منذ عام تقريباً أجريت حواراً صحفياً نشر بجريدة «الوطن» مع د.حازم الببلاوى رئيس الوزراء الحالى بصحبة زميلى سيد جبيل، وعندما سألناه عن سبب نجاح الإخوان فيما فشلت فيه أحزاب أخرى حتى وصلوا للأغلبية البرلمانية والقصر الجمهورى، أجاب د. الببلاوى: هناك عبارة للفيلسوف البريطانى «أشعيا برلين» يقول فيها: هناك فارق بين الثعلب و«القنفد»، فلدى الثعلب أفكار كثيرة ومتنوعة، أما «القنفد» فليس لديه سوى فكرة كبيرة واحدة يمشى من أجلها. ومن يكسب دائماً من له فكرة واحدة ولذلك ليس غريباً أن يخسر شخص نابه معركته أمام شخص أقل ذكاءً لكنه أكثر تركيزاً على هدفه، والإخوان إلى حد ما مثل الشيوعيين أثناء الثورة البلشفية عام 1917، كان الشيوعيون وقتها أقلية شاركت فى الثورة مثل غيرها لكنها لم تكن من حرّك الثورة أو قادها، لكنهم ادعوا ذلك، ولأنهم أصحاب هدف واحد ومصممون على تحقيقه مهما كان الثمن فقد كان لهم ما أرادوا. هذا كلام د. الببلاوى الذى وصف الإخوان ب«القنفد» الأقل ذكاءً لكنه محدد الهدف، والقوى الأخرى ب«الثعلب» الأكثر ذكاءً ولكن أهدافه كثيرة.. وإذا تم تفعيل النظرية على حكومة د. الببلاوى هل هى «ثعلب» أم «قنفذ» فلا يعرف أحد حتى الآن هل الحكومة تملك رؤية استراتيجية فى مجالات متعددة خلال المرحلة الانتقالية مثل «الثعلب» أم أنها مثل «القنفد» تركز على هدف واحد، مثل إزالة آثار الإخوان وإعداد الدولة لبناء ديمقراطى جديد واستعادة استقلالها على أساس أنها من أهداف ثورة 30 يونيو. لقد اشتد الجدل حول حكومة د. الببلاوى، فالبعض يطالبها بتنفيذ أهداف الثورة، وآخرون يشددون على أهمية أن تسير فى الملفات المختلفة (الاقتصادية والاجتماعية والسياسية) حتى تنطلق مصر، لكن الحقيقة أن أداء الحكومة فى الجانبين سيئ، فلا هى اهتمت بإزالة آثار الإخوان وساندت الأمن بقوة ودافعت عنه سياسياً، ولا هى اهتمت بأمور الاقتصاد والعدالة الاجتماعية وإعادة ترتيب البيت المصرى.. وإذا كانت حكومة الببلاوى قد جاءت فى ظروف أفضل بكثير من كل الحكومات المصرية، حيث ضمت عناصر متميزة وحظيت بشعبية كبيرة لدى المصريين والإعلام والقوى السياسية «باستثناء الإخوان» لكنها لم تحقق المأمول بعد 50 يوماً من تشكيلها، وأصبحت محل انتقاد من الجميع بسبب أدائها البطىء والمرتبك وعدم وضوح رؤيتها وافتقادها العمل الجماعى، وبدأت عودة المظاهرات الفئوية، بل إن عدداً قليلاً من وزرائها هم من أثبتوا جدارة حتى الآن.. وبالطبع يتحمل د. حازم الببلاوى المسئولية عن كل هذه الأخطاء، بعد أن انشغل أعضاء حكومته بمبادرات تصالحية وغير واقعية، وإلغاء الطوارئ، وحظر التجول فى الوقت الذى انفصلوا فيه عن حلف ثورة 30 يونيو التى أتت بهم إلى الحكم، ولم يحاولوا رأب الصدع فى هذا الحلف الذى بدأ فى التشتت، أى إنهم حرصوا على مصالحة الإخوان ولم يحاولوا إذابة الخلافات بين حلف 30 يونيو أو حتى تحقيق أهداف الثورة. على د. الببلاوى أن يحدد هويته الحكومية للشعب بنفس النظرية التى ذكرها.. «ثعلب» أم «قنفذ»، حتى لا يضع نفسه فى الخانة ذاتها التى تضم الحكومات الفاشلة مثل د. عصام شرف أو د. هشام قنديل، رغم أن ظروفه أفضل.. خاصة أن هاتين الحكومتين تسببتا فى ضياع ثورة 25 يناير، فهل يسلك الببلاوى طريق الإخوان «القنفد» لتحقيق أهداف ثورة 30 يونيو أم يتبع طريق الأحزاب الأخرى «الثعلب» ويضيع الثورة كما أضاعوا هم ثورة 25 يناير؟!.