رغم الفشل الدستورى لنظام القائمة فى الانتخابات البرلمانية، حيث حكم بعدم دستوريته فى المرات الثلاث التى طُبق فيها، فإن بعض الأحزاب ما زالت تطالب به وكأنها تهوى «عدم الاستقرار»، فعلى مدى تاريخ مصر النيابى كانت الانتخابات بالنظام الفردى باستثناء 3 مرات فقط، أعوام «1984 - 1987 - 2011»، قضت المحكمة الدستورية ببطلان البرلمان وإعادة الانتخابات.. وبعيداً عن أن النظام الفردى هو الأسهل للمواطن المصرى البسيط، فإن نتائج القوائم فى الانتخابات السابقة تكشف عجز مثل هذه الأحزاب عن تحقيق نتائج طيبة للتيار المدنى، فقد سارت وراء الإخوان فى ضرورة إقرار القائمة خلال عهد المجلس العسكرى وضغطوا من أجل إقراره، بل وغضبوا وهددوا بالانسحاب عندما اقترح أن يكون النظام الانتخابى ب«50٪ قائمة، و50٪ فردى»، واستجاب المجلس العسكرى وأجريت الانتخابات بنظام ثلثين للقائمة وثلث للفردى، وكانت نتائج القوائم اكتساحاً للأحزاب الدينية التى فازت بنسبة تفوق 70٪ بواقع 233 مقعداً «127 للحرية والعدالة و96 للنور و10 للوسط»، أما الأحزاب المدنية الرئيسية، فحصلت على 22٪ بواقع 76 مقعداً فقط «36 للوفد و33 للكتلة التى ضمت المصريين الأحرار والمصرى الديمقراطى والتجمع و7 لائتلاف الثورة مستمرة»، كما أن هناك 21 حزباً مدنياً لم تستطع تحقيق نسبة 0٫5٪ للحصول على أى مقعد.. وبالتالى فإن الأحزاب تبحث عما يحقق نفوذاً لقياداتها فى الاختيار، وليس ما ينقذ مصر فى الفترة الحالية أو حتى يحقق مكاسب لهذه الأحزاب. أما ما يردده البعض من أن القوائم تتيح فرصاً لدخول نوعيات من النخبة يحتاجها البرلمان لا تستطيع النجاح عبر النظام الفردى بالإضافة إلى ضمان تمثيل متميز للمرأة والأقباط وشباب الثورة فمردود عليه بأن تجربة قوائم انتخابات 2011 لم تحقق أياً من هذه المزايا، فغاب شباب الثورة إلا ما ندر ومعظمهم دخل بالنظام الفردى، ونسبة الأقباط كانت ضعيفة جداً، أما تمثيل المرأة فجاء متراجعاً أيضاً من حيث العدد والنوعية.. وبالتالى يجب البحث عن آليات أخرى لضمان تمثيل عادل لهذه الفئات، أما الكلام عن إدخال نوعيات من النخبة، فيحتاج إلى تواصلهم مع الشارع وإعادة تقسيم الدوائر بشكل يضمن تمثيلاً أمثل لكل المناطق.. ولا يجب أن ينسى إحدى مزايا النظام الفردى فى ارتباط النائب بالدائرة والناخب بعيداً عن مصالح وتوجهات الأحزاب وسهولة التصويت، فيمكن أن تكون الانتخابات المقبلة بالفردى لحين تقوية الأحزاب الحالية، خاصة مع عدم وجود فوارق كبيرة بين برامجها بدليل ظاهرة انتقال النواب بين الأحزاب المختلفة، أما حجة صعوبة تشكيل الحكومة من خلال الفردى فمردود عليها بأن معظم النواب يجنحون للانضمام للأحزاب بعد نجاحهم. أزمة القائمة تتمثل فى اتساع دوائرها بما يتيح الفرصة للأحزاب الدينية التى تملك أموالاً وعناصر تنظيمية كثيرة للتفوق.. أما ضيق الدوائر الذى يتم مع النظام الفردى، فلا يوفر لهم هذه الفرصة.. أما فكرة عودة أصحاب الأموال والعصبيات، فإن زيادة نسبة التصويت من الشعب تقضى على هذه الظواهر.. كما أن إلغاء نسبة العمال والفلاحين سيتيح تقسيم الدوائر بشكل أفضل، بل وتضييقها، فيمكن أن تكون الدائرة لمقعد واحد.. وبالتالى فإن النظام الفردى سيظل هو الأمل، ولو لمرحلة انتقالية، فى بناء حياة ديمقراطية سليمة، بل وتجديد الأحزاب التى يحاول قادتها التمسك بالقائمة من أجل إرضاء قواعدهم أملاً فى الاستمرار فى مقاعدهم!!