شهدت جلسات الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، منذ اليوم الأول لبدء أعمالها برئاسة المستشار حسام الغريانى، عدداً من فصول السجال والمخاصمة بين اللواء ممدوح شاهين، عضو المجلس العسكرى وممثل القوات المسلحة فى الجمعية، والمستشار الغريانى، بدأت بغياب «شاهين» عن افتتاحية أعمال الجمعية التأسيسية، وآخرها كان الخلاف على وضع القضاء العسكرى فى دستور مصر ما بعد الثورة، وانسحاب شاهين من جلسة المناقشة، أمس الأول. وكان «شاهين» اقترح أن يدرج القضاء العسكرى ضمن أعمال القضاء العادى كضمانة لاستقلاله بعيداً عن باب القوات المسلحة، ولاقى استهجاناً ورفضاً من أعضاء الجمعية، الذين تمسكوا بأن يدرج بباب القوات المسلحة، بعيداً عن القضاء العادى نظراً لخضوعه للتصديق والسيادة من المؤسسة العسكرية نفسها. وانتهت جلسة أمس الأول، بانسحابه من مناقشات الجلسة، دون التوصل لقرار نهائى فى هذا الصدد، ولكنها رسخت واقعة جديدة فى مسلسل الصدام بين التأسيسية وممثل العسكرى بعد أن عنفه رئيس الجمعية خلال إحدى الجلسات بعد أن تطرق البعض للحديث عن الإعلان الدستورى المكمل، الأمر الذى رفضه شاهين، قائلاً: «إذا كنا نريد أن نفسد الجمعية، فلا يوجد مانع»، فقاطعه الغريانى: «أنا رديت على العضو الذى تحدث عن الإعلان الدستورى المكمل بما فيه الكفاية، فادخل فى اللائحة إذا كان عندك ما تضيفه»، قبل أن يخاطب شاهين مباشرة: «اجلس واسكت». واستمر مسلسل الصدام بين الغريانى وشاهين، عندما اعترض الأخير فى الجلسة التالية على أسلوب إدارة الجلسات، قائلاً: «نحن لسنا فى محكمة، ولا بد من التداول والنقاش ولما أتكلم ما ينفعش تقول لى اقعد وإحنا عايزين ناخد وندى مع بعض»، ليهدد الغريانى بالتخلى عن رئاسة التأسيسية قائلاً: «أنا تشرفت بعضوية اللجنة ورئاستها وأنا أطرح للتصويت انتخاب رئيس آخر، وقلت منذ بداية اختيارى رئيساً: أرجو ألا تندموا على اختياركم، وأنا لم أرفع يدى وأتقدم للترشح رئيساً، ياتشربونى لحد الآخر يا أنزل، وحد يطلع مكانى». وصف اللواء سامح سيف اليزل، مدير مركز الجمهورية للدراسات الاستراتيجية، الأمر ب«الحرب الباردة» بين التأسيسية وممثل العسكرى، موضحاً أن المشادات الكلامية المستمرة منذ انطلاق أعمال الجمعية هى نتاج لحالة التوتر التى تعيشها النخبة السياسية بشكل عام، وتجاه القوات المسلحة بشكل خاص، موضحاً أن تكرار مثل تلك الوقائع يزيد من حالة التصعيد ضد القوات المسلحة وأفرادها، حسب وصفه. وأوضح اليزل أن استمرار الخلافات داخل الجمعية أمر لا يشير لإمكانية خروج دستور يعبر عن مطالب الشعب، وقال: «يجب أن تكون العلاقة بين القوى السياسية والقوات المسلحة، طبيعية يشوبها الهدوء وعدم الاعتماد على تراكمات قديمة فى التعامل، خصوصاً فى التأسيسية». ورأى الدكتور محمد الجوادى، المؤرخ السياسى والخبير بشئون الأمن القومى، أن الأمر ما هو إلا محاولة «لاستعراض العضلات» من اللواء شاهين لفرض وجهة نظره بالقوة، وأضاف: «لا أفهم أسباب اعتماد شاهين ممثلاً للعسكرى فى التأسيسية، على الرغم من كم الأخطاء التشريعية القاتلة طوال الفترة الانتقالية، التى تسببت فى عودة المشهد السياسى بمصر لنقطة الصفر؛ خصوصاً أنه المسئول عن حل مجلس الشعب بعد التشريع الخاطئ لقانون الانتخابات». وقال يسرى العزباوى، الباحث السياسى بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن اللواء شاهين يحاول بتكرار محاولات الانسحاب والمشادات الكلامية، وبالتعاون مع شخصيات معروفة بمعارضتها لأعمال الجمعية، بتشكيل ضغط على أعمال اللجنة لمحاولة الحفاظ على الوضع المميز للمؤسسة العسكرية منذ انطلاق الثورة وحتى الآن. وأضاف العزباوى أن اللواء شاهين فى حديثه المستمر سواء داخل التأسيسية، أو خارجها حينما يتطرق إليها، يتحدث عنها وكأنه «سلطة أعلى منها»، مشيراً إلى أن الضغط المستمر لممثل العسكرى يهدف لوضع مميز للمؤسسة العسكرية فى الدستور الجديد.