سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«الوطن» ترصد التفاصيل: مواجهة بين الإخوان والليبراليين فى واشنطن على مستقبل مصر «سرى» يتساءل عن تمويل «النور» و«الحرية والعدالة».. ونادر بكار يعترض.. و«فريدمان» يدعو لاستلهام «مانديلا»
شكّل البحث عن مستقبل مصر الحدث الأهم داخل العاصمة الأمريكيةواشنطن صباح أمس الأول، وذلك من خلال مؤتمر حاشد نظمه معهد الشرق الأوسط، بحضور 300 شخصية أغلبهم من أعضاء السلك الدبلوماسى العربى والأجنبى، وفيما رأى البعض أن مظاهرات الإخوان الراهنة محاولة للضغط من أجل وضع قواعد للعبة وأن حل الأزمة يكمن فى الاقتصاد والأمن والالتزام بخارطة الطريق، قال البعض الآخر إن الأزمة ليست فى الإخوان وإنما فى عدم وجود أفق سياسى والتضييق على المجتمع المدنى ورفض الانتقادات الموجهة للقوات المسلحة. ورصدت «الوطن» تفاصيل ساعات من النقاش المستمر بحضور سفير مصر فى واشنطن محمد توفيق والملحق العسكرى اللواء محمد عبدالعزيز. بدأ المؤتمر بتأكيد السفير ويندى شمبرلين، رئيس معهد الشرق الأوسط، أن أهمية مصر البالغة تستدعى فهم ما يحدث بها ومعرفة مستقبلها؛ لذلك فإن محاور المؤتمر وجلسات النقاش ستحاول تكوين صورة شاملة للواقع فى مصر من خلال جلسة نقاش أولى حول الأفق السياسى، وجلسة ثانية تبحث فى إمكانية تحقيق مصالحة وطنية، وثالثة تناقش احتياجات الناس الحقيقية، ورابعة تبحث فى تفاعل المجتمع الدولى مع الواقع فى مصر. وفى الجلسة الأولى، التى خُصصت لمعرفة الواقع السياسى وأدارها المحلل السياسى الشهير ديفيد روسكوبف، بمجلة «فورين بوليسى»، تحدث الدبلوماسى المصرى كريم حجاج وطارق مسعود، الباحث بجامعة هارفارد، وجرام بانيرمان، المحلل السياسى بمعهد الشرق الأوسط، وخليل عنانى، الباحث السياسى بمعهد الشرق الأوسط. فى البداية، استهل ديفيد روسكوبف النقاش بوصفه أنه فرصة عظيمة ليس فقط للانتباه لما حدث فى مصر منذ أسابيع، لكن لمعرفة أين نقف وكيف يمكن أن نحقق إنجازا فى المشهد السياسى. إنكار الأخطاء وقال خليل عنانى: إن للإخوان ثقافة أُسست على المعارضة والاحتجاج، وعندما وصلوا للحكم خرجوا منه بشكل درامى، وإن المعضلة الآن هى: كيف ستستوعب الحكومة فى مصر ملايين الإخوان دون وجود رؤية واضحة للمستقبل؟ موضحا أنهم يواصلون الضغط عليها كل أسبوع من خلال التظاهر بهدف الحفاظ على التنظيم نفسه أملا فى وضع قواعد جديدة للعبة. وأضاف أن الإخوان ارتكبوا أخطاء وعليهم أن يعترفوا بذلك، مشيرا إلى أن دأبهم على تبرير ذلك يصعّب من عملية احتوائهم مجتمعيا حتى هذه اللحظة. وزعم أن الواقع السياسى الجديد فى مصر لم يعطِ أى إشارة إيجابية نحو الديمقراطية واحترام الحريات، موضحا أن غالبية وسائل الإعلام تتعامل بجنون ضد كل من يهاجم القوات المسلحة، والسؤال: إذا كانت الأزمة فى الإخوان، فلماذا يتم التضييق أيضاً على النشطاء والمجتمع المدنى فى مصر؟ ورأى وجود خطورة من استمرار الوضع الراهن مجتمعيا؛ لأن أبناء الأسرة الواحدة أصبحوا منقسمين ما بين مؤيد للجيش ومعارض له، موضحا أنه يفرق بين العنف ضد الإرهابيين فى سيناء والعنف الذى يمارَس ضد بعض المصريين، على حد قوله. وادعى أن عدم منح الإسلاميين أى أمل فى المستقبل يدفعهم لكى يكون خيارهم الوحيد هو القوة. ثقة فى القوات المسلحة وبوجهة نظر مغايرة للرأى السابق، جزم كريم حجاج بأن مصر ستنجح فيما بدأته؛ لأن المصريين بغالبيتهم يدعمون الدور الذى تقوم به القوات المسلحة وخريطة الطريق المعلنة، موضحا أن المعضلة ليست فى احتواء الحكومة للإخوان ولكن فى رفض غالبية الشعب المصرى لمنهجهم، ومن يطلع على خريطة الطريق بما تشمله من استحقاقات يتبين له أنها تؤسس لبداية ديمقراطية حقيقية فى مصر. وأوضح أنه على الحضور أن يتعرف على الغموض الذى كانت تمثله جماعة الإخوان وحزبها السياسى، موضحا أنه لا أحد يعرف من أين يأتى تمويلهم، على عكس أى حزب سياسى فى العالم. وقال: إن المؤسسة العسكرية فى مصر لم تطمع فى السلطة وسلمتها لرئيس مدنى منتخب بعد «مبارك» وسيتسلمها رئيس آخر منتخب فى الفترة المقبلة، مؤكدا أن المصريين لديهم ثقة فى قواتهم المسلحة وأن المشكلة ليست بين الحكومة والإخوان وإنما مع المجتمع المصرى، لا سيما بعد محاولة ترويعه بحرق الكنائس والأقسام. من جهته، اعتبر طارق مسعود أن مصر الآن تبدأ الطريق لحياة ليبرالية ديمقراطية، معربا عن أمله فى تحقيق تطلعات المصريين فى حياة ديمقراطية سليمة خلال المرحلة المقبلة. أما جرام بانيرمان فأكد أن التحدى الأكبر فى مصر ليس الإصلاح السياسى، لكن الأمن والاقتصاد، ودونهما لن يتحقق شىء. وأضاف أن الجيش المصرى نجح فى ترسيخ معنى «استعادة مصر» وغالبية المصريين يريدون أن تسير فى خريطة الطريق. وخلال هذه الجلسة، قام ناشط تابع لحركة الإخوان داخل الولاياتالمتحدة برفع «تى شيرت» أصفر اللون يحمل شعار «رابعة العدوية» إعلانا منه عن تضامنه مع الجماعة المحظورة. المصالحة الوطنية أما الجلسة الثانية التى خُصصت للبحث فى إمكانية تحقيق مصالحة وطنية فى مصر، وعلى الرغم من كفاءة الصحفى الشهير توماس فريدمان فى إدارتها، فإن أجواءها لم تخلُ من الحدة والمواجهة، وتحدث خلالها نادر بكار، القيادى بحزب النور، ودينا جرجس، مستشارة مركز التحرير لدراسات الشرق الأوسط، بالإضافة إلى وائل هدارة، مستشار الرئيس السابق محمد مرسى، والدكتور هانى سرى الدين، القيادى بحزب الدستور. من جانبه حاول هدارة شرح العراقيل التى كانت تواجه «مرسى»، مشيراً إلى أنه لم يحصل على فرصته كاملة وأنه لم يكن ديكتاتورا؛ لأن الدستور الذى أُقر فى عهده أعطى صلاحيات واسعة لرئيس الوزراء. وأضاف أن السلطة فى مصر الآن لا تستهدف الإخوان فقط كما يصور البعض، لكن تضيق على الجميع، متسائلا: أين الدكتور محمد البرادعى؟ وأين الدكتور أيمن نور؟ وخلص إلى القول: السؤال هو: ليس هل سيتم السماح للإخوان بالمشاركة فى المستقبل؟ لكن السؤال هو: هل سيتم السماح للمصريين بالمشاركة أم لا؟ من جانبه، قال نادر بكار: إن حزب النور عندما استشعر انسداد الأفق السياسى قبل يونيو تقدم بمبادرات جمعت كافة التيارات والقوى لتفادى الأخطاء التى ارتُكبت ومحاولة تعديل المسار، موضحاً أنه من الخطأ التعامل مع «30 يونيو» دون البحث فى الأسباب التى أدت إليها، وهو الخطأ الذى وقع فيه الكثيرون داخل الولاياتالمتحدة. وأكد أهمية مشاركة الإخوان فى المستقبل لأنهم سيظلون جزءا من النسيج المجتمعى، لكن عليهم مراجعة أنفسهم. وقال إن حزب النور شارك فى خريطة الطريق لأنها بداية جديدة لتصحيح المسار. أما الدكتور هانى سرى الدين فأكد أن ابتعاد «البرادعى» وأيمن نور قرار شخصى منهما وليس بسبب مطاردة السلطة على الشكل الذى حاول وائل هدارة تصويره، موضحا أنه اتصل ب«البرادعى» عندما سافر إلى النمسا بعد استقالته، وأكد له أن سفره بسبب رغبته فى قضاء إجازة مع أولاده. وأكد ثقته فى مستقبل مصر فى ظل التزام الجميع بالديمقراطية، مؤكدا عدم وجود رفض سياسى لجميع القوى الإسلامية وأن الإخوان مجرد جزء منها. وأضاف أن الأزمة كانت فى عدم فهم الإخوان أن الديمقراطية ممارسة وليست فقط صندوق انتخابات، موضحا أن كل همهم كان السيطرة على مصر واستبعاد كل من يختلف معهم، وأكد أنه لا أحد يعرف من أين حصلت أحزاب الحرية والعدالة والأصالة والنور على الأموال الطائلة ومن قام بتمويلها، وهنا تدخل نادر بكار متسائلا عن الأدلة التى يمتلكها هانى سرى الدين فرد بأن هناك أدلة كثيرة. أما دينا جرجس فدخلت فى سجال حاد مع نادر بكار، موضحة أن «مرسى» لم يساعد نفسه حتى اللحظة الأخيرة فى خطاب «الشرعية» التى ظل يكررها ويؤكد أنه سيدافع عنها بدمه، وأن الجيش فى مصر أدرك دقة وخطورة اللحظة التى تمر بها مصر. وقالت إن «مرسى» فتح باب الجهاد للمصريين لكى يذهبوا للقتال فى سوريا، والأخطر من ذلك أنه كان يحرض على الشيعة، ما تسبب فى قتل بعضهم. وقالت دينا جرجس، وهى ترد على وائل هدارة: أريد أن أعرف من أنت.. هذه كلمة يجب أن نوجهها للإخوان بعدما شاهدنا بأعيننا ما كان يقال على منصة «رابعة العدوية» وتهديدات صفوت حجازى وعاصم عبدالماجد وحديث «البلتاجى» بأن الإرهاب سيتوقف فى سيناء إذا عاد «مرسى». ونظرت دينا جرجس إلى نادر بكار وقالت: أريد أيضاً أن أعرف من أنت، وما موقف السلفيين من المواطنة إذا كنا نتحدث عن مستقبل مصر، فحزب النور حرّض على الشيعة وطالب الناس بمواجهتهم. وأخرجت صورة تحمل عبارات مناهضة للشيعة عليها شعار حزب النور. فرد عليها نادر بكار بأن الصورة غير صحيحة ومع ذلك فإن على الجميع أن يقرأ عن الشيعة ويعرف ما يحملونه للسنة وما يقولونه. وهنا تدخل هانى سرى الدين وقال: هذا نموذج مصغر لواقعنا فى مصر، نركز فقط على اختلافاتنا دون النظر إلى ما يمكن أن نجتمع عليه. واختتم توماس فريدمان النقاش ليطلب من الجميع فى مصر التعرف على سيرة حياة نيلسون مانديلا.