كوفور. و"نكروما" لمن لا يعرفه، ولد عام 1909، والتحق في عام 1935بجامعة لنكولن في الولاياتالمتحدة، وفي عام 1945 بمدرسة الاقتصاد في لندن ببريطانيا، وعاد إلى شاطئ الذهب (اسم غانا سابقا) في أواخر عام 1947، وأصبح أمين عام مؤتمر شاطئ الذهب الموحد، وبدأ بالنضال لأجل الاستقلال، فاعتقل عام 1948، وترك المؤتمر، وأسس صحيفة أخبار المساء، وفي عام 1949 أسس نكروما حزب المؤتمر الشعبي لتحقيق الحكم الذاتي للبلاد، وتم اعتقاله في أوائل 1950، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات، وفاز حزبه بالانتخابات البلدية والعامة، وفاز وهو في السجن بدائرة أكرا وبأكثرية كاسحة، فأُطلق سراحه وتولى رئاسة الوزراء في مارس 1952. ويوم 6 مارس1957، أعلن استقلال شاطئ الذهب تحت اسم غانا، واختار نكروما النمط الاشتراكي، وفي عام 1960، أقر دستور جمهورية غانا، وانتخب نكروما أول رئيس لها، وأعيد انتخابه عام 1965، وتعرض لمحاولات اغتيال عديدة، وانقلبت عليه مجموعة من الضباط أثناء سفره إلى فيتنام، فذهب إلى غينيا حتى توفى بها، ولنكروما مؤلفات عديدة منها "اتكلم عن الحرية"، "يجب أن تتحد إفريقيا"، "الاستعمار الجديد".
