لن أتهم الإخوان بالإرهاب ولا بالتخطيط له ولا بتمويله، وسأقر أن الجماعة تنهج السلمية فى تظاهراتها ومسيراتها ضد ثورة يونيو، وسأصدق أن لا علاقة لها بالإرهاب فى سيناء، وأنها منبتة الصلة بالجماعات الإرهابية وأفعالهم الشيطانية، وسأقنع نفسى بأن هذه الجماعات الشيطانية لا تقاتل ولا ينتحر أفرادها ولا يقتلون الناس لحساب إسرائيل أو غيرها من القوى الخارجية الإقليمية أو الدولية. سأفعل كل ذلك لكى أفكر بطريقة مختلفة وأبحث عن إجابات محددة لما يدور فى الوطن، فى مواجهة محاولات تسعى إلى تعقيد الصورة وخيوطها لإرباك الناس وإثارة الشكوك فى حقيقة المواقف وعلاقاتها غير المعلنة. ينظم الإخوان مسيرات لا تردد سوى شعارين أساسيين الأول هو «رابعة»، مع كل مستلزمات الشعار، والثانى «إسلامية»، فى إشارة إلى أن معركتهم دفاعا عن الإسلام، حتى إن عودة مرسى انزوت وتاهت فى خضم التطورات المتلاحقة. واللافت أنك تشعر وكأن كل فريق يشد أزر الفريق الآخر، وأن معركتهم واحدة، وعدوهم -المصطنع- واحد، فالفريقان -إن جاز التوصيف- يقاتلان من أجل نفس الهدف ولإعادة عقارب الساعة إلى ما قبل ثورة 30 يونيو. والشاهد أن جماعة الإخوان فى مسيراتها المتعددة والمتنوعة لم ترفع شعارا واحدا، ولم يردد أنصارها هتافا واحدا ضد الإرهاب أو الإرهابيين، تدين به ما يحدث، أو حتى لتبرئ نفسها أمام الناس، أو لتثبت أن لا صلة لها بهذه الجماعات أو أفعالها، أو لتؤكد أن معركتها مختلفة، وأهدافها متباينة أو متناقضة مع الإرهابيين. وفى المقابل تبدو جماعات الإرهاب وكأنها تقاتل معركتها من أجل الإسلام، لكن اللافت هو ذلك الفارق الكبير بين ما كانت تقوم به فى السبعينات وحتى تسعينات القرن الماضى وبين ما تقوم به الآن، بعد أن استهدفت إسقاط «النظام الكافر»، بينما هى هذه المرة تسعى إلى «ضعضعة» و«إضعاف» الجيش المصرى. فالواقع يؤكد استحالة قدرة أى جماعة إرهابية على هزيمة جيش نظامى، بحجم وكفاءة وتسليح وتمرين الجيش المصرى، الذى يتبوأ المكانة العاشرة على المستوى العالمى، ثم إن التجارب السابقة تؤكد فشل أى جماعة إرهابية فى هزيمة الدولة المصرية، التى تتمتع دوما بالدعم الشعبى فى مواجهة الإرهاب. جماعة الإرهاب تسعى فعليا لإضعاف الجيش المصرى وهى تتوهم أنها ستفعل ذلك، وجماعة الإخوان تتخيل أنها ستثير الاضطرابات السياسية الداخلية، لتساعد بها فى زيادة ضغط الإرهاب المسلح، والهدف لدى الاثنين المزيد من الضغوط الدولية وتدويل القضية المصرية. الإخوان والإرهاب إيد واحدة، حتى وإن اختلفت الأساليب، وما يفعلونه لن يحقق أهدافهم إنما يصب فى مصلحة أمريكا وإسرائيل.