منذ أيام أعلن مجموعة من النشطاء -لا أعلم ما وظيفة الناشط حتى اليوم- إحياء جماعة أطلقوا عليها «الإخوان المسيحيين»، تقليدا أو غيرة أو ربما محاولة لإسقاط جماعة الإخوان المسلمين، أو الهجوم عليها، وكل هذا ليس مهما. المهم أن هؤلاء قالوا: إنها جماعة سياسية اجتماعية توعوية تقوم على الانتشار الشعبى فى المحافظات، وممارسة نشاط توعوى ينقسم لشقين؛ الأول: «إحياء التراث القبطى والحفاظ على اللغة القبطية وحماية الهوية القبطية من الاندثار»، وهذا فى رأيى لا يفيد ولا يضر أحدا، والثانى: «عمل توعية سياسية فى إطار مبادرة (محو الجهل السياسى بالتعليم) وهى مبادرة لا تقتصر على الأقباط»، هكذا قالوا، وهنا يكمن الخطر، فماذا تعنى هذه الجماعة بأن محو الجهل السياسى بالتعليم لا يقتصر على الأقباط؟ فمالهم ومال غير الأقباط، ومن قال لهم إن المسلمين يريدون من هؤلاء الطائفيين تعليما، أو محو جهل، وأى جهل سياسى هذا الذى يريدون محوه؟ اللهم إلا إذا كانوا يقصدون محو الإسلام السياسى ونشر المسيحية السياسية، ولم لا؟ أليس من بين هؤلاء من خرج يوم أحداث ماسبيرو المشئومة يهتف بطرد المسلمين من مصر العربية، وقتلوا عددا من جنود الجيش لأنهم مسلمون؟ أم يقصدون بث بذور الفتنة فى المجتمع عن طريق ترويج الأكاذيب التى تتحدث عن تنازلات عن سيناء للفلسطينيين وحماية إسرائيل، ووجود مخطط لتقسيم مصر على أساس طائفى، وهو مخطط غير موجود إلا فى خيال الأمريكان والصهاينة وأقباط المهجر وأتباعهم من ضعاف النفوس فى هذا الوطن المغلوب على أمره. على الإخوان الجدد أن يعلموا أنه لا يوجد مصرى وطنى واحد يحب هذا البلد يصدق مثل هذه الشائعات، أو يخشى من مخططات مزعومة لتقسيمه، لأن مثل هذا لن يتم إلا بعد فناء 80 مليون مصرى، فمصر ليست السودان أوالعراق، هذا بخلاف أن تقسيم السودان لم ينشر الخير فى ربوعها، بل إنه لم يزد مسيحييه قبل مسلميه إلا فقرا، أما العراق، فالعالم كله يعلم أنه فى ظل الوجود الأمريكى والتقسيم هرب منه معظم مسيحييه، وعجز الأمريكيون حتى عن حماية أنفسهم قبل أن يفروا مذعورين، رغم ما فعلوه فى هذا البلد من تخريب وتدمير ما زالت آثاره مستمرة إلى اليوم. عليهم أن يعلموا أن ما يبثونه من شائعات لن يؤدى إلا إلى تدمير المجتمع، وأنهم سيكونون أول من يحترق بالنار التى يسعون لإشعالها، فنار الفتنة دائما ما تبدأ بحرق مشعليها، فضلاً عن أن الكثيرين ينادون اليوم بحل الإخوان المسلمين، لأنه بعد الثورة، وبعد أن أصبح للجماعة حزب سياسى يعبر عنها، لم يعد هناك ضرورة تستوجب بقاءها، لذلك أدعوا الإخوان المسيحيين إلى أن يلتزموا الدفاع عن قضاياهم، هذا إذا كانت لديهم قضايا، وألا يتدخلوا فى شئون غيرهم، وأن يتوقفوا عن ترويج الأخبار التى لا تهدف إلا إلى بث الخوف والفتنة والفوضى وإن كنت أفضل أن يتم حل هذه الجماعة غير القانونية، وأمام أعضائها الانضمام للأحزاب السياسية التى يدافع بعضها عن المسيحيين أكثر من المسيحيين أنفسهم، قبل أن يقع المحظور، وتحدث الفتنة، يومئذ لن ينفع الندم.