تساءلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية بشأن الكيفية التي سيهدد بها إجراء عمل عسكري حيال سوريا ميزان القوى الهش في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما وأن أعمال العنف في سوريا أثرت بالفعل على دول الجوار ودعمت شوكة الجماعات الجهادية. ولفتت الصحيفة البريطانية، في مقال تحليلي أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم، إلى أنه من المؤكد أن أي ضربة صاروخية مهما كان نوعها ستؤدي إلى رفع درجة حرارة الوضع السياسي في المنطقة بأسرها، ولكنه ما ليس واضحا هو هل ستكون هذه الحمى مؤقتة أم دائمة. وأشارت الصحيفة إلى أن العالم سينظر إلى الضربة العسكرية المحتملة ضد سوريا باعتبارها تدخلا عسكريا جديدا تقوده الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط، بغض النظر عن مبررات تلك الضربة، على غرار ما حدث في العراق وأفغانستان والصومال وليبيا ولبنان خلال العقود الماضية. واعتبرت الصحيفة أن مبررات بريطانيا وفرنسا، وهما قوتان استعماريتان سابقتان في المنطقة، ربما تعتمد على أسس أخلاقية بحتة، وهي حماية المدنيين الأبرياء من الأسلحة الكيميائية التي يستخدمها الرئيس السوري بشار الأسد ضدهم. وتابعت قولها "إلا أن هذه المبررات قد تكون لكسب الدعم الشعبي الأوروبي وقد تجد لها صدى هناك، ولكنها لن تلقى أي صدى في الشرق الأوسط"، وتساءلت الصحيفة عما إذا كانت الضربات الجوية ستؤدي إلى توسيع رقعة النزاع السوري الدامي في دول المنطقة، لافتة إلى أن المهم هنا هو أن يؤخذ على محمل الجد مدى تأثير الصراع في سوريا في الوقت الحالي على استقرار دول الجوار. وأردفت تقول "إن تنظيم دولة العراق الإسلامية، وهو أحد فروع تنظيم القاعدة ويقاتل مسلحوه في سوريا والعراق، أصبح قويا بفضل الوضع في سوريا، وهو المسؤول عن التفجيرات الإرهابية الأخيرة التي وقعت في العراق، والتي تعد الأعنف منذ عام 2008". أما عن تركيا، فذكرت الصحيفة أنه من المؤكد أنها ستؤيد العمل العسكري الأمريكي ضد سوريا؛ وسيعتمد وضع تركيا خلال المرحلة المقبلة والدور الذي قد تلعبه على ما إذا كانت واشنطن ستستخدم القاعدة العسكرية الجوية على أراضيها في انجرليك جنوب شرق تركيا أم لا. ونوهت الصحيفة إلى أنه من المعروف أن تركيا، التي تمتد حدودها مع سوريا لنحو 560 ميلا، تدعم المعارضة المسلحة في سوريا وهو ما أثار غضب المعارضة التركية التي كان لها ظهورا على الساحة منذ أشهر احتجاجا على سياسات الحكومة التركية. أما لبنان، فيبدو أنه يعاني بالفعل في ظل تصاعد الأزمة السورية وسط تفجيرات تستهدف الشيعة والسنة، وتعرض سوريا لضربات جوية سيؤثر بالسلب على لبنان المجاور وسيزيد من حد التوترات، على حد قول الصحيفة. وألمحت الصحيفة إلى أن الأردن كالعادة يحاول تحقيق التوازن بين القوى المتنافسة، حيث قال متحدث حكومي إن "بلاده لن تكون أبدا قاعدة لتوجيه ضربة ضد سوريا"، إلا أن هذه التصريحات تأتي وسط تقارير عن أن الأردن في الواقع قاعدة تستخدمها الاستخبارات الأمريكية "سي آي إيه" لتدريب المعارضة السورية بدعم من المملكة العربية السعودية. ورأت الصحيفة أن إسرائيل تقع في موقف متناقض، فمن جهة ستكون سعيدة للتخلص من الأسد، وأن ترى سوريا مدمرة، التي كانت قلب المعارضة لإسرائيل منذ 40 عامًا، ومن ناحية أخرى، تخشى أن تحل محل الأسد سلطة أكثر فوضوية وخطورة تضر بمصالحها. واختتمت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية تحليلها، مؤكدة أنه أيا كان ما سيحدث، فإنه سيخل بتوزان القوى، ولن يؤثر على الصراع داخل سوريا فقط، بل وعلى المواجهة الإقليمية بين السنة والشعية في سائر أرجاء المنطقة.