هربوا من جحيم «الأسد»، تاركين عائلاتهم ودراستهم، بعضهم تعرض للاعتقال بتهمة التحريض على الفوضى والبعض الآخر أصيب، فلم يجد أمامه سوى الهرب إلى الأردن لتلقى العلاج دون أن يعلموا أنهم سيكونون سبباً فى إنشاء نواة تجارية تحوّلت بعد ذلك إلى سوق تجارية يشقها الطريق الأسفلتى الواقع بين مخيمات 120 ألف سورى، أغلبهم نازح من محافظات الجنوب السورى الحدودية مع الأردن. «محمد عماد المصرى» الشاب القادم من محافظة درعا تاركاً أهله للعمل مع عمه من أجل كسب قوت يومه، قام بشراء ماكينة لصناعة «الآيس كريم» واضعاً إياه وسط السوق التى تضم عدة محال لبيع كل مستلزمات الحياة بداية من المخابز ومحال الخضراوات والفواكه واللحوم والغاز والملابس والمصوغات الذهبية والأجهزة الكهربائية والمنظفات والإكسسوارات وصولاً إلى محال تجهيز العرائس، فى إشارة إلى أن السوريين قادرون على العيش حتى فى أحلك وأصعب الظروف، بحسب قول «المصرى». يقول «محمد»: «نزحت أنا وأهلى إلى الزعترى قبل 9 أشهر، بعدما تم قصف منزلنا وأُصبت بشظية فى يدى، ما دفع أهلى للهرب بى إلى الأردن ومنها إلى مخيم الزعترى، لإجراء جراحة لى، بعدها قرر أهلى العودة إلى سوريا بعد عدم قدرتهم على التكيف مع أوضاع المخيم».. يضيف: «جلست شهرين لا أقدر على فعل أى شى، وقررت التفكير فى إيجاد عمل حتى أنفق على نفسى وعلى أسرتى التى تنزح من قرية إلى أخرى هرباً من القصف، إلى أن ساعدنى عمى واقترح علىّ شراء ماكينة لتصنيع البوظة وبالفعل اشتريتها من وسط عمان ومن وقتها وأنا أعمل بها فى المخيم». يستطرد: «وصلت فى الدراسة إلى الصف التاسع وبعدها توقفت نظراً للأحوال التى تمر بها سوريا، وكل ما أفعله الآن هو محاولة العمل لمساعدة أهلى على العيش الذين لا أعرف مكانهم داخل سوريا نظراً لتنقلهم ونزوحهم المستمر نتيجة القصف، وطريقة اتصالى الوحيدة بهم تكون من خلال خط تليفون أردنى يعمل على التقاط الشبكة فى بعض قرى درعا القريبة من الحدود الأردنية». كلمات ثابتة يحفظها الشاب ويرددها طول فترة عمله الصباحية على ماكينة «البوظة»: «يا رب أرجع على سوريا إن شاء الله ما بيطول، إن شاء الله يسقط الطاغية ونرجع كلنا مش بس أنا كل أهالينا فى الزعترى». لم يكن «المصرى» وحده هو الذى ترك دراسته وتوجه إلى الأردن فى محاولة لكسب قوت يومه هو وعائلته، ف«مصعب» الذى يقع مخبزه فى بداية السوق كفيل بأن يحكى لك كيف أنه ترك دراسة الصحافة وفرّ هارباً إلى الأردن بعد اعتقاله لمدة 5 أشهر بسبب اتهامه بالتحريض على الفوضى.. يقول الشاب: «كنت فى الجامعة طالع من الامتحان مع مجموعة شباب وقفنا فى الساحة حتى هجم علينا الأمن واعتقلنا بتهم جاهزة وهى التحريض على الفوضى». يضيف مصعب: «بعد خروجى من المعتقل هربت أنا وأسرتى إلى الأردن خاصة أن من يتم اعتقاله مرة سيتم اعتقاله مرات أخرى، فاضطررنا للاستقرار فى الزعترى حتى يسقط النظام». ويستكمل: «أنا جيت هون فى الأول من يناير الماضى، ومن وقتها استقرينا وفكرت أنا ومجموعة من الشباب فى عمل مشروع خاص بنا داخل المخيم، خاصة إن ما فى وظائف ولا أى شىء، لك حد تتوظف، مالك ما فى وظائف، ففكرت أنا ومجموعة من الشباب فى تصنيع الخبز لأن الناس بدون خبز لا تعرف تعيش، بدأنا بمجموعة صغيرة لحد ما تطورنا وبقى عندنا ها المخبز، والحمد لله بنعيش منه». العودة إلى سوريا فى الوقت الحالى بالنسبة لطالب الصحافة أمر يصعب تحقيقه، خاصة بعد تهدم جميع منازل عائلته بدرعا، واستشهاد ابن عمه وإصابة إخوته، يقول: «استشهد ابن عمى واتصاب اخوتى الاتنين وبقية إخوتى فى الجيش الحر، ومسيرها إن شاء الله تفرج، كل شىء بيغلى إلا دم الشعب السورى». لاجئو سوريا.. «مشردون» فى الدول العربية 2مليون إجمالى عدد اللاجئين السوريين منذ بداية الثورة وحتى الآن بينهم 1.8 مليون لاجئ مسجل فى «المفوضية»، والباقى ينتظر التسجيل 437 ألفاً عدد السوريين اللاجئين فى تركيا، وتدعم الحكومة التركية اللاجئين بدعم قدره 2 مليار دولار، وينتشر اللاجئون فى 21 مخيماً. 720 ألفاً عدد اللاجئين السوريين فى لبنان، وهو ما يعادل 18 بالمائة من عدد سكان لبنان، وينتشر السوريون فى 1400 بلدية. 520 ألفاً عدد اللاجئين فى الأردن، وهو ما أدى إلى زيادة أعداد السكان 11 بالمائة، وقد تجاوزت تكلفة استضافة اللاجئين خلال العام 2013 ال 2 مليار دولار. 172 ألفاً عدد اللاجئين فى العراق. 111 ألفاً عدد اللاجئين فى مصر.