قضت المحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار عبدالوهاب عبدالرازق، برفض الدعوى التي أقيمت طعنًا على دستورية المواد "1، 7، 9، 16، 21" من قانون الشركات العاملة فى مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988. وأقامت المحكمة قضاءها تأسيسًا على أن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا، أن شرعية الجزاء جنائيًا كان أو مدنيًا أم تأديبيًا، مناطها أن يكون متناسبًا مع الأفعال التي أثمها المشرع، أو حظرها، أو قيد مباشرتها، وأن الأصل في العقوبة هو معقوليتها، فلا يكون التدخل بها إلا بقدر لزومها، نأيًا بها أن تكون إيلامًا غير مبرر يؤكد قسوتها فى غير ضرورة، ولا يجوز بالتالي أن تناقض –بمداها أو عن طرائق تنفيذها- القيم التي ارتضتها الأمم المتحضرة مؤكدة لها ارتقاء حسها، تعبيرًا عن نضجها على طريق تقدمها، واستواء فهمها لمعايير الحق والعدل التي لا تصادم ما يراه أواسط الناس تقييمًا خلقيًا واعيًا لمختلف الظروف ذات الصلة بالجريمة. وتابعت المحكمة: "حيث إنه متى كان ما تقدم، وكان نص المادة (21/1) المطعون فيه قد رصد لارتكاب الجريمة المحددة به، عقوبتين أولاهما سالبة للحرية هي السجن الذى لا تقل مدته عن 3 سنوات ولا تجاوز 15 سنة، وثانيتهما مالية هي الغرامة التي لا يقل مقدارها عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد على مثلي ما تلقاه المحكوم عليه من أموال، أو ما هو مستحق منها، فضلًا عن تعويض أصحاب الأموال بإلزام المحكوم عليه بردها إليهم، فإنه يكون التزم مبدأ التفريد التشريعي للعقوبة، وكان تقرير المشرع العقوبة المذكورة ضروريًا ومنسجمًا مع القيم الدستورية التى نصت عليها المواد (27، 28، 39) من الدستور، التي تستهدف من النظام الاقتصادي تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، وضمان تكافؤ الفرص، والتوزيع العادل لعائد التنمية، وحماية الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية، واعتبارها مقومات أساسية للاقتصاد القومي، كما ترى في الادخار واجب وطني تحميه الدولة وتشجعه وتضمنه وفقًا لما ينظمه القانون". وأضافت المحكمة، أنه لما كانت العقوبة السالف بيانها، تقررت لمواجهة جريمة تدخل فى عداد الجرائم المنظمة والمستمرة، والتي تضر بالاقتصاد القومي للبلاد، ولم تردع مرتكبيها النصوص العقابية التي كانت تؤثمها قبل العمل بالنص المطعون فيه، ومن ثم يكون الجزاء المقرر لها في النص المذكور مبررًا من الوجهتين الاجتماعية والاقتصادية، ولا يكون مجاوزًا حدود الدائرة التي ترسم الضرورة تخومها، وتنتفي عن النص ذاته شبهة القسوة، أو عدم التناسب.