برأت محكمة جنايات السويس، المنعقدة فى التجمع الخامس، برئاسة المستشار أحمد رضا محمد، جميع المتهمين فى قضية قتل متظاهرى السويس خلال أحداث ثورة 25 يناير، التى اتهمت فيها النيابة 10 ضباط على رأسهم محمد عبدالهادى مدير أمن السويس السابق، ورجل الأعمال إبراهيم فرج وأولاده الثلاثة لاتهامهم بقتل 17 متظاهراً وإصابة 300 آخرين فى أحداث الثورة. لم تستغرق جلسة النطق بالحكم سوى دقيقة واحدة خرجت فيها المحكمة إلى المنصة وتلت فيها القرار، وقالت إنها برأت من الأول وحتى الرابع عشر من المتهمين فيما عدا المتهم الثانى عشر فالحكم بالنسبة له غيابى. وتحولت قاعة المحكمة عقب لحظة النطق بالحكم إلى مأتم، حيث دوت صرخات وعويل عدد من السيدات من أسر المجنى عليهم فى جنبات القاعة، وتزايدت حالة الصراخ بشكل هيستيرى حتى بدأت الإغماءات تقع فى صفوفهن، حيث فقد أكثر من 4 منهن الوعى من شدة الحزن والصدمة، ورددت إحداهن عدة عبارات من بينها «حسبنا الله ونعم الوكيل» و«مافيش حد هيجيب لنا حق ولادنا غير ولادنا»، و«هناخد حق ولادنا اللى ماتوا هدر بإيدينا»، وقال أحد الأهالى إنه يتساءل عن كيفية تبرئة جميع الضباط الذين قتلوا المتظاهرين والحكم بالسجن على جميع الشيوخ وأولهم عبدالله بدر. والدة الشهيد مصطفى رجب، سقطت على الأرض ولم تتمالك نفسها من البكاء وظلت تصرخ لأكثر من 10 دقائق متواصلة، وقالت: «ابنى كان أول شهيد فى ثورة يناير وثورة 25 ضاعت طالما حق ابنى ضاع.. 3 سنين يا ظلمة وفى الآخر تدوا للسفاحين دول براءة.. ربنا ينتقم من كل ظالم»، أما «محمود سيد» شقيق أحد الشهداء، فقال: «محمد مرسى وعدنا إن حق ولادنا فى رقبته ومانفذش وعده.. والفريق عبدالفتاح السيسى والرئيس عدلى منصور مسكوا البلد وبرضو حق أخويا راح هدر.. يا بلد مافيهاش عدل». وأعرب المحامى خالد عمر، المدعى بالحق المدنى عن أسر الشهداء، عن أسفه لصدور هذا الحكم، مؤكداً أن العدالة فى غيبوبة داخل مصر منذ أحداث ثورة يناير، وقال إن النيابة العامة هى المقصر الرئيسى فى القضية والسبب فى تبرئة هؤلاء المتهمين من دماء المجنى عليهم، لأنها تقاعست عن تقديم الأدلة الجديدة التى كشفت عنها نيابة الثورة فى أحداث السويس. وكثفت أجهزة الأمن من تأمينها للقاعة بشكل غير مسبوق، حيث تم إخلاء القاعة تماماً من الأهالى وممثلى وسائل الإعلام، وقامت قوات الأمن بإجراءات تفتيشية مشددة، واستخدمت عدداً كبيراً من مجندى الأمن المركزى حيث قاموا بالاصطفاف أمام الباب الخارجى للقاعة وداخلها وعلى بدايات المقاعد من كل النواحى وأمام قفص الاتهام والمنصة، كما قامت قوات الأمن بتعيين بعض الأفراد على باب المحكمة من الخارج لتأمينها والكشف عن أى حقائب أو أكياس مع أى شخص يدخل إلى المبنى، بالإضافة إلى تخصيص مقعدين خلفيين فقط لوسائل الإعلام وإخلاء المقاعد المقابلة للمنصة تماماً، وقال عدد من أسر المجنى عليهم من شهداء الثورة إن قوات الأمن أجبرتهم على الخروج من القاعة لعدم حضور وقت النطق بالحكم، بناء على تعليمات من رئيس المحكمة. وفى مارس 2011، أحيل مدير أمن السويس و9 ضباط ورجل الأعمال إبراهيم فرج وأولاده الثلاثة إلى محكمة الجنايات بتهمة قتل 17 متظاهراً من أبناء السويس وإصابة أكثر من 300 آخرين، ووجهت لهم عدة اتهامات من بينها إطلاق الأعيرة النارية والخرطوش على المتظاهرين السلميين ب«جمعة الغضب» لمنعهم من الخروج فى مسيرات للتنديد بتردى الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية خلال عهد نظام «مبارك»، وبدأت المحاكمة فى أبريل من العام نفسه، وتوقف نظرها لفترة طويلة بسبب طلب المحامين المدعين بالحق المدنى عن الشهداء رد هيئة المحكمة، وهو الطلب الذى تم رفضه لعدم توافر أسبابه القانونية الكافية للرد لتستأنف المحكمة من جديد وتصدر حكمها المتقدم. والمتهمون الحاصلون على البراءة فى القضية هم كل من: اللواء محمد محمد عبدالهادى مدير أمن السويس السابق، والعقيد هشام حسين حسن أحمد، والعميد علاء الدين عبدالله قائد الأمن المركزى بالسويس، والمقدم إسماعيل هاشم، والنقيب محمد عازر، والنقيب محمد صابر عبدالباقى، والنقيب محمد عادل عبداللطيف، والملازم أول مروان توفيق، وعريف شرطة أحمد عبدالله أحمد، ورقيب قنديل أحمد حسن، بالإضافة إلى إبراهيم فرج صاحب معرض سيارات وأبنائه «عبود وعادل وعربى». وتحولت القاعة إلى فوضى عارمة ضجت بالصراخ والعويل، من جانب عدد من السيدات أقارب المجنى عليهم، اعتراضاً على الحكم ببراءة جميع المتهمين، وشهدت القاعة حالات إغماءات بالجملة بين أمهات المجنى عليهم اللاتى رددن عبارة: «حسبنا الله ونعم الوكيل.. إحنا هناخد حق ولادنا بإيدينا».